ذكرنا في الحلقة السابقة ان الذي يفهم قراءة ألف باء التاريخ لا يندهش أبداً عند سماعه ان الغالبية العظمى من قبائل الجزيرة العربية ارتدت عن الاسلام بعد وفاة النبي محمد (ص)، حيث كان السيف وحده هو مَن ضبط ” الايقاع ” بين دولة النبي محمد الفتية في المدينة المنورة وبين هؤلاء ، على الرغم من ارسال بعض من يعلمهم أمور الدين ; بدليل ان أكثر من ٩٠% من ال ٧٣ سرية التي بعثها الرسول محمد (ص) كانت للهجوم على تلك القبائل … وقد اخبرتكم في أحد مقالاتي السابقة ان الرسول محمد بعث علي بن أبي طالب في السنة السادسة للهجرة بسرية تتكون من ١٠٠ فارس الى قبيلة سعد بن بكر في فدك ( تبعد عن المدينة ٦ أيام على ظهر الجمل ) بسبب تحالفها مع جيرانها يهود خيبر .. وقد أغار عليهم علي ليلاً وقتل من قتل منهم وأخذ كل مواشيهم ( ٢٠٠٠ شاة ) وإبلهم ( ٥٠٠ جمل ) ، عدا الشاة العقور ( صعبة الانقياد ) وعاد بتلك الغنائم الى المدينة كما يحدثنا التاريخ عن تلك السرية .. لذلك كانت قبيلة سعد بن بكر من ضمن القبائل الخمسة ( هوازن وثقيف وغيرها ) التي شاركت بعد سنتين من هذه الحادثة بالهجوم على النبي محمد وجيشه في معركة حنين ، التي كما قلنا كادت تلك المعركة أن تقضي على الاسلام وأهله ..
ليس عندنا شك ان القهوة والكروسان التي قدمتها زوجة مالك بن نويرة ، ليلى بنت سنان الى خالد بن الوليد والتي لم ” يشربها ” لحد الآن قد بردت وتحتاج الى تسخين ! ولكن صبركم علينا لأن مواقع شيعة خميني تقول انه لم تحدث ردة وإنما رفض قبائل الجزيرة العربية ” لإمامة ” أبي بكر هو سبب امتناعهم عن دفع الزكاة ، ويعتقد شيعة خميني ان قبائل الجزيرة العربية كانت تريد علي بن أبي طالب بدلاً من أبي بكر – حيث خرجت قبيلة سعد بن بكر التي أغار عليها علي بن أبي طالب بالأمس وترك اطفالها لعدة أيام يصرخون من الجوع بدون حليب ; خرجت تلك القبيلة ومعها هوازن وثقيف ومعهم سجاح التميمي وزوجها مسيلمة ” الصادق ” يهتفون – علي وياك علي .. علي وياك علي !! جهلة جهلة جهلة …. اذاً الردة عن دين محمد حدثت فعلاً وكانت أكبر خطر واجهه الاسلام منذ نشأته ; فإذا كان تحالف خمس قبائل فقط كاد أن يقضي على الاسلام في حنين والنبي محمد بينهم يصرخ في تلك المعركة الشرسة ” أنا النبي لا كذب .. أنا ابنُ عبدالمطلب ” ، فكيف بردة أكثر من ضعف عدد تلك القبائل والنبي توفى !!؟؟ لذلك كان الهجوم خير وسيلة للدفاع حتى لا تتجمع تلك القبائل على قلب رجل واحد كما فعلت في حنين ; فكان أخطر وأشجع قرار اتخذه الخليفة الجديد أبو بكر بإرسال الجيش الاسلامي الى ديارهم بقيادة فارس الجزيرة العربية خالد بن الوليد ..
هل قدمت زوجة مالك بن نويرة ، ليلى بنت سنان قهوة الصباح مع الكروسان الى خالد بن الوليد اثناء اجتماع خالد مع زوجها لحثه على الابتعاد عن مدعية النبوة سجاح التميمي ودفع الزكاة كما كان يفعل في عهد الرسول ؟ .. هل تزوج خالد بن الوليد ليلى بنت سنان بعد قتله زوجها ، وما هو رأي ليلى بنت سنان بهذا الزواج ؟ .. اذا كانت ليلى بنت سنان من النوع من النساء الذي يشارك الرجال في اجتماعاتهم المهمة ، فقطعاً هي امرأة مهمة ولها صوت مسموع وليست ” صفر على الشمال ” .. لذلك نعيد عليكم نفس السؤال السابق : ما هو رأي ليلى بنت سنان بهذا الزواج الجديد ؟ … خالد بن الوليد خاض أكثر من مائة معركة ، التاريخ اخبرنا انه انتصر في جميعها ولم يخبرنا انه ” زنا ” بنساء عدوه ; فالقائد العسكري الناجح يعيش حياة جنوده ، فلا يحلل لنفسه شيء ويمنعه عن جنوده لكي يضمن ولائهم المطلق له … قبل أقل من ٦ أشهر من انطلاق خالد بن الوليد في قيادة حروب الردة ، أي في الشهر الحادي عشر من السنة العاشرة للهجرة كان خالد بن الوليد يقود معارك فتح المناطق الوعرة العصية من اليمن ( وقد تكون في محافظة صعدة الحالية !!) حيث بعثه الرسول محمد (ص) لفتحها .. تقدم خالد وانتصر في أول معركة وبعث الى النبي محمد يطلب منه أن يرسل شخص من المدينة ليقسم الغنائم ويرجع بالخمس حتى يذهب الجيش الى منطقة أخرى ، وكان بين الغنائم امرأة جميلة كما يصفها صحيح مسلم في كتابه .. بعث الرسول علي بن أبي طالب الى اليمن فوصل قبل الحج ، قسم علي الغنائم وجعل المرأة الجميلة من حصة الخمس ، وأخذ علي تلك المرأة الجميلة ونام معها في معسكر جيش خالد .. خرج علي وشعره ينقط ماء ( استحم من الجنابة !!) … فلو كان خالد لا يعرف ” الأصول “، لقضى ليالي حمراء مع تلك المرأة الجميلة لحين وصول علي !! فعلاً جهلة جهلة جهلة … اذاً علينا أن نسمع رأي ليلى بنت سنان في موضوع الحلقة ، فرأي قرائنا الأعزاء غير ” مهم ” !!
في المقالتين القادمتين ، سوف اصدم قرائي من الشيعة والسنة ، المعتدلين منهم والمتشددين بتسليط الضوء على نقطة في صلب العقيدة الشيعية (المقالة الأولى) والعقيدة السنية (المقالة الثانية) ليكتشفوا انهم في تلك يقفون فوق رمال متحركة ; عسى أن نقنعهم ان الاسلام واحد ، لا شيعي ولا سني .
ملاحظة خارج النص : لحد يوم الأحد الماضي كتبت الصحافة العالمية ومحطات التلفزيون وغيرها أكثر من ٦٠٠٠ مقالة وخبر في ٦٨ دولة حول العالم عن الصحافي السعودي المختفي جمال خاشقجي ; بينما كتبت ” ٦ ” مقالات يتيمة في ” ٦ ” دول فقط عن الصيني رئيس شرطة الانتربول الدولية الذي اختفى قبل الخاشقجي بعدة أيام !!! علماً انها هي المرة الأولى التي يختفي فيها رئيس شرطة الانتربول الدولية منذ أن خلق الله آدم ، والمرة ال ١٠٠٠٠٠٠ التي يُقتل أو يختفي فيها صحافي !!! مع احترامنا لمهنة الصحافة ..
قبل عدة سنوات زارت ابنتي الفاتيكان في روما . وأثناء الجولة في الفاتيكان وقف فجأةً الدليل السياحي عند لوحة زيتية كبيرة لرجل والتفت اليهم الدليل السياحي وقال ” يجب أن تشكروا هذا الرجل ، فلولاه لكنت الآن أتحدث اليكم بالعربية ، فهو الذي أوقف زحف العرب المسلمين في فرنسا وأوروبا ” !! فهؤلاء مثل الفرس لا ينسون ما فعل بإمبراطورياتهم فرسان الجزيرة العربية (خالد بن الوليد وصحبه)، فهم يتحينون الفرص لتحطيم العرب .
