مع أني لم أطلع بعد على روايتك شرق الأحزان ، لكني قرأتها من خلالك .. وبغض النظر عن الميول الايدلوجية والبعد الزمني والمكاني لمدة عقد من السنين لعدم اللقاء الشخصي .. اجد من الضرورة أن أثبت بعض الحقائق عن عباس لطيف الإنسان والأديب الذي لم ياخذ فرصته الحقيقية ككاتب متميز له حضوره بين من عرفه.. ونحن أبناء جيل واحد ومدينة كادحة أنجبت الكثيرين من المبدعين الذين شهدت لهم الساحات الثقافية بصمت ووعي من الثقافة الملتزمة الهادفة, والأسماء لا حصر لها .. المهم الاديب عباس لطيف الانسان يمتلك الرؤية الانسانية لمغزي الوجود وبشكل بسيط لكنه ممنهج ويأتي هذا الفهم من التكوين الريفي الأصيل النقي الممزوج بفكر رائد والممتد الى مدينة الثورة وناسها البسطاء الذين لايحلمون بالقصور العالية ولا بتخمة الطعام , يقبلون بالبسيط المقبول الذي يجعلهم يستمرون في الحياة , هذا النقاء والتعفف منحه ومنح اهلها طاقة ليست عادية في التكيف مع اصعب الظروف .. لكنهم يبدعون ويتفوقون ..
والحقيقة الثانية علامات الوعي المعرفي لهذا الكاتب واطلاعاتة الواسعة والتي جعلت من حرفه وكلمته وجمله كائن حي يتنفس يكبر لكنه لايشيخ , ومن معرفتي الشخصية له عندما كنا نلتقي انا وهو والشهيد فليح وداي مجذاب هذا الانسان الرائع الراقي الجميل الذي أغتيل ظلما .. اكتشفت روح التمرد حد المغامرة في أن يقول ما يؤمن مع ضيق فسحة الحرية الممنوحة لأفكاره , لكنه يعلن عن ذاته المتدفقة بالحب والرغبة بالتطور والتكون الجاد الاصيل لهذا الوطن الذي نزف ولايزال ينزف, هو الرفض لواقع يراه لحد الآن لم يمنحه أو يمنح شعبه أستحقاقه من تقدم وتطور ملحوظ يشاهده في هندام الطالب في المدرسة وفرح الناس في الشوارع وبحبوحة معقولة للمثقفين في العيش .. ويبدو أن شرق الأحزان قد يستمر ويعبر جيله الى حين .