لا أريد انتقص من بعض المكونات السياسية التي تسلمت زمام الأمور في العراق ، بقدر ما أعطي نقاط الخلل والضعف الإعلامي في داخل الكتل والتعامل مع وسائل الإعلام، الذي أثر وبشكل مباشر على سمعتهم ككيان سياسي يمثل شريحة مهمة من الشعب العراقي.
بعد عام 2003 ظهرت قوى سياسية ( سنية ) بمختلف مسمياتها وتبعيتها على الساحة، إلا أنها لم تحقق شيئا لجمهورها، لا من قريب ولا من بعيد، فكان غياب الرؤية ووحدة الصف أهم وأبرز نقاط الضعف السياسي، فضلا عن عدم وجود رؤية إعلامية يمكن أن تكون منطلقاً للتثقيف والترويج وبيان الرؤية الموحدة.
استبشرنا خيراً أن يتفق الساسة السنة ( وهذا محال ) في خيمة واحدة وكتلة واحدة ربما تخدم أهلهم ومنتخبيهم، لكن واقع الحال تبين عكس ذلك، فاتحاد القوى العراقية والذي يضم شخصيات سياسية سنية مشتركة في الحكومة والبرلمان لم تكن مواقفه بمستوى الطموح، إزاء آلية تشريع القوانين والتصويت عليها داخل قبة البرلمان، والأدهى من ذلك عدم وجود شخصيات ( سنية) تظهر عبر الإعلام وتتحدث وفق منطق واحد، وكلمة واحدة، ورؤية واحد لأقناع الأطراف السياسية الأخرى وتوجيه رسائل إيجابية لشرائح المجتمع الأخرى، فضلا عن وجود شخصية سياسية سنية ( واحدة ) يمكن أن تتحاور وتتناقش وتقود مكون بأكمله .
في تقديري أن تحالف القوى العراقية يعاني من انقسام حاد وتشظي في صفوفه، أضف لذلك عدم وجود ماكنة إعلامية واحدة وواسعة تكون قاعدة رئيسية للتثقيف على الخط السياسي الذي يريده الجمهور، مقارنة بالتحالف الوطني الذي يمتلك مساحة واسعة من المحللين والنواب الذين يتحدثون عبر الإعلام لتسليط الضوء على مواقفهم في مختلف القضايا، وهذا هو الخطأ الفادح الذي وقع به قادة الاتحاد حتى اللحظة، والحديث عن الإمكانيات المادية واللوجستية موجودة ويمتلكها قادة اتحاد القوى، ولكن مع الأسف لا يمتلكون محللين وناشطين وصحفيين ( إلا القليل منهم وهم خارج العراق ) يتحدثون عبر الإعلام ، علماً أن هؤلاء لا يمثلون اتحاد القوى ولكن يتحدثون بصفتهم ساسة ينتمون للمكون السني، فضلا عن اعتذار الكثير من الشخصيات السنية السياسية للحديث عبر الإعلام والمحطات الإعلامية المتلفزة للرد على موقف معين، هو من أبرز أسباب الفشل السياسي الذي أصبح واضحا للعيان وبشكل علني ما أثر على مستقبل المحافظات السنية التي انتجت نازحين ومهجرين وبطالة، وهذا أنتج أيضا فقدان الثقة بالمكون السياسي ( السني) الذي يمثلهم.
في اتصال مع أحد الشخصيات في اتحاد القوى العراقية ، طلبت منه الظهور في لقاء معي متلفز، اشترط وطلب بالنص ( لا أريد أظهر مع شخصية أخرى من كذا كتلة ) وأعتقد أن السبب هو عدم امتلاك ثقافة الرد والحجة والبرهان وعدم امتلاكه إمكانية في الرد على الأصوات الأخرى.
السؤال هنا .. هل يتمكن اتحاد القوى العراقية من تجاوز الفشل الإعلامي المحيط به ؟ الجواب ممكن أن أدرجه بعدة نقاط .
أولاً: الاتفاق على 10 نواب معتمدين مثقفين يمتلكون ثقافة الرد والحوار والظهور في أية محطة إعلامية وفي أي ظرفٍ كان، وأن يتجاوز التحجج في موضوعة ( لدينا اجتماع مع كذا وكذا ) وفي حال الاستمرار في الاعتذار إلى المحطات الفضائية اعتقد أن الصورة ستكون ثابتة عليهم في الضعف والفشل.
ثانيا : كل كتلة سياسية لديها متحدث رسمي أو إعلامي معتمد يظهر اعلاميا ويرد ويناقش وهذا ما لم نشاهده في اتحاد القوى العراقية، وذلك بسبب تعدد القرارات وعدم الاتفاق على رؤية موحدة لهذا الموضوع.
ثالثا: انشاء محطات إعلامية قادرة على استقطاب الأطراف الأخرى وفق مبدأ الحوار والإقناع والتفاهم، وهذا حق مشروع لأي كيان سياسي مشارك في العملية السياسية، وفي حال تفعيل هذا القنوات ستثمر إعادة بناء الثقة مع الجمهور أولاً والكتل السياسية ثانياً، بشرط استقطاب وجوه إعلامية تدير هذه المؤسسات والمحطات لديها القدرة على إدارة الملفات وفق خطة متفق عليها ، لا ان تاتي بشخصيات لا تعرف معنى الاعلام والصحافة وتاتي بشخصيات وفق المحسوبية .
رابعا: تأسيس مواقع إخبارية ناطقة وبشكل صريح بأسم اتحاد القوى على ان لا تقل 20 موقعا اخباريا لتبيان مواقفه الاتحاد الداخلية والخارجية إلى الرأي العام، إضافة إلى استقطاب كفاءات علمية وأساتذة مختصين يتحاورون مع الأطراف الأخرى وفق مبدأ الهدوء والاقناع بعيدا عن النعرات الطائفية والمهاترات التي سئمنا منها..
إضافة إلى النقاط المذكورة، فإن تأسيس ((هيئة استشارية إعلامية عليا)) ( مختصة) في اتحاد القوى تتفق على أسس ثابتة، وتتأقلم مع مجريات الاحداث السياسية وتقلباتها ، بالتالي فأنها ستثمر بحالٍ أفضل على المستوى السياسي والاعلامي للكتلة، سيما وأن الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت السياسية والمرحلة المقبلة تحتاج إلى رجل واحد تتفق عليه الأطراف السياسية ( السنية ) بشكل موحد وهذا مستبعد في ظل أجواء الانقسام والتشظي داخل الساسة السنة.