23 ديسمبر، 2024 5:22 ص

الى أنظار الرب والمسؤولين: الهم إمحق العراق.. شعبا وحكومة 

الى أنظار الرب والمسؤولين: الهم إمحق العراق.. شعبا وحكومة 

يكفي أن أدعو: “اللهم إلعن العراق.. إمحقه.. حكومة وشعبا وأرضا” كي يعرف الجميع، أنني حاولت تجديد جواز السفر النافد؛ فواجهت من العراقيل، ما تنوء بحمله الأقوام الهمجية في غابات أفريقيا والامزون، متذكرا كلمة قالتها لي صحفية فرنسية: “وجدتكم شعبا.. لا أحد يحترم أحدا”.
ما لاتعرفه تلك الزميلة، أننا شعب لا يكتفي بتبادل عدم الإحترام، إنما كل فرد فيه، يستغل منصبه، في إطلاق “السادية – تعذيب الآخر” الكامنة في ذاته، وسكبها على الآخرين حمما من منصهر بركاني، يمور في داخله.
شعب يتفنن في عرقلة شؤون بسيطة، وتحويلها الى خطب فظيع معقد المجريات، حتى لو خالف الموظف التعليمات التي تلقاها من رؤسائه؛ يعني موظفو الجوازات، برتبة لواء وعميد وعقيد ومقدم ورائد ونقيب وملازم أول وملازم ثانٍ ومفوض ورئيس عرفاء وعريف وشرطي أول وشرطي سادة، كل يبدع في إيجاد ثغرة، ينغص بها على المراجعين، وأحيانا بطلبات بلهاء لا موجب لها.. المهم أن يجلس وراء شباك، في غرفة مكيفة.. صيف شتاء، والناس يتدافعون متوسلين بتذلل يهين إنسانيتهم؛ عملا بالمثل الشعبي الذي إنتفى من كل بقاع الارض، وتجمع في العراق متكاثفا.. ثخين القوام، مثل زفت يغلي: “إذا حاجتك عند الكلب، قل له حجي كلبان” وفعلا.. مدني يقول لشرطي: “سيدي مشي معاملتي” ويقولها لموظف مدني أيضا.
المشكلة.. هم يريدون رشوى، والمواطن مستعد لدفع الرشوى؛ بدل سفح كرامته؛ وتناهى الى مسامعي همسا تعمدوا إيصاله الى أذني: “كلشي يمشي بالفلوس” فقلت: “العفو آسف للتطفل.. ممكن أدفع فلوس وتمشي معاملتي” فتنافجوا شرفا: “أستغفر الله.. هيجي شجعتوا الفساد”.
طيب ما المشكلة؟ ثمة فلكس في بوابة الدائرة كتبت عليه تعليمات صادرة من مدير عام الجوازات: “عدم مطالبة المراجع بتأييد سكن ولا تبديل الجنسية او شهادة الجنسية، إلا إذا كانت تالفة الى حد أنها لا تُقرأ” فإستوقفت المدير، متذللا: “إستاذ تعليماتكم تقول تستبدل إذا تالفة الى حد لا تقرأ.. طيب هاك شوف مو واضحة الشهادة التي طلبتم إستبدالها وتقرأ” قال: “نعم تقرأ وغير تالفة، لكنها صادرة من نفوس الكيلاني الذي إحترقت أولياته” قلت له: “كلا أستاذ إنها صادرة من نفوس شارع المغرب، والعام الماضي.. 2015، أولادي صدرت لهم شهادة جنسية، بناءً على شهادة جنسيتي.. هذه نفسها.. من شارع المغرب”.
تركني وذهب، وبقيت أهمس للرب، متعمدا إسماع زملائه، غليان المنصهر البركاني، الذي يمور في داخلي: “اللهم لا تبارك بالعراق.. شعبا وحكومة وأرضا” متخليا عن فكرة تجديد الجواز وحسبي الله ونعم الوكيل؛ أستغني عن حضور معرض الكتاب، الذي دعيت له في “أبو ظبي” أنتظر بركانا يدمر العراق.. شعبا وحكومة وارضا.. كي أموت مع الـ 36 مليون، وأولد في بلد آخر، أجدد فيه جوازي من دون إذلال.