لايعرف الكثير حقيقة مهمة عن المملكة العربية السعودية وهي عدم تجانس هذه الدولة التي تحاول عبر اجهزتها الرسمية والاعلامية برسم صورة اخرى عن المملكة تبين للمتلقي تجانس هذه الدولة وانها ذات نسيج عرقي واحد وان المذهب الوهابي ( الذي يفرض بالقوة في مؤسسات المملكة ودوائرها التربوية والدينية وغير ذلك ) هو المذهب الوحيد والرئيس فيها في حين ان الحقيقة تنبئ بغير ذلك
وبعد ضم حائل واحتلال مكة والمدينة المنورة وجدة ومدن الحجاز الاخرى أعلن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عن صدور أمر ملكي بتوحيد البلاد تحت اسم “المملكة العربية السعودية” وذلك ابتداء من 23 سبتمبر 1932. هذه الدولة تقع في جنوب غرب آسيا وتشكل الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية إذ تبلغ مساحتها حوالي مليوني كيلومتر مربع.وعاصمتهاالرياض ومساحتها ٢٬١٤٩٬٦٩٠ كم²
وعدد سكانها( ٢٨٫٨٣ )مليون حسب اخر تعداد عام 2013
الحقيقة التي تحدثنا عنها ان المملكة متعددة الثقافات والمذاهب والأعراق والمناخات واللهجات والجغرافيا والتاريخ السياسي.وهو أمر لا تخجل من اعلانه البلدان بل والكثير منها يفتخر بذلك . وحتى لو رجعنا الى التاريخ الاسلامي وما تلاه او حتى ما كان قبله فهي لم تكن متجانسة ابداً
إن تصريحات امراء ال سعود بإن دولتهم سلفية ومع سياسات ممنهجة في هذا الاتجاه تقوم به جميع مؤسسات الدولة وتركز عليها وانفاق أموالا طائلة لاعلام يركز ويشوه الصورة ليقول ان السعودية كلها سلفية وإن جميع السعوديين هم سلفية وهابية
الاعلام العربي والغربي يستقي معلومات رسمية فتركزت الشبهة لديهم وأفضى ذلك شيئا فشيئا الى وجود كم هائل من المعلومات المغلوطة عن حقيقة المملكة وديموغرافيتها الدينية والسكانية والجغرافية ووضعها الداخلي مما جعل الأخطاء الكبيرة والتعميم صفة ملازمة للاعلام العربي والغربي.
وهنا يمكن ان نجزم ان السعودية بلد اقليات بعكس ما يروج له الاعلام السعودي وحتى الاعلام المدعوم من الامراء ببذخ شديد من انهم دولة سلفية ومجتمع سلفي فليس هناك اكثرية لاي مكون اجتماعي وديني فيها
فأذا اردنا ان ننظر الى المنطقة الوسطى من المملكة التي تضم
( النجديين ) وهي المناطق التي تدين بالولاء والمذهبية للامام احمد بن حنبل ذلك الامام الذي اشتهر مع ثلاثة اخرون اصطلح عليهم بـ
( الائمة الاربعة ) وهم الامام الشافعي والامام ابو حنيفة والامام مالك بن أنس
والواضح جلياً ان أبناء هذه المناطق ( النجدية ) التي تبلغ مساحتها 36.20% من مجمل مساحة المملكة. حيث يغلب عليها المذهب الحنبلي بقراءته السلفية الوهابية. ويعتبر علماء الوهابية هم عماد المؤسسة الدينية وهي من يتسنم جميع المناصب الدينية وهم أيضاً من يسيطر على كافة الحقول في الدين والقضاء والتوجيه والتعليم والتربية وكذلك المساجد والأوقاف وغيرها. ونذكر هنا ان سكان المنطقة لا تتجاوز نسبتهم نحو 32.12% من مجموع السكان،وحتى هذه النسبة يشكك بها البعض كونها احصاءات رسمية مغلقة
وأذا أردنا ان نذهب لمعرفة المنطقة الشرقية التي يمكن تحديد مناطقها بـ (القطيف والأحساء والدمام والهفوف) فالاكثرية الشيعية هي من تقطن هناك تقطنها أكثرية شيعية، وهم يشكلون نسبة كبيرة من السكان في المملكة تصل الى 15% من عدد السكان . ويبقى الغالبية العظمى من سكانها بعيدون عن المناصب الحكومية والرسمية في جميع مؤسسات الدولة بسبب الاختلاف المذهبي مع الوهابية
وتبلغ مساحتها 31.28% من مساحة المملكة ويبلغ تعداد سكانها حسب الإحصاء الرسمي فيما ان الخبراء والمراقبون بهذا الشان يشيرون الى عدة اماكن لتواجد الشيعة في المملكة عدا المنطقة الشرقية منها المدينة المنورة وجدة وحتى العاصمة الرياض .
كما ان المنطقة الجنوبية والتي تشمل مناطق (عسير وجيزان ونجران) التي تحادد الدولة اليمنينة والتي تشهد الان قصفا مدفعيا ومناوشات مع الحوثيين بسبب الحرب التي يشنها ال سعود ضد اليمن وجيشه فهي منطقة يتشابك بهاالنسيج القبلي والمذهبي .فترى المذاهب الإسلامية جميعها هناك بالرغم من الضخ المتواصل الفكري والمادي لجعل مذهب السلطة هو المذهب السائد هناك
فالمذهب الشافعي والمالكي والزيدي والاسماعيلي أيضا لهما حضوراً واضحا وتقطن نجران أغلبية كبيرة وساحقة تنتمي إلى المذهب الإسماعيلي
المذهب المالكي والشافعي ومجموعات دينية أخرى صغيرة من المذاهب الإسلامية الأخرى، بما مذاهب الزيدية والشيعة الجعفرية في المدينة المنورة، والشيعة الكيسانية في ينبع والفرق الصوفية.تتواجد في المنطقة الغربية والتي تطل على البحر الاحمر والإحصاءات الرسمية السعودية تقول ان عدد سكان منطقة الحجاز يقدر بـ 32.87% من مجموع سكان المملكة
وهؤلاء يشغلون مساحة تقدر بـ 21% من مجمل مساحة المملكة. والحجازيون لهم مرجعياتهم الخاصة وهم يميلون الى الازهر الشريف وكثير من ابناءهم كانوا يدرسون بالفعل هناك مع كثرة التقييدات من السلطة الوهابية ومن رموزهم السيد محمد علوي المالكي،الا انهم غيبوا عن القرار السياسي والاجتماعي ومناصب الحكومة والدولة
مع ان احصائيات السلطة نفسها تشير الى ان عدد السكان في الحجاز يبلغ نحو 32.87% من عدد السكان الكلي أي ثلث سكان المملكة
ان سياسات التشدد والاحادية والتطرف من قبل الوهابيين جعلت من هذا التميز المذهبي المتعدد بل أصبح محطة لتأزم المشهد بين الاطراف وبين القائمين على المؤسسة الدينية بسبب غياب الفهم من قبل اهل التشد والاقصاء والتكفير تجاه الاخرين في مساحة الوطن
وتظهر بعض الدراسات إن الظروف السياسية والمضايقات المستمرة من جماعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قادت العديد من الناس إلى عدم إظهار إنتماءهم المذهبي بصورة علنية،