كان دريد لحام مدرسا للكيمياء عندما قرر أن يستبدل المعادلات الكيميائية بقبقاب خشبي ، ليدخلنا معه الى عالم الكوميديا الغرائبية ، حيث وجه انظارنا واسماعنا الى المصائب التي تحيط بنا من خلال دراما ضاحكة وحادة وسياسية في نفس الوقت .
قبل أيام كنت اشاهد مقطعا قديماً يظهر فيه غوار الطوشي وهو يجلس الى احد زبائن الحمام ، حيث يخبره ان اسرة احد سكنة الحارة ستقيم دعوى ضد المختار ، والسبب ان جناب المختار كان يتحدث مع سكان الحارة عن متانة الوضع واستقراره وعن الرفاهية التي يعيشون فيها ، لكن المواطن المسكين ما ان سمع هذه الكلمات حتى مات من الضحك .
بالامس وانا استمع الى حديث امين بغداد السابق نعيم عبعوب يعلن للعراقيين جميعا عن استعداد سيادته لوضع رؤية عصرية لإعادة إعمار مدينة الموصل ، أخذت أضحك ، ثم بدأت أدمع من الضحك ، وفي النهاية خفت ان يكون مصيري مثل مصير جار غوار الطوشي .
السيد عبعوب بأبريحيته وروحه الفكهة ، يحتفظ بمخزون استراتيجي وافر من العبارات الرنانة يحرق بها دمنا صباحا ومساء ..طبعا اخبرنا السيد عبعوب ذات ليلة ” مقمرة ” انه قليل الظهور على شاشات الفضائيات ، وانه يرفض اجراء المقابلات ، إلا إذا كان لديه خبرا مفرحا
واعترف لكم ان لا شيء شخصياً، ضد السيد عبعوب ، فهو ظاهرة لطيفة يكاد أهالي بغداد يجمعون على خفة دمه ومفاجاته المثيره ، رغم ان المفاجأة الكبرى هذه المرة كان بطلها احد افراد عائلته ، ففي تقرير مصور نشرته وكالة بغداد اليوم اكتشفنا ان نجل السيد عبعوب “محمّد نعيم عبعوب”، نشر على صفحته في في موقع انستغرام، صورا لسيارات حديثة تتراوح اسعارها بين 150 الف دولار و60 الف دولار ، وعدد هذه السيارات تجاوز العشرة ، يقف امامها الابن ” الوديع ” باسما منتصرا ، يقدم الشكر لوالده الذي منحه هذه النعمة ” الفضيلة ” .
واعتذر لجنابكم لانني دُهشت للارقام التي نشرها التقرير وانواع السيارات واشكالها ، فانا مثل جميع العراقيين ، لا افرق بين البرازيلي والمسيوبشي ، واعتبر الجلوس في سايبا مبردة ، امتيازاً يجب ان أحسد عليه .
لعل الملاحظة الأساسية في حكاية السيد عبعوب وابنه ، هي متى تعلن الحقائق على العراقيين ، ، حتى يعرفوا جيدا من السارق.. وكيف تتم السرقات.. ومن يقف وراءها.. فجميل أن يلعب عبعوب دور أيزنهاور في مارشال اوربا ، ولكن الاجمل ألا يتم إخراج فيلم عبعوب وابنائه بنفس الطريقة التي تم فيها إخراج مسلسل فلاح السوداني ومن بعده التمثيلية القصيرة لايهم السامرائي ، وقبلهم سباعية صفقة الاسلحة الروسية التي قام ببطولتها علي الدباغ ، واموال اعادة الاعمار التي جعلتنا نستجدي الكهرباء والغاز والطماطة من دول الجوار .