يمتاز الأولاد في الاسرة المسلمة بخصوصية عن بقية الاخوة؛ لان نظرة المجتمع تعطي مكانة للولد مهما كان على بقية الاخوة من البنات، اما الولد الأكبر فهو يمتاز بقيمة أكبر خصوصاً اذا كان هو الولد الوحيد للعائلة.
والولد الأكبر في الاسرة قد يكون محظوظاً عندما يحظى برعاية خاصة في العائلة، وقد يكون غير محظوظ فيتكفل برعاية اخوته الصغار، ولا شك ان رعاية الاخوة امر عظيم الاجر وفضيلة كبرى يقوم بها الانسان، لكن ذلك قد يكون أحياناً على حساب حياة الأخ الأكبر باعتباره شاباً ويحتاج إلى زواج وتكوين عائلة.
ومن مشاكل الولد الأكبر انه أحياناً يريد أن يكون الكبير حتى مع وجود الأب فيمارس السلطة الابوية مع وجود الوالد، وهذه الحالة قد توقع جميع الأطراف في أخطاء جسيمة، فمن جهة يكون الأب أكثر حرصاً على مراعاة حقوق الأبناء من دون تفريق بين الجنسين، ومن جهة أخرى يكون الولد الأكبر مهتماً بممارسة السلطة الابوية مع وجود الأب وبصورة يشعر فيها أن قراره نهائي ولا يمكن تمييزه حتى من قبل الأب.
ويبقى الطرف الثالث رافضاً لسلطة أخرى غير سلطة الأب، ويصبح الامر بين السلطتين مرتبكاً خصوصاً عندما يضعف الأب امام تدخل الولد لأنه يساهم مادياً في مصروف العائلة.
ويمكن تصوير القضية بشكل اقل حدة من هذا، وهو ان الولد الأكبر وان كان لا يملك سلطة شرعية على الاخوة الا أن حرصه على ممارسة السلطة قد يكون من جهة الدراية والحرص الديني، وقد يكون من جهة شخصية صرفة، وفي الحالة الثانية لا يمكن السماح له بالتمادي على سلطة الأب ومكانته في نفوس الأبناء، واما في الحالة الأولى فمن المهم جدا الحرص على الاخذ برايه من قبل الأب ؛ لأنه يمارس سلطة الامر بالمعروف داخل البيت وهو أمر يكشف عن حرصه وكياسته ورشده الديني.
ومن هنا فسلطة الولد الأكبر المبكرة ليست شراً دائماً؛ لأنها تأخذ عنوان الهدف الذي يحرك الولد باتجاه الممارسة المبكرة، والموقف من هذه الممارسة يقتضيه تشخيص الهدف المحرك، وربما يكون الولد الأكبر أكثر قدرة على تشخيص مشاكل اخوته النفسية والاجتماعية بحكم قرب عقليته من عقليتهم؛ ولذلك من المناسب ان يكون عمر الأب قريباً من عمر الأب حتى يفهم ما يدور في باله من هموم ومشاكل.
واللازم أن ينظر إلى الرغبة في ممارسة سلطة الأب من قبل الولد الأكبر بنظرة دقيقة، فقد يكون معوقاً للاب في الاسرة وقد يكون معيناً له في مهامه الاسرية.