قطع السيد نوري المالکي رئيس الوزراء الشك باليقين عندما أبدى نيته للترشح لولاية ثالثة في ظل عراق يخضع لتهديدات مختلفة و ظروف و اوضاع ضبابية و غير مستقرة والذي يبدو واضحا لحد ان تصريح المالکي هذا لم يلقى أي ترحاب او قبول من جانب مختلف الاحزاب و التجمعات و الکتل السياسية العراقية.
الولاية الثانية للسيد المالکي و التي يمکن القول بأنه قد أخذها”إغتصابا”، ورغم أنف معظم القوى العراقية، قد کانت بفعل نفوذ النظام الايراني غير العادي في العراق، لو اننا وضعنا کل الانتقادات و التحفظات الموجودة ضدها جانبا و أردنا تقييمها بعيدا عن الاهواء و الامزجة، فإنها لاتمتلك حظا لکي تحوز على درجة مقبول و بتواضع، لأن محصلة نتائجها و حاصل تحصيل ماأنجزته ليس لم يقدم أي شئ يذکر للشعب العراقي وانما ساهمت أيضا في زرع ظلال داکنة من حالة سلبية غريبة من نوعها لم يسبق للشعب العراقي ان رأى مثلها أبدا.
إنحدار الاوضاع في العراق و بصورة عامة نحو نوع من التأزم المصحوب بتعقيد غير مسبوق، لايمکن إعتبارها مجرد عارض او مسألة تلقائية حدثت من تلقاء نفسها، وانما هي نتيجة رد فعل و إنعکاس عملي و واقعي للسياسات غير السليمة للسيد المالکي و التي لم تأخذ مصالح الشعب العراقي و أمنه و استقراره بنظر الاعتبار وانما رکزت کل جهدها من أجل تلبية و تحقيق أجندة خاصة للنظام الايراني لاعلاقة لها لامن بعيد و لامن قريب بالشعب العراقي، خصوصا وان الرائحة النتنة للطائفية المقيتة باتت تطل برأسها على العراق و تهدد أمنه الاجتماعي بشکل غير عادي والذي يلفت النظر اننا عندما نعلل هذا الفوران الطائفي الذي ينتاب العراق و من المستفيد الاکبر من وراءه لوجدناه النظام الايراني دون سواه.
الولاية الثالثة للسيد نوري المالکي، تأتي في ظل ظروف و أوضاع ضبابية يمر بها العراق، وفي ظل ظروف إقليمية حساسة جدا عطلت و أربکت و شوهت موقف و دور العراق على الصعيد العربي، مثلما سحبت منه إستقلالية القرار السياسي و سيادته، وان المتتبع لما جرى في العراق خلال ولايتين للسيد المالکي يجد أن الخط السياسي العام کان يجنح دائما بإتجاه سياقات و إتجاهات تخدم مصلحة النظام الايراني دون غيره بل وحتى انها کانت و من فرط تبعيتها و إنحيازها الى هذا النظام تخلق حالة بحيث تطعن و بصورة واضحة جدا في شرعية و حقانية القرار السياسي العراقي، تماما کما حدث و يحدث مع مشکلة الهجوم المباغت الدموي الذي جرى على معسکر أشرف للمعارضة الايرانية يوم الاول من أيلول السابق و قتل على أثره 52 و تم إختطاف 7 آخرين، حيث تحاول حکومة السيد المالکي تقديم”عذرا أقبح من الذنب”، عندما تؤکد بأن لاعلاقة لها بالهجوم و تنفي في نفس الوقت تواجد المختطفين السبعة لديها، رغم أن القرائن و الادلة التي ساقتها المقاومة الايرانية تثبت خلاف ذلك تماما و تؤکد ضلوع حکومة المالکي في ذلك الهجوم الذي نفذته الفرقة الذهبية.
على صعيد الاوضاع في سوريا، فإن موقف الحکومة العراقية لايزال يسير بإتجاه ينطبق تماما مع توجهات و مصالح النظام الايراني، کما ان إبتعاد العراق عن محيطه العربي و حتى الاسلامي، تدل کلها على أن هناك ثمة أيادي معينة تريد أن تقود بسياسات العراق بإتجاه ضيق يلبي أجندة طهران لوحدها، ومن هنا فإن تصريح السيد المالکي بشأن عزمه على ترشيح نفسه لولاية ثالثة يجب أن يکون أکثر من مفهوم للجميع.
[email protected]