22 نوفمبر، 2024 9:39 م
Search
Close this search box.

الولاية الثالثة بين ارادة الجماهير وأوهام الإقطاعي الأكبر

الولاية الثالثة بين ارادة الجماهير وأوهام الإقطاعي الأكبر

رغم أن السيد المالكي كثيرا ما كان يشير الى أن الإنتخابات البرلمانية استحقاق وطني وممارسة شعبية يتوقف عليها الإستمرار السليم للمسار الديمقراطي، جازماً بإجرائها ضمن السقف الزمني المحدد لها (نيسان 2014)، ألا أن المشككين بالمقابل، كانوا منهمكين في إثارة الشكوك بنوايا السيد المالكي، متهمين إياه بـ “التمهيد لإعلان حالة الطوارئ والسعي للإنقلاب على الديمقراطية”.. أما اليوم وبعد أن خاب ظن الكثيرين في إرباك العملية السياسية بالعراق، جنحوا من جديد الى إستباق نتائجِ الانتخابات بالتشكيك في نزاهة المفوضية المستقلة وترويج الاتهامات المفبركة تجاه الكتل السياسية التي عمّقت وجودها في المشهد السياسي بالتزوير تارة، وإتهامات أخرى ما أنزل الله بها من سلطان  وعلى رأس المستهدفين (إئتلاف دولة القانون) بزعامة رئيس الحكومة العراقية.

وتبعا لما تنشره مختلف وسائل الاعلام، تشير النتائج الأولية الى فوز ساحق كان ائتلاف رئيس الوزراء قد تمكن من تحقيقه، ولم يأت مثل هذا الفوز من فراغ، أنما كان ولا يزال مستندا على مواقف السيد المالكي حيال العديد من القضايا الوطنية ورغبته الجادة في النهوض العمراني وإصراره على سيادة القانون وممارسة صلاحياته الدستورية وانتزاعها في معظم الأحيان دون التفريط بها إكراماً للتوافقات والمحاصصات والإملاءات الخارجية. كما تميز السيد المالكي مؤخرا في طرح سياسي ذو أبعاد قانونية وإدارية بتركيزه على السعي لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية التي تعيد للمواقع الوظيفية هيبتها التي منحها القانون، وتعيد للقوانين توازن سريانها وسيادتها المفقودة التي أكدّها الدستور، ومن ثم للدستور قدرته على تأكيد وجود الدولة، وبالنتيجة لتكون حكومة الأغلبية المسمار الأخير في نعش المحاصصة.

في قبال ذلك يرى (الإقطاعيون الجدد/ رؤساء الكتل السياسية) عكس ذلك تماماً، رافعين شعار الشراكة الوطنية، متناسين بأن الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على الفصل بين السلطات الثلاث، لايمكن لها أن تستمر عندما تعمد الى تجزئة السلطة التنفيذية وفق منطق الغنائم، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإذا كان المتباكون على الشراكة صادقين مع جماهيرهم فإن وجودهم المعارض في السلطة التشريعية تبعا لإستحقاقهم الانتخابي والرقابة على الأداء الحكومي بهدف الإرتقاء به، وكذلك تشريع القوانين التي تنظم حياة الفرد والمجتمع، هو الترجمة الحقيقية لخيارات الناخب طالما أن ناخبي (الإقطاعيون الجدد) من الصنف المعارض لأداء الحكومة..

وفي الوقت الذي تنتقد فيه هذه الكتل السياسية الأداء الحكومي لتصفه (بالفردية والفشل)، تسعى جاهدة في نفس الوقت لتكون جزءا من (الفردية والفشل)؟، خاصة وأن رئاسة الحكومة وفقا لنتائج الانتخابات أضحى استحقاقا لإئتلاف دولة القانون، وأن هذا الإئتلاف يرى في السيد المالكي الترجمة المثلى لخيارت الناخب. وتلك هي الديمقراطية، أليس كذلك؟.

ولكن لم يكن الوطن، أو التجربة الديمقراطية هدفاً لدى المطالبون بالشراكة بقدر السعي لتكريس حُكم العوائل التي لاتشعر بقيمة وجودها خارج السلطة التنفيذية وفق نظرة كلاسيكية راسخة في أذهانهم ترى بأن السلطة التشريعية تُعد ثانوية في حصاد المنافع و واطئة في سلّم الأعراف القبلية والعائلية التي تحكم هؤلاء!.

اليوم وبعد أن وفّرت نتائج الانتخابات حصانة للسيد المالكي يتعذّر معها ضياع دمه بين القبائل والعوائل الحاكمة، بدأت أنظار صغار القوم في الوسط والجنوب تتجه نحو (الإقطاعي الأكبر) العازف على وتر (الكوردايه تي)، العابث بلهيب المشاعر القومية والمختبئ خلف مظلومية شعب ذاق التشرد والحرمان فيما مضى ولا زال في بقاع أخرى.

حيث تمكّن الاقطاعي الأكبر (مسعود بارزاني) وبعد انتفاضة آذار في العراق عام 1991 ، من مصادرة نضال الفصائل المنتفضة ليجثو ومنذ ذلك الحين والى اليوم على رقاب الشعب الكردي بمباركة وإسناد النظام الصدّامي آنذاك، ليصبح اليوم العصا التي يتوكأ عليها الرجل العثماني المريض الطامح الى استعادة نفوذه في المنطقة، حيث يرى أردوغان في الاقطاعي الأكبر حصان طروادة بعد أن فقد الأمل في تسيّد الاخوان المسلمين على ربوع المنطقة، وفي المقابل يرى الأخير في الحماية التركية الحصن الحصين لسلطة العائلة في المحافظات الشمالية الثلاث في كردستان العراق، يضاف الى ما سبق  فإن خيوطا طائفية هي الأخرى تجمع بين هذا وذاك!.

البارزاني (الشريك الذي لاشريك له) المتمسكّ بتلابيب السلطة منذ أكثر من 22 عاماً يتحدث اليوم عن الديمقراطية كما يفهمها هو ومن لف لفّه، وبإسم الشعب الكردي عموما بوصفه رعايا التاج البارزاني.. في الوقت الذي ينفذ فيه مسعود المخططات الأردوغانية وليس آخرها إصدار الأمر بحفر خنادق يحاصر فيها أكراد سوريا بعد أن فشل في تجنيد الادارة الذاتية في المنطقة الكردية هناك، كما أشارت وسائل الاعلام مؤخرا وحسب الرابط أدناه، الى اعتقال الاسايش/ الأمن، في الادارة الذاتية/ سوريا لأحد أفراد الحزب الديمقراطي الكردستاني على خلفية محاولة تفجير في مدينة (تربة- سيبة) ولكن القنبلة انفجرت بيد صديقه قبل التنفيذ، وأكدت وسائل الاعلام في سياق الحدث الى أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني بصدد تنفيذ تفجيرات في المنطقة، ويهئ الحزب لذلك خلايا مختصة يشرف عليها قيادي بارز، يتلقون تدريبهم في معسكرات داخل الإقليم.

ليس مستغربا بالمطلق، بل وليس مستبعداً أن يكون المجرم فاضل مطني ميراني الذي أشرف على محاولة اغتيالي في (كاليفورنيا/ أمريكا) عام  1989 هو المكلّف بإدارة تلك الملفات القذرة التي تستهدف أرواح الأكراد قبل غيرهم في المناطق الأخرى خاصة وأن له تجربة اجرامية في تنفيذ عمليات مماثلة كالتفجيرات التي أشرف على تنفيذها عام 1992 (تفجيرات شقلاوه/ تفجيرات زاخو/ تفجيرات أربيل) بالتعاون والتنسيق مع المخابرات الصدّامية لبث الذعر والرعب بين الأهالي ، ومن تجربتي الشخصية فإن (المجرم جمال قاسم) الذي نفّذ جريمة اغتيالي كان قد أصدر القضاء الأمريكي بحقه حُكما بالسجن المؤبد، وبعد 5 سنوات قضاها في السجن نجح أعوان (الإقطاعي الأكبر) في إقناعي بالتنازل عنه وكان له ذلك بشروط لم يلتزموا بها، بل والأغرب من ذلك بأن هذا المجرم عاد الى اقليم كردستان العراق بعد اطلاق سراحه ليتم تكريمه ماديا و وظيفيا ولتناط به أكثر المسؤوليات قذارة!.

وبالعودة الى لب الموضوع فإن الإقطاعي الأكبر الذي يراهن عليه الآخرون بتعطيل الديمقراطية والوقوف بوجه الحق الدستوري للسيد المالكي في ولاية ثالثة لهو نمر من ورق، وإختزالاً للجهد والوقت، على الإقطاعيين الصغار الرضوخ لمتطلبات الحياة الديمقراطية والإلتزام بتفاصيل الحياة الدستورية في العراق، فالولاية الثالثة ليس قرارا خاصاّ بالمالكي، بل هي ارادة جماهيرية أفصحت عنها صناديق الإقتراع لايمتلك المالكي ولا إئتلاف دولة القانون حق التنازل عنها.

أحدث المقالات