23 ديسمبر، 2024 4:57 م

الولايات المتحدة..وحيدر العبادي ..هل يعبدان طريق الأمن والأمان وبناء أجواء ثقة مع العراقيين؟

الولايات المتحدة..وحيدر العبادي ..هل يعبدان طريق الأمن والأمان وبناء أجواء ثقة مع العراقيين؟

يرى المتتبعون للشأن العراقي أن خطوات الولايات المتحدة الاخيرة تجاه العراق ،ربما تكون أول محاولة لاستعادة بوادر الثقة مع العراقيين، من خلال جملة اجراءات قوبلت بالإرتياح  من العراقيين وتعد خطوة حكيمة أقدمت عليها الادارة الاميركية مجتمعة ، وبالتحديد الرئيس الامريكي اوباما ، الذي عزز لأول مرة اجراءات الثقة وأرسى اول دعائم لتصحيح مسارات العلاقات العراقية الاميركية، ليعيد ترميم الشروخ الكبيرة في هذه العلاقة التي لم تكن منذ أكثر من عشر سنوات، فيها جانب من الاحساس والشعور بالمسؤولية أزاء بلد ، حولت الولايات المتحدة محافظاته الى ركام ، والى ملايين القتلى والمصابين والمهجرين والنازحين ، وكأن العراق لا يذكر له إسم في التاريخ، بعد مقولة وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر عام 2003، من اننا سنعيد العراق الى عهود ما قبل الصناعة، وكانت الولايات المتحدة على وعدها حقا، إذ تركت الخراب والدمار في كل حي وزقاق من مدن العراق الخربة، والتي تذكرنا بما ال اليه أقوام عاد وثمود.
ويشير هؤلاء المراقبون الى انه ربما  للمرة الاولى يضع الرئيس الاميركي باراك أوباما أولى بوادر اجراءات الثقة في الولايات المتحدة من انها ارادت هذه المرة تصحيح مسارات تلك الحقبة المؤلمة والتي حفرت في ذاكرة العراقيين دهورا من العذابات والاحزان والفوضى   والفلتان وضياع دم العراقيين بين القبائل، فقد كانت الخطوة الامريكية بالتغيير في اختيار رئيس وزراء للعراق هو حيدر العبادي خطوة في الاتجاه الصحيح نحو انتشال مآسي هذه العلاقة المريرة والمؤلمة من تركتها الثقيلة وركامها المترامي والتي ارادت الانتقال بالعراق الى استعادة بعض حالات الشعور بالكرامة بعد كل هذه السنوات غير السارة في تاريخهم ، لتعيد الولايات المتحدة ترتيب تلك العلاقة المختلة وتضع لبنة اولى في طريق زرع بوادر الامل بأن في الامكان تصحيح ذلك المسار الدامي والشرخ المؤلم والانتقال الى عهد ربما اكثر أمنا واستقرارا وهدوء بال  ، الى كل مدن العراق التي راح الارهاب يترعرع في كل حي وزقاق فيها ليحيل مدنها وقراها الى اكوام خربة.
ويؤكد محللون انه بالرغم من أن امام رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي أكواما من الحطام والركام الا ان بقايا أمل ،يمكن ان  يستشعر منها العراقيون ان في الامكان اصلاح الحال، والسير باتجاه الانتقال بالبلد الى اصلاح هياكله الخربة المدمرة روحيا وماديا، طيلة اكثر من عقد مضن من السنين، الا ان الكتل السياسية الرئيسة بمقدورها ان تساعد العبادي على اصلاح ما افسده الدهر، وتعيد بناء عراق خال من الاحزان والميليشات وداعش وكل جهة تريد ان تخرب بالبلد على هواها، وعلى العراقيين جميعا بمختلف قواهم استغلال هذا الدعم الاقليمي والعربي والدولي للمشاركة الفاعلة في بناء معالم كل هذا الخراب والدمار في النفوس وفي البنى التحتية،واقامة حكومة يشترك فيها كل العراقيين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم  وبأسرع ما يمكن وعلينا ان نضع مصلحة كل العراقيين في اقامة هذا الصرح الجديد الذي ننوي بناء هياكله علنا نستطيع ان نعينه على ان يقف على قدميه من هول الفاجعة الاليمة التي حلت بالعراق وحولت مدنه وقراه وكل معالم الحياة فيه الى ركام يذكرنا بالاقوام التي نزل عليها سخط رب السموات والارض قبل الاف السنين ليحيلها الى الحالة التي نعيشها اليوم، وكأننا لسنا من هذا العالم ولا نعيش في كوكبه، بعد من مزقتنا حروب الطائفية والمذهبية البغيضة واكل الارهاب من جرفنا الكثير.
ويستند هؤلاء المحللون الى انه كان التأييد والدعم العربي والدولي الاخير للتغيير المرتقب في العراق باعث أمل للعراقيين انه بالرغم من خراب البصرة والموصل والانبار وديالى وصلاح الدين وبغداد وبقية مدن العراق، فأن بإمكان شمعة من الأمل يشعلها العراقيون لتضيء طريقهم الى حيث الحلم المشروع أن يشعروا بآدميتهم حالهم حال شعوب الارض الاخرى التي راح وباؤنا ينتقل اليها، وصرنا أمثولة لاتسر للعالم ، بل ان العراقي في دول العالم يشعر بالحسرة والألم والمرارة والأسى لشدة ما واجهه من قساوة الحياة وظلم الزمان وعدم تقبل العالم للعراقيين ، بالرغم من ان العراقيين لايستحقون ان تحيق بهم لعنة الاقدار بهذه الطريقة المفجعة،التي حولت نهاراتهم الى ليال حالكة وكأنهم يعيشون ليس زمن القرون الوسطى بل انهم ربما من بقايا الاقوام التي سبقتهم من عاد وثمود.
ويرى العراقيون في ان موقف الولايات المتحدة الاخير ربما يصلح شروخ هذه العلاقة ويعيد لها بعض اجواء الثقة، فهم قد شعروا انهم ربما للمرة الاولى  ان الولايات المتحدة ،قد انصفتهم  بأن وقفت الى جانبهم في محنتهم الاليمة، لتعيد حقوق محافظات ابيدت عن بكرة ابيها، وحقوق انسان لم يعد لها وجود ، وانتهكت كرمات وهدمت اضرحة ومساجد وجوامع وكنائس ومقامات، وقد يلتفت الينا الزمان بعد كل هذا الخراب والدمار والاوجاع والاحزان وصيحات الثكالى والمشردين والنازحين بالملايين ، وهم يعيشون كربات محنتهم الاليمة التي تكاد يتفطر من هولها حتى الحجر وتتصدع منها رعبها الجبال .. وعسى ان يعبد العبادي طريق العراقيين الى حيث الامن والاستقرار والسلم الاهلي والمجتمعي، لنبني معا عراقا خاليا من الاحزان ونودع زمن الطغيان والاذلال الى غير رجعة..
وأول مهمة يتولاها العبادي من وجهة نظر المتتبعين للشأن العراقي اعادة النازحين الى ديارهم فورا وايقاف كل العمليات العسكرية في المحافظات عدا ما يتعلق منها في مواجهة فلول داعش التي لاعلاقة لابناء هذه الاحياء بها وان يتكفل الاهالي بحماية مدنهم في المحافظات التي هجر ابناؤها وهم بالملايين، وكلهم أمل بأن يمسح العبادي عن تلك الوجوه المتعبة التي اضناها الدهر ظلم محنتهم وتشردهم ومقتل مئات الالاف من العراقيين في حروب لاتبقي ولا تذر، وان يكون انهاء الميليشيات والمظاهر المسلحة من اولويات بناء الثقة مع هذا الشعب الطيب المظلوم، وان نرفع عنه ظلم السنين  ونبني عراقا واحدا موحدا ، ويكلف كادرا وزاريا مؤهلا للقيام بمهمة الاعمار وبناء العراق ، ولتتكاتف كل الايادي والقلوب والضمائر والعراقيون هم اصحاب حضارة وتاريخ مشرق،لايليق بهم ان تنحدر بهم مسارات التاريخ ، ولكي لانجعل من ( شعيط ومعيط ) كما يقول العراقيون يترحم على أحوالنا ويمن علينا بالقليل ونحن اهل الحكمة والثروة والوجاهة ليس بقدورنا ان نترحم على شعبنا ونرفع عن كاهله كل هذه الحقب الاليمة ، ونعيد له كرامته، وعند العراقيين الكرامة أغلى من الخبز، ولا شيء  عند العراقيين مقدس كما هي كرامتهم وكل هذا الارث التاريخي الضارب في اعماق الارض ، اذا ما انجلى معدنهم يظهر بريقهم امام شعوب الارض،  وهكذا هو شعب الرافدين الاصيل ، فهل يرتقي حكامنا وولاة أمرنا الى مستوى الاقدار التي يفترض ان يرتقوا اليها، أم ما زلنا قاصرين لم نبلغ بعد سن الرشد؟؟هذا ما تجيب عليه  الايام القليلة المقبلة..ونتمنى للعبادي كل التوفيق في مهتمه الجديدة، وعسى ان ينجح في هذه المهمة، ويشفع له اختصاصه ومؤهلاته للسير في هذا الاتجاه.. ويكون قد انتقل بالعراقيين الى حيث الذرى والطموح المشروع..وبنى لنا واحات من الأمان ، ولنلعن الارهاب وأهله، ونبني عراقا آمنا مطمئنا يعيش فيه العراقيون مرفوعي الرأس، وهم يستحقون هذه المكانة عن جدارة.