ما حدث قبل يومين من اختيار خمسة وزراء والبقية تأتي كما وعد رئيس الوزراء والذي هو ليس طموح الشعب العراقي ولكنه يعد درء بمفسدة على حساب مفسدة اكبر منها. فبقاء سليم الجبوري في رئاسة مجلس النواب وتوزير عدد قليل من الكابينة الوزارية المطلوبة هو مفسدة ولكن المفسدة الاكبر هي في نجاح النوايا الشريرة للنواب المعترضين ، وليس كما يسمون بالمعتصمين ، فهم نواب اصحاب صوت وقرار فعلى اي شيء يعتصمون ؟ من الأصح القول بأنهم معترضين على قرارات مجلس الرئاسة بل وعلى هذا المجلس نفسه.وما قام به النواب المعترضون الذين لم يتبق منه اكثر من ثلاثين من احتجاجات كانت خليط بين أساليب البلطجة والممارسات الصبيانية . فالتعدي من قبل الصيادي على سليم الجبوري – ليس دفاعا عنه فهو غير جدير بتولي مسؤولية مجلس نواب الشعب العراقي – وما قامت به حنان الفتلاوي من رمي قناني المياه على رئيس الوزراء – ايضا ليس دفاعا عنه فهو الضعيف المتردد الذي لا يصلح لقيادة بلد عظيم كالعراق- هذه التصرفات تعد لا اخلاقية ونوع من انواع البلطجة التي طالما مارسها هذان النائبان منذ أن جاء بهم قدر العراق الاسود الى مقاعد البرلمان في هذا الزمن الرديء. لكن ما أثار دهشة الجميع هو ما قام به النائب احمد الجبوري الذي ظهر بقميص شذري اللون يطرق بآلة حادة على الطاولات ، وهو الذي ينعت بالشيخ ، ولا اعلم اية مشيخة هذه التي تعطيه حق التصابي ومعه شلة لا يمكن ان تلام لأن هذا شأنها فأغلبهم من أتباع المالكي ومن أيتام الولاية الثالثة التي لا ترعى إلاً ولا ذمة . ممارسات البلطجة والاساليب الصبيانية جعلت هؤلاء ومن وقف خلفهم مسخرة ومحل استهزاء لدى الجميع فشمت بهم اعدائهم ومن بين هؤلاء احد ابرز أعمدة الطائفية السنية في العراق بعد 2003 ظافر العاني عندما ظهر في فيديو مسرب وهو يضحك من كل قلبه قائلا انه اسعد يومي في حياتي ، وهو يذكر ويردد اسم المالكي ونظرات عينه شاخصة تجاه غريمته رأس الطائفية الشيعية حنان صاحب النظرية سيئة الصيت (توازن القتل) او (سبعة مقابل سبعة) التي كانت هي الاخرى تضرب على الطاولات باحتجاج يدعو الى الاشمئزاز من جهة والى الشفقة على ما وصلت اليه احوالها من جهة اخرى . إن تحذير السيد الصدر بالامس كان واضحاً وموجهاً لعشاق المحاصصة وتقاسم السرقات او ما يسمونها بالكعكة عندما قال نحذر من ” اي تواني او تسويف او تأخير في اتمام الاصلاحات ، وإلا كان للشعب وقفة اخرى وسيعلو صوته وزئيره امام عواء الاصوات الشاذة المطالبة بالمحاصصة وتقسيم الكعكة “.مقود القيادة اصبح منذ الامس بيد السيد الصدر بلا منازع الذي أرغم وأجبر مجلس النواب ورئيس الوزراء على قبول مرشحي قائمته فقط من الوزراء ، وهم كفاءات رغم انهم جاؤوا من رحم الظرف المغلق ، وهو يحدث لأول مرة منذ عام 2003.انها خطوة باتجاه التوغل نحو تطهير الدولة العميقة ولكن يجب القول بأن تغيير الكابينة الوزارية ليس الهدف الاول بل ان القضاء والهيئات المستقلة هي اهم بكثير من هذه الكابينة ، فهي التي تَخَلَّق وتبرر وتغطي وتقرر لصالح الفاسدين والمفسدين وتحميهم . لذا فان تطهير هذه المؤسسات سوف ينهي سطوة أمراء الحرب او ما يسمون بقادة الكتل لأنهم عندذاك لن يكون خلفهم قضاء يواري سوءاتهم ولا هيئات تسمى مستقلة وهي منغمسة في السياسة ومسيسة لصالح هؤلاء القادة.الخطوات القادمة هي اخطر في وقعها على الكتل الكبيرة من تغيير بعض الوزراء ، فعند اجراء تغييرات في القضاء وخاصة رئيسه المعشعش مدحت المحمود وبقية رؤساء وأعضاء الهيئات اللامستقلة حينها سيبدأ صراخ وعويل الكتل الكبيرة لأن اغطيتها اللاشرعية سوف تنزع منها وستظهر في العراء بفسادها وسرقاتها ومحسوبياتها.وإن غدا لناظره قريب