أنا من المتابعين لبرامج الدكتور حميد عبد الله , خاصة برنامج ( وتلك الأيام) واستمعت الى عدة حلقات , واشعر من خلال طرحه واسلوبه , حرصه الشديد على ايصال المعلومة التاريخية , ولكن يبدو ان الأستاذ حميد .. لا يعي تماما موقف الفكر الإسلامي او انه متأثر بالعقيدة القومية .. فحين يذكر الإسلاميين لا يعير أهمية لعقيدتهم وموقفها من الوطن والانتماء والولاء..
وقرأت لعدد من الكتاب العرب حول مفهوم ( الانتماء والولاء) فوجدتهم جميعا لا يعيرون ولا يذكرون بتعمد رأي القران في هذا الجانب ..بصراحة لا يوجد في القران أي اعتبار للأرض بما هي تراب (التي تسمى وطن) دون النظر الى الفكر العقائدي الاسلامي ..
يقول تعالى : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ )..اذن الفكر هو الولاية وإذا قلت ان الاسلام اعطى افضل الدرجات لمن يستشهد في سبيل الأرض والوطن .. أقول صحيح ,ولكن لاحظ النص الذي أوصل الشهيد ان يكون حيا .. هو الموت في سبيل الله . ” يقول تعالى” وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ) وقوله تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ,فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) ..
غير ان المواقف الفكرية القومية والحركات اليسارية حين سيطرت على العقل العربي , ركنت الفكر الإسلامي جانبا . فأصبح الكلام بهذا الموضوع غريبا تماما . وصار الولاء صفة يحسبها الجاهل عارا .وذيلا. وقد ذكر الاخ الدكتور حميد عبد الله قولا لشخص انه قال ” لو حدثت حرب بين العراق وإيران .. مع من تقاتل .؟ فقال مع إيران . وكان كلامه غريبا على إذن المستمع .. ويحسبونه في العرف الحالي ذيلا وخائنا.! صار كل من يحمل فكرا ولائيا إسلاميا يعتبر ذيلا .. اود هنا مناقشة هذه الفكرة المستوردة من خارج سياق الاسلام.
هناك ادلة كثيرة تبين ان موقف الاسلام يختلف مع الفكر القومي تماما في مفهوم الانتماء والولاء. لانه لو اردنا ان نطبق مفهوم تقديم الارض والوطن على العقيدة والولاء , علينا ان ندين رسول الله(ص) وجميع الصحابة , لأنهم من أهل مكة ولدوا في أرضها , ثم حاربوا أهلها وجيشوا الجيوش واحتلوها وكسروا أصنامها .. وقتلوا عددا كبيرا من رجالها .. في بدر واحد وغيرها . واخيرا احتلوها ..
الموقف الثاني الذين نصروا وقاتلوا مع الامام امير المؤمنين (ع) في معركة الجمل من اهل البصرة , تاريخهم يقول ان عددا كبيرا من اهل البصرة استقبلوا الامام وحاربوا معه . في مفهوم السياسة المشبوهة اليوم , ان جميع أصحاب الإمام علي (ع) من البصريين ذيول .. لان الإمام حجازي , وبعرفنا اليومي يحمل شهادة جنسية سعودية.
مثال اخر ” أصحاب الحسين(ع) كلهم من اهل العراق الكوفة والبصرة .. قاتلوا اهل بلدهم , وخرجوا مع الخارجي الحسين بن علي(ع) الذي يصفه البعض انه اختار العراق لإثارة الدم والمشاكل ..لا يستبعد مستقبلا ان يعتبر الجوكريه جميع زوار اهل البيت (ع) ذيول كونهم يزورون الأئمة المعصومين .. وهم سعوديون ومن يزورهم ذيل .. اليس كذلك .
وبنفس الوقت ان نطالب الحكومة المصرية بإعادة جسد مالك الاشتر ليدفن في العراق . ونطالب بعلي بن صرد الخزاعي المدفون في إيران ان ننقلهما للعراق , ولا يبقيا ذيولا للإيرانيين , .. الموضوع يطول في توضيح الانتماء والولاء ..بهذا وضحت فكرة الإسلام وموقفه من الولاء مقابل الانتماء .. انت ولدت لابوين من أي قومية كانت ولا اختيار لك . ولكن الولاء والانتماء من اختيارك.. وتحاسب عند الله بالولاء وليس بالانتماء .. وأخيرا جمعت الرسالة رجالاً ينتمون لجهات شتى ولكن ولاءهم للإسلام يملأ قلوبهم التوحيد .. ويجمعهم الإيمان والتقوى جمع الإسلام شخصية الهاشمي والقرشي والحبشي والرومي والفارسي ..الغني والفقير أهل الثروة وأهل الصفة جمعهم الولاء ولم يقل احدهم انت ذيل… ولا بد ان تعرف قول رسول الله(ص) ” اللهم والي من والاه