23 ديسمبر، 2024 12:24 م

الولاء الوظيفي

الولاء الوظيفي

يمكنك أن تحلمـ و تبتكر و تبدع أعظمـ الأفكار في العالمـ  لكنكـ بحاجة إلى فريقـ لتحويل الأفكار إلى نتائج . يمكننا الوصول إلى القمر إذا ما وقفنا بعضنا على أكتاف بعض .
الولاء الوظيفي
الولاء يحمل العديد من المعاني .. الوفاء .. الإخلاص .. التفاني في الشئ  والتي تزيد نتائج العمل روعة وإبداعا إذا توافرت مثل هذه الصفات .
 
حيث عبر عنها (( جــوزايا رويـــــس )) في احد كتابته :
(( حقيقة أن  الولاء كلمة قديمة ولها قيمتها الخاصة والفكرة العامة عن الولاء اسبق زمنيا من الكلمة نفسها بل وأكثر قيمة ولكنها تظل دائما فكرة مشوشة غير واضحة في عقول الناس بسبب علاقتها بمسائل أخلاقية واجتماعية , فكل فرد سمع كلمة الولاء ويمدحها الكثير من الناس ولكن عددا قليلا جدا من يفهم معناه الحقيقي ويدركها بوصفها محور كل الفضائل والواجب الرئيسي بين كل الواجبات .(
 
فهل الولاء الوظيفي مشكلة تشغل مؤسستنا ومنظماتنا في الشرق الأوسط ؟ أم أنها مشكلة تعاني منها كثير من الدول وحتى المتقدمة منها ؟؟
 
إجابتنا حول هذا التساؤل لنلقي نظره على الشعب الياباني حيث أنهم  شعب يعشق العمل لدرجة  أنه في أحد الأيام خرجت مظاهرة طويلة عريضة في العاصمة طوكيو احتجاجا على منحهم إجازات إضافية .
وكما تشير الدراسات بأن الموظف الأمريكي يعطي 70% من طاقته للوظيفة ، وعلى النقيض من ذلك لك أن تتخيل أن هناك دراسات تشير بنسبة 80% من الموظفين في الموسسات الحكومية الشركات العامة والخاصة في الشرق الأوسط يفتقدون الولاء والإخلاص للمؤسسات و الشركات  التي يعملون بها، ويرى خبراء الإدارة أن الحفاظ على بقاء الموظفين يعد من التحديات الكبرى التي تواجه المؤسسات و الشركات العامة والخاصة  في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ، فعجبت لهذا التباين في التعامل مع الوظيفة بين الموظفين هنا وهناك .
 
إذا الولاء الوظيفي مشكلة تواجهها كثير من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة في العراق من الممكن أن تسبب ترك الموظف لعمله بأي وقت في حال حصوله على فرصة أفضل بنظره وهو حق له ، أو يكون العامل مهدد بتسريحه من عمله دون سابق إنذار, بسبب شعار تحمله كثير من المنشآت الحكومية و التجارية (( يمشي واحد هناك طابور )) .
 
1)  فهل الخلل الحقيقي في المؤسسات الحكومية او الشركات العامة او الخاصة وطريقة تنظيمها للموارد البشرية؟
 
2) أم في الموظف وأداؤه الوظيفي  الذي لا يؤمن بان نجاح القطاع إلذي يعمل فيه يعكس طموحه وتحقيق نجاحه فيبحث عن  مؤسسة حكومية اوشركة عامة اوخاصة تؤمن بتحقيق القاسم المشترك ؟
 
 
 
 
 الخلل من جانب الدولة (مؤسسات تشريعية ، تنفيذية ، الشركات العامة ، القطاع الخاصة ) يوجد كثير من الأسباب ومنها :
 
1- عدم شعور المؤسسات الحكومية والخاصة بأهمية الموارد البشرية ومدى قدرتها في إحداث تغيير مسارها فكثير منها تتعامل مع الموظفين كالآلات وظيفتهم الكبرى تنفيذ  الأوامر التي تصوغها الإدارة العليا دون أن يكون له إي قرار أو  القدرة على الاعتراض على سلوك أو عمل معين لأنهم مجرد موظفين لأداء خدمات محدده مسبقا .
 
2- نظام العمل وما يتخلله من محسوبيات أو العمل ضمن المؤسسات الحكومية او الخاصة من شبكة الوساطة وغيرها مما يؤدي إلى مكافئة غير المستحق مما يشعر الأكفاء بانعدام الثقة بالسياسة التي تتبعها المؤسسات الحكومية او الشركات الخاصة التي يعملون لديها .
 
3- عدم بث روح المحبة في مكان العمل ووضع مئات الحواجز بين الإدارة العليا وبين غيرها من المستويات وتطبيق سياسات الإدارات القديمة التي تعتمد على الباب المغلق وسياسة الغموض والحرص على الاحتفاظ بالمعلومات عن سياسة العمل والنتائج بعيدا عن أعين الموظفين مما يشعرهم أنهم غير مسئولين وغير جديرين بالثقة .
 
4- إلغاء روح العمل الجماعي في المؤسسات الو الشركات العامة او الخاصة  , و نظام المشاركة في اتخاذ  القرارات ,واختيار أفضل السياسات كلا حسب وظيفته المناطه به واختيار أفضل طرق للعمل مما يحقق كل هذا راحة نفسية للموظف ويزيد إنتاجيته ولاءه بشكل كبير وملحوظ وبقوت قصير .
 
أما إذا تحدثنا عن الخلل من الجانب الموظف في  المنشأة الحكومية او الشركة وأسباب بعده عن الولاء نجد أن :
 
1- قيام الموظف بالعمل فقط من اجل الحصول على المال الذي يسد احتياجه دون رغبته في التفكير والبحث عن أفضل الحلول لأنه ببساطه يريد تنفيذ توجيهات الإدارة العليا فقط وعدم وجود الطموح والدافع واقتناعه بما  هو عليه فتكون مقولته الشهيرة في حياته  “ليس في الإمكان أفضل مما كان” .
 
2- اكتفاء الشخص بما لديه من معلومات  وخبرات ومحدودية تفكيره دون المحاولة في التوسع وكسب مهارات جديدة أو اللحاق بالتقدم العلمي في المجال الذي يعمل فيه ولا تطوير ذاته بأي شكل كان وقد يقع جزء الكبير في هذه النقطة على المؤسسة او الشركة العامة او الخاصة  لأنها لا بد أن يكون لها دور فاعل في تحفيز الموظف وتنظيم الدورات والمؤتمرات وحثهم على المشاركة . .
 
3- عدم حصول الموظف على ما يريده ويطمح إليه من  حوافز أو أجور والتي من شأنها أن تحقق له الاكتفاء الذاتي والعيش في استقرار نفسي  يتناسب مع التطور الذي يعم كل ما يحيط به .
 
4- عدم ثقة الموظف في سياسة الشركة في دعم الأفكار التي تقود المنظمة للقمة فيتم الاستفادة منها دون ذكر للموظف الذي عمل على إيجادها وتطويرها بأي شكل من الأشكال فيشعر أن يبذل جهد سدى فينتقل للنقيض ويصبح يعمل بدون إبداع .
 
وتستطيع الشركة تحقيق المعادلة الصعبة عن طريق تطوير نظامها الإداري  حيث إن مقتضيات الإدارة الحديثة تتطلب من اجل تطويرها ورقيها إلى الدرجات العليا، توفر مبدأ الانتماء الوظيفي  ففكر الانتماء الوظيفي من شأنه تحقيق التواصل والفهم المشترك والمتبادل بين أركان الإدارة بمستوياتها العليا والوسطى والدنيا ” كما أنه يعزز بناء جسور الثقة بين الكوادر بعضها ببعض وبينها وبين الوظيفة وأخيراً بينها وبين التنظيم أي الجهة أو المؤسسة او الشركة .
 
فلا بد أن تحقق عدد من القيم للحصول على الولاء في احمل صوره .
 
القيمة الأولى:
 هي قيمة الحب والاستحواذ على قلوب الموظفين، فالموظفون هنا لا يعاملون باعتبارهم ماكينات بل باعتبارهم بشرا لهم تطلعات ولهم احتياجات، وهنا يشعر الموظفون بأنهم محط اهتمام ورعاية الإدارة التي تحفظ لهم حقوقهم ومصالحهم وتعطيهم كما تأخذ منهم.
 
القيمة الثانية:
 هي قيمة المشاركة حيث يشعر الموظف باعتبارهم شركاء وهنا سيصبحون شركاءك الفعل”والشراكة هنا تعني إشراك الموظفين في عملية اتخاذ القرارات من خلال التعرف على انطباعاتهم ومقترحاتهم، بحيث يتم تجنب سياسة فرض النظم والقرارات والتنفيذ بالأمر، والشراكة تعني أيضاً أن الموظفين يجب أن يشعروا بأنهم يتقدمون كما تتقدم الشركة، فهم يحصلون على عائد أكبر، يرتقون في وظائفهم، يحصلون بالتدريج على مزايا إضافية.
 
القيمة الثالثة:
هي قيمة الاتصالات المفتوحة حيث تختفي الأجواء التي تمتلئ فيها الشائعات والكلام المنقول وشعور الموظف بأن هناك أسرارا لا يعرفها، والأبواب المغلقة والحواجز الوهمية بين المدير والموظف لتحل محلها أجواء جديدة تتغذى على الاتصالات المفتوحة بين الإدارة وبين الموظفين، حيث الباب المفتوح الذي يسمح بمرور المعلومة أو التوجيه أو الاقتراح أو المشكلة أو الانطباع بكل سهولة ويسر بين المدير والموظف.
 
القيمة الرابعة:
 هي التعليم المستمر، فالموظف عندما تتاح له الفرصة ويحفز على تنمية معارفه ومهاراته بشكل متواصل وتقدم له البرامج والإرشادات التي تساعده على تقديم أفضل ما لديه يشعر بأنه مميز مقارنة بأقرانه في مؤسسات ومجالات أخرى وهذا أكبر محفز للولاء.
 
 القيمة الخامسة:
 هي التمكين، والتمكين يعني إعطاء الموظف الصلاحيات والأدوات التي تمكنه من أداء المطلوب منه على أكمل وجه وهنا يشعر الموظف بالاستقلالية ويشعر بتقدير الإدارة للمهام التي ينهض بها في العمل.
 
 القيمة السادسة:
 هي إشاعة وبث روح التعاون والعمل الجماعي  للقيام بأي عمل جديد مما  يشعر الموظف بأنه قادر و منجز ، وأفكاره تأخذ محمل الجد في المؤسسة او الشركة العامة او الخاصة  .
 
هذه القيم تشكل دعامات أساسية في صناعة الولاء، تلك الصناعة التي نتمنى أن تنتشر في مؤسساتنا كما تنتشر النار في الهشيم ولكنها قطعاً لن تكون ناراً تحرق بل ستكون وقوداً لتحقيق الإنجازات على مستوى الأفراد والمؤسسات والمجتمع.
 فعندما ينتج الولاء فنحن بصدد مؤسسة منتجة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مؤسسة متكاتفة، مؤسسة يسودها روح الفريق في العمل، مؤسسة مبدعة تقدم كل يوم الجديد، مؤسسة مستقرة تخفض فيها حدة الصراعات، مؤسسة قادرة على تنفيذ مخططاتها بكل سهولة، مؤسسة قادرة على المنافسة وتمتلك فرصا ثمينة للتميز والتفرد، مؤسسة جاذبة للكفاءات البشرية وقبلة للمبدعين.