منذ ان اجتاح تنظيم داعش الارهابي الموصل، اوائل حزيران الماضي، والعراق مع حلفائه في محاولة جادة بغية الاجابة عن السؤال : «والان ….ما العمل؟ »
اما فيما يخص السؤال عن الاسباب التي ادت الى ما حدث في ثاني اكبر محافظات العراق الصيف الماضي فيبدو مؤجلا حتى اشعار آخر … فهناك اولويات !
المهم الان … كيف يمكن للحكومة وحلفائها استعادة الموصل من قبضة الارهاب ؟
واضح للعيان ان الصورة سوريالة ومعقدة وتفاصيلها لا حد لها …. ما يستوجب دراسة متأنية .. فالموقف الان غريب فعلا .
الجوهري هنا .. ما صدر عن المكاتب الامريكية ، واقصد مشروع « الحرس الوطني » ، تلك القوات المحلية المزمع تشكيلها في المحافظات ذات الاغلبية السنية بهدف اعلان حرب تحرير !
المشروع مبرر، ويبدو للوهلة الاولى منطقيا، ويمكن بواسطته اصطياد اكثر من عصفور !
فلطالما اشتكى السنة العراقيون من تهميش مارسته بغداد. واعلنوا، دون مواربة، عدم ثقتهم بالجيش المنحاز، حسب وصفهم، الى الشرق.
بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يظهر الحل مرضيا … فالرجل، وكما يعلم الجميع، استلم جيشا منهكا جراء الفساد المستشري والمزمن .. وكلنا نتذكر اعلانه اكتشاف الاف الجنود الفضائيين، ونتذكر الانهيار المفاجئ في نينوى. بلا شك ستكون ضربة معلم للعبادي في حال نجح المشروع ، وان فشل فالمنطق لن يحمله كل الفشل !
هذا من جهة ومن جهة أخرى سيبرهن العبادي، من خلال هذا التشكيل، على نواياه الايجابية الصادقة تجاه السنة وهم الذين افتقدوا هذه النوايا منذ سنوات !
وتأتي قوات الحشد الشعبي، التي تحظى بدعم جلي من محافظات الجنوب والمرجعية الدينية في النجف، لتسحب ما تبقى من بساط من تحت اقدام الجيش خصوصا بعد تحقيقها نجاحات لافتة في بغداد وآمرلي وغيرها ..كل هذه العوامل تجعل من الصعب العودة للبحث عن الجيش …
بالنسبة للامريكيين، يبدو الحرس الوطني قادر على انقاذ الرئيس الامريكي من ورطة اخلاقية … فاوباما لن يكون ملزما بارسال قوات برية ولا القاء خطاب جديد !
لكن … هل ينتهي الامر عند حدود هذا التحليل … لا اعتقد!
فعلى الضفة الأخرى، تبرز ملاحظات عدة … من اهمها : علامة التعجب الكبيرة التي ستقفز فجأة اذا ما تذكرنا تشكيل الصحوات. لا ادري ان كان هناك من يتذكر الصحوات فعلا ؟
المؤكد ان الكثير، الى الان، لا يعرف الى ما آلت هذه التجربة وما هي فوائدها على العراق.؟ تذكرت،انا، الصحوات نتيجة تطابق منطلقات تشكيلها مع تلك المتعلقة بالحرس الوطني، لذا ارى ان التخوف من تكرار الفشل مبرر جدا. باختصار، استعادة تجربة الصحوات ستخلق امامنا ضوء اصفرا !
أيضا ، كيف يمكن عبور جدار الشك الذي ما انفك يقف حاجزا بين الفرقاء العراقيين؟
فشريحة واسعة من السياسيين تتساءل عن جدوى الثقة بعشائر لا تبادل الحكومة المركزية الثقة. طرف آخر، يبدو اكثر عقلانية، يتساءل بدوره : مع وجود قوات الحشد الشعبي ( الشيعية) وقوات الحرس الوطني (السنية) والبيشمركة (الكردية) والجيش (الحائر)…. الى اين يتجه العراق ؟
طيب، هل لاحظتم ان الوفد الذي يتواجد في العاصمة الامريكية منذ الامس بغية التفاوض على تسليح الحرس الوطني تغلب عليه الصفة العشائرية، بمعنى آخر ان هناك مفاوضات مباشرة بين واشنطن والعشائر المزمع تسليحها، كل ذلك يجري بعيدا عن بغداد، مشهد لا يمكن له الا ان يخلق علامة استفهام أخرى.
يتوج هذا كله، التساؤل عن من يضمن ان من يحمل راية المحافظات السنية،اليوم، يمثلون سنة العراق فعلا ؟
هل تتذكرون مصطلح : ” سنة المالكي” ؟
مشهد يكتنفه الغموض ونفق ضيق وحواجز جدية تقف عائقا بيننا وبين الضوء، و” الذئب على الباب” كما قال، يوما، باراك اوباما!