18 ديسمبر، 2024 8:57 م

الوقت المناسب لشنّ الحرب على كردستان

الوقت المناسب لشنّ الحرب على كردستان

هناك جدل واسع حول استفتاء استقلال كردستان عن دولة العراق التي استحدثتها بريطانيا في العشرينيات من القرن الماضي ، وضمت اليها جنوب كردستان قسرا.
جانب كبير من الجدل الذي يجري ، يتعلق بالموعد المقرر للاستفتاء في 25 من ايلول القادم.
فمع ان اغلب القوى السياسية قد شاركت في تحديد الموعد وانه يحظى بشعبية كبيرة ،
هناك البعض في كردستان يرى ، ان الموعد هذا غير مناسب حاليا ويجب تأجيله حتى تتوحد القوى السياسية جميعا وتتفق على اعلان الاستقلال ضمانا لنجاحه . وهناك من يرى ان حالة تقرير المصير يجب ان تعالج من قبل برلمان كردستان ، عليه لابد من تفعيل البرلمان واصدار قانون خاص من قبله ينظم حالة الاستفتاء ونتائجه .
فيما يرى البعض الاخر ان الاولويات حاليا هي معالجة الاوضاع المعيشية والخدمية السيئة ، وان الاستفتاء سيفاقم المشاكل الاقتصادية في الاقليم وربما يعرضه لحصار اقتصادي عراقي واقليمي .وهناك من يرى ان بالامكان معالجة المشاكل مع بغداد عن طريق الحوار وتفعيل الشراكة ورفع الغبن عن شعب كردستان واعادة حصته من الموازنة العامة والتي استقطعت خلافا للدستور وقواعد السلوك .
عند البعض الاخر، ان اجراء الاستفتاء ، يمكن ان يؤدي الى ضمّ بغداد لكل المناطق الكردستانية المشمولة بالمادة 140 من دستور العراق نهائيا .
لا اكشف سراّ ان البعض يعدّ اجراء الاستفتاء وحتى اعلان دولة كردستان ، انجازا شخصيا للسيد مسعود البارزاني رئيس الاقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني ، وهم يخشون من هذا الانجاز اذا ما تحقق.
قد تكون اغلب هذه الاراء قابلة للنقاش والتفاهم عن طريق الحوار بين القوى الكردستانية او حتى تحت قبة البرلمان ، ولا خشية منها .
ما يخشى منه حقا ، هو ادعاء الاطراف السياسية العربية في العراق ، ومعها الجامعة العربية ، وبعض الدول العربية و الاقليمية ، ان وقت الاستفتاء غير ملائم .
والسؤال الذي يطرح نفسه ،هو لماذا الموعد المقرر للاستفتاء استقلال كردستان غير ملائم بالنسبة لهذه الاطراف ؟
الجواب الذي نتوصل اليه من خلال تجاربنا المرّة مع الاطراف هذه ،هو ان الاوضاع الحالية غير ملائمة لحكومة بغداد لشنّ حرب سياسية واقتصادية وعسكرية ضد كردستان والاجهاز على كل المكاسب التي تحققت لشعبها في العقدين الماضيين . فعندما تتهيأ بغداد للحرب وتجدد ماكنتها العسكرية وعلاقاتها الداخلية والدولية وتقضي على آفة داعش، يحلّ عندها الوقت الملائم لاتهام الكرد بمحاولة اقتطاع جزء من العراق وتقسيمه، والشرؤع في تصفية ( هذه الاطماع والمؤامرات الصهيونية والامبريالية وقوى الاستكبار العالمي) عن طريق خنق الطموحات المشروعة لشعب كردستان .
تجاربنا مع بغداد تؤكد لنا ، انه حالما تهيأ الوقت المناسب لها ، ستفعل كل ما بوسعها ضد الكرد ،فمن يرتكب جريمة قطع ارزاق عامة الناس من شعب كردستان تهون عنده كل الجرائم الاخرى ولن يردعه دستور او قانون او اتفاق ولا حتى قواعد الاخلاق السليمة .
لنفترض ان شعب كردستان رضخ للضغوط واجلّ او صرف النظر عن مشروع الدولة الكردستانية واقتنع بمعيشته المزرية في ظل ازمته الاقتصادية التي فرضها عليه حكام الشيعة ، ووجد وفده المفاوض مكان اقامة دائمة في بغداد ، فما الذي سيحدث ؟
في الوقت المناسب ، ستطلب بغداد بخروج البيشمه ركة من كافة المناطق الكردستانية التي ظلت تحت قبضة صدام حسين بعد انتفاضة اذار 1991 .
وفي الوقت المناسب ستطلب بغداد بحلّ البيشمه ركة باعتبارها (ميليشيات) او ربما ضمها الى الحشد ، وستطلب اخضاع قوى الامن الداخلي الكردية باعتبارها حرس الاقليم لاوامر القائد العام للقوات المسلحة.
في الوقت المناسب ستطلب بغداد وضع مطارات كردستان ومنافذها الحدودية تحت سلطة الحكومة الاتحادية .
في الوقت المناسب ستمنع بغداد حكومة الاقليم من استثمار حقوله النفطية وبيع النفط .
في الوقت المناسب ، ستستغل بغداد جوع المواطن في كردستان وستنشأ قوات من الحشد الشعبي من العشائر والقبائل الكردية .
وفي الوقت المناسب ستفترس بغداد برلمان كردستان وحكومته الاقليمية ، وستنشأ لنا مجلسا تنفيذيا واخر تشريعيا .