18 ديسمبر، 2024 3:04 م

الوفد الانباري في واشنطن … الاهداف وتوزيع الادوار للمرحلة القادم

الوفد الانباري في واشنطن … الاهداف وتوزيع الادوار للمرحلة القادم

التدخل الأمريكي في العراق ورسم السياسات الداخلية وعلاقات العراق الخارجية تحتل اهمية لدى الإدارة الأمريكية بغض النظر عن طبيعة الحزب الحاكم (ديمقراطي، جمهوري).
ومن الطبيعي ان تكون الكلمة العليا والسلطة الحاكمة الفعلية في العراق هي من نصيب الحاكم الفعلي والمتصرف الواقعي في الشؤون العراقية وهو الحاكم الامريكي في البيت الابيض ومن يقف من وراء الستار من اصحاب رؤوس الاموال والقيادة الماسونية العالمية، حيث كانت الدفة تدار قبل عام 2003 من وراء الستار، اما بعد انتهاء وظيفة حزب البعث في تدمير العراق ، دخل اللاعب الرئيسي للميدان لكي ياخذ زمام المبادرة في تولي حكم العراق بشكل مباشر وعلني، ولا احسبني ابالغ اذا قلت ان السياسة الامريكية تجاه العراق تسير وفق مخطط معد مسبقا بغض النظر عن الحزب الحاكم في البيت الابيض، حيث توجد اجندة محددة المعالم لمنطقة الشرق الاوسط تنطلق من مبدأ الاحتواء الى مرحلة السيطرة المطلقة ، والغاية والهدف المنشود ضمن الإستراتيجية الغربية بشكل عام وضمن الأيدلوجية الامريكية بشكل خاص هو ضمان امن الدول العبرية (إسرائيل) ، وفي سبيل اتمام هذا الهدف فأن هناك عدة مراحل وخطوات (وهي تسير بوتيرة متسارعة) ، وكما ذكرت ذلك المستشارة السابقة للامن القومي (كوندليزا رايس) في كتابها (الفوضى الخلاقة).
اما نعوم تشومسكي فيذكر في كتابه (الهيمنة ام البقاء) في فصل (الصلة العراقية) ما نصه “لقد شنت الحرب على العراق مع الإدراك بأنها قد تفضي – بالواقع- الى انتشار اسلحة الدمار الشامل والارهاب ؛ وهي مخاطر عدت غير ذات شأن إذا ما قورنت بأمكانية إحكام السيطرة على العراق ، وارساء نمط الحرب الوقائية على وجه الرسوخ ، وتشديد القبضة على زمام السلطة في الداخل”.
اذن الغاية من احتلال العراق هي :
1)   أحكام السيطرة على العراق .
2)   ارساء نمط الحرب الوقائية .
3)   تشديد القبضة على زمام السلطة في داخل العراق .
وبعد مرور اكثر من 12 عاما على احتلال العراق هل تحققت هذه الغايات الثلاث ، ومن خلال النظر في الوضع الراهن العراقي ، نرى ان هذه الغايات تحققت بنجاح وبشكل لا يوصف، واضحت في مراحل متقدمة ، بحيث اصبحت اسرائيل تهاجم سوريا ولبنان وتقدم الدعم المباشر للمسلحين (الارهابيين) – النصرة وداعش والحر، من دون رادع او خوف من ردة فعل الدول العربية او الاقليمية ،حتى من ادانة خجولة من قبل المنظمة الاممية ، فاسرائيل لا تعير الامر اي اهمية تذكر.
حيث ارست الادارة الامريكية لشرق اوسط جديد يقوم على اربع ركائز ، وهي:
1)   اشغال شعوب المنطقة بالحروب والصراعات الداخلية (طائفية، قومية).
2)   استنفاذ مصادر الطاقة في بلدان الشرق الاوسط (خفض سعر البترول، ضرب الاقتصاد وتعطيل الاستثمار).
3)   الانفراد بالتحكم بمصير الحكم في بلدان الشرق الاوسط، واحتواء النفوذ الروسي والصيني في المنطقة.
4) توجيه الوضع في هذه المنطقة الى حالة من عدم الاستقرار ، ليس الانفجار الكلي ، بل حروب متقطعة ومتفرقة ، كلما تخمد نار في منطقة ، تشتعل اخرى في منطقة اخرى.
وبعد الاطلاع على خطاب اوباما الذي القي في الكونغرس حول حالة الاتحاد ، فقد اشار بشكل صريح وواضح الى نجاح الخطط المرحلية في ضمان انتعاش الاقتصاد الامريكي نتيجة خفض سعر البترول وتدفق كميات كبيرة في السوق العالمية، وقال ما نصه “أن سياسته الاقتصادية قد حققت نجاحا كبيرا. وان الركود الاقتصادي قد انتهى في الولايات المتحدة، كما انخفضت معدلات البطالة إلى 5.6 في المئة.”
وهذا الامر يشير الى احدى الركائز التي ذكرت سابقا ، في حين ان الادارة الامريكية تسعى من جانب اخر الى خلق حالة من التوازن في القوى في العراق، وبشكل خاص بعد ان اصيبت احدى مخططات الادارة الامريكية بحالة من الارباك، حيث لم يكن بحسابها ان تدخل المرجعية الشيعية على خط المواجهة المباشر مع داعش واصدارها لفتوى الجهاد الكفائي ، واتحاد (القوى) الشيعية في العراق ، بعد المحاولات المتكررة لتفريق البيت الشيعي ، من خلال الصراعات التي افتعلها المالكي وعددا من قيادات الخط الشيعي السياسي ، اقول هذا الامر ودخول ايران بشكل صريح ومعلن ومن دون تحفظ على خط المواجهة وحدوث اشتباكات ومواجهات عسكرية على عدة جبهات بين القوات الايرانية ومقاتلي داعش ، هذا الامر الذي يعد مقدمة لاختبار القدرات الايرانية و (مناورة عسكرية) مهمة ، ادركت امريكا واسرائيل من خلالها انها لا يمكن ان تترك الامر للزمن ، بل ان هناك خطر حقيقي على المخطط الامريكي المعد مسبقا، حيث استخدمت ايران هذه الورقة وبشكل ذكي في مفاوضتها في جنيف بخصوص الملف النووي، مما دعى واضعي السياسات الخارجية في البيت الابيض والـ CIA الى اعادة الحساب ، والانتقال الى مرحلة اخرى من مراحل تدمير العراق ، حيث تقضي المرحلة المقبلة الى انشاء جيش (سني) مقابل ما يسمى بـ جيش الشيعة او (الحشد الشعبي)، حيث لا تستطيع امريكا ادخال قوات عربية (اردنية ، سعودية ) لمحاربة (داعش) على اعتبار انها قوات سنية، لانها ستعامل على اساس كونها قوات احتلال جاءت لقتال الشيعة وايران، لذا من الاجدر والمقبول لدى جميع الاطراف ، ان يتم انشاء جيش سني من مناطق غرب العراق وتسليحه ، ولا مانع من انضمام ازلام النظام السابق او حتى قيادات داعش لهذا الجيش السني الحديث.
والوفد الانباري ، الذي يزور واشنطن حاليا، واللقاءات بين هذا الوفد البيت الابيض والكونغرس والمؤشرات التي تتسرب الى وسائل الاعلام ، جميعها تشير الى نية وتوجه الادارة الامريكية لهذا الامر.
النواة الاولى للتقسيم هي تشكيل هذا الجيش ، وما يترتب عليه من تبعات ، وهل ان هذا الجيش سيتبع الحكومة ام العشائر، والية التسليح والاوامر والهيكلية ، وما بعد تحرير المناطق من سيطرة داعش ، كيف ستكون الادارة ، وفي حال حدوث اشتباك مشترك بين قوات الحشد الشعبي (الشيعي) والجيش السني من جهة وداعش من جهة اخرى ، كيف ستكون ادارة المعركة …..الخ ، والكثير من الاشكالات التي سترافق هذه العملية.
والايام القادمة ستكشف الكثير من الاوراق.