23 ديسمبر، 2024 6:59 م

نجد القرآن الكريم يخاطب دائما بصيغة الجمع، فيتكلم عن المؤمنين والمنافقين؛ وهو هنا يؤسس لفكرة أن عمل الإنسان عمل جمعي قبل أن يكون فردي، ومن ثم فإن المؤمن في جميع أعماله إنما يصب في مصلحة الجميع، ومن بعدها ينهل منه الفرد نفسه
في الأعمال التي يكون لها مساس بأمن وقوت المواطن، لا يجب التفكير في المصلحة الخاصة وتغليبها على المصلحة العامة، لأن ذلك يقلل من مصداقية الشخص المتصدي للمسؤولية؛ ويحكم على تاريخه السياسي بالموت، لذلك فإننا نلاحظ أن المرجعية الدينية ” من خلال خطب الجمعة” دائما ما تؤكد على جميع السياسيين بضرورة الإلتفات الى مطالب المواطنين وعد تحقيقها أهمية قصوى لا يدانيها في الأهمية إلا تعرض الوطن لإنتهاك من قبل الأجنبي
ومع هذا فإننا نلاحظ أغلب السياسيين من الطبقة الأولى، يتناسون مشاكل المواطن ويركزون على مشاكلهم وهمومهم، وكأن المواطن إنتخبهم فقط لينجزوا الأعمال التي تضمن لهم العيش الرغيد بعد أربع سنوات ” يقضون أكثر من نصفها يجوبون عواصم العالم المختلفة” أما مشاكل المواطن وهمومه فهي بالمرتبة الأخيرة من إهتماماتهم، هذا الأمر إنسحب على الطبقة السياسية التي تلي أعضاء مجلس النواب والوزراء، ليشمل أعضاء مجالس المحافظات والمحافظين ” طبعا ليس الجميع تنطبق عليه هذه الصفة” فبات عضو مجلس المحافظة يقتنص لنفسه فرصة من هنا أو هناك، بعيدا عن الشعور بمسؤوليته تجاه الناخب الذي منحه صوته، وأن ما يفعله هو تجاوز لصلاحيات الموقع الوظيفي الذي يشغله، ثم ” وهو الأهم في كل ما تقدم” المال الذي يحصل عليه من الوظيفة ولعدم قيامه بواجباته على أكمل وجه يعد من وجهة نظر شرعية مال سحت
قد نجد العذر لأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات، الذين ليس لهم إطلاع بالدين ” ولا أقصد أنهم غير متدينين لا سامح الله” إنما أقصد أن الكثير من أعضاء جلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات، من الذين لم يلتحقوا بمدارس الحوزة العلمية الشريفة، وبالتالي فليس لديهم تفكر عميق في الأمور الشرعية والتي لها علاقة بشروط التعاقد والعقود من قبيل (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)) التوبة 111، فهذه الآية تبين لنا بأن العقد هو قبول وإيجاب بين البائع والمشتري، كذلك في مسألة منح الناخب صوته لأحد المرشحين فهو يعني بأن على المرشح الإلتزام بما وعد به الناخب قبل أن يعطيه صوته، أما أن ينكث الطرف الأخر فهذا عقوبته الدنيوية خزي وطرد من الحياة السياسية، وفي الأخرة عذاب أليم، لكن إن من بين أعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات ممن يعتم بعمامة ” بيضاء أو سوداء” ويدلس على الناخب ويحاول إيهامه بكلام منمق في محاولة لكسبه الى صفه، فهو مسألة مرفوضة قطعا
الكلام هنا موجه للشيخ أحمد السليطي تحديدا، ومن خلاله الى بقية أعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات من يعتمون بإحدى العمامتين، إن أمن المواطن وحياته وقوته اليومي هو خط أحمر على الجميع أن لا يتجاوزوه مهما كانت الظروف والأسباب، فمسألة إقالة قائد شرطة البصرة، جاءت بعد أن شهد الوضع الأمني في البصرة مؤخرا ترديا خطيرا، الأمر الذي يؤثر سلبا على الوضع الإقتصادي في المحافظة كونها تتمتع بوضع أمني أفضل نسبيا من العاصمة بغداد، كما أن هناك مسألة الوعود التي قطعتموها أمام السيد عمار الحكيم؛ أو ليس الله عز وجل يقول في محكم كتابه الكريم ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ)) المائدة1، ونستشف من الآية الكريمة أن على الإنسان أن يفي بالوعود التي قطعها على نفسه ما دامت لا تتنافى مع شرع الله سبحانه؛ أم أن الكلام ينطبق على عامة الناس ولا ينطبق على السليطي وأمثاله