23 ديسمبر، 2024 5:49 ص

الوعي ودوره في نهوض الأمة

الوعي ودوره في نهوض الأمة

على الرغم من ان الهدف الاساس للرسالة الاسلامية هي ان تكون هدى ورحمة للعالمين وان الله سبحانه وتعالى زود المسلمين بدستور كامل شامل فيه تبيان لكل شيء من نظريات وأساليب تطبيق وأمثال وقصص وعبر الا ان المسلمون لم ينتفعوا بالمضامين التي تعمر الارض وتبني الواقع وتصنع الانسان المنتج الفعال بل استمروا يبحرون في اعماق التأريخ بحثاً عن اشكاليات هنا واخرى هناك وانشلغوا عن اهدافهم السامية والسبب الاساس ومكمن الخلل هو غياب الوعي.
الوعي يمثل درعاً للفكر ويعمل بمثابة مضاد للفايروسات الفكرية التي تحاول أن تشد الانسان الى الارض ويعتبر الوعي عنصرا هاما في ايجاد الانسان المتوازن الموضوعي العادل الذي يكون مزود بمنظومة تؤشر مواقع الانحراف وتطرد الافكار الهدامة قبل ان تتحول الى سلوك هدام.
عندما نتكلم عن الوعي فاننا نريد الوعي الذي اكتسبه الانسان من خلال المعرفة والبحث بتجرد بعيداً عن المؤثرات العاطفية التي تشكل أكبر قوة ممانعة أمام الوعي ولهذا تجد أن المرعوبون من حالة الوعي يسارعون الى منع انتشارها من خلال التهييج العاطفي.
عُرِف الوعي في معجم المعاني الجامع على أنه (الفهم وسلامة الإدراك) اي ان يكون الانسان صاحب فكر صحي نظيف بناء لان هذا الفكر سرعان ما يولد مشاعر والمشاعر تتحول الى سلوك اجتماعي من خلال تفاعل الانسان مع محيطه. هنا عندما نتكلم عن الوعي فاننا نخص الوعي الديني لان اغلب ما نعانيه من مشاكل في عصرنا الراهن اساسها الفهم الخاطيء للدين.
عندما تترك الأمة لفترة طويلة في حالة سبات ونوم عميق فإن حالة الجهل تتعقد ويذبل معها الوعي فترى الخلق يتحركون وفق بصرهم حيث عميت بصيرتهم ويقف الجميع في حالة ذهول وتساؤل لماذا يحصل لنا كذا وكذا؟ ولماذا نمر بالنكبات تلو النكبات؟ حتى انهم يتجرأون على مناقشة الخالق والاعتراض والتذمر غافلين انه اعطاهم المفاتيح والعلاجات التي معها يسعدون كما جاء في قوله تعالى في سورة الاعراف الآية (96) ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)) حيث قرن الايمان بالتقوى وهي تمثل الضابط والموجه للتحرك الانساني المنطلق من الايمان فلا ترى كذبا او تزييفا او خداعا او تشويها للحقائق او استغلالا للدين في سبيل مصالح دنيوية ضيقة.
ولذلك فإن غياب التقوى كما هو حاصل اليوم يؤسس لمنهج ديني مزيف فيأتي الوعي حلاً ناجعاً لإعادة رونق الأمة ويساهم في نهضتها من كبوتها واستعادة موقعها العالمي وان تكون منتجة ايجابياً لا مستهلكة سلبياً.