19 ديسمبر، 2024 8:31 م

الوعاء الصهيوني لدولة الاحتلال الاسرائيلي: قراءة لاستكناه وجودها

الوعاء الصهيوني لدولة الاحتلال الاسرائيلي: قراءة لاستكناه وجودها

تعاني اسرائيل في الاشهر الأخيرة وبالذات في هذه الايام؛ من فوضى واضطراب ومظاهرات ضد سياسة نتنياهو، في الذ ي يخص التعديلات القضائية. ان هذه التطورات والتحولات في المجتمع الاسرائيلي؛ سوف تقود او تنتهي بحرب اهلية او بتقسيم المجتمع الاسرائيلي، حسب المراقبون للشأن الاسرائيلي. مما يقود الى اضعاف اسرائيل، أو ربما بعد عدة سنوات الى ان ينتهي وجودها في المنطقة، حسب رؤية المغالون في قراءة المشهد الاسرائيلي وتطوراته المستقبلية. أما من الجانب الثاني وايضا حسب رؤية البعض من المراقبين لما يجري في اسرائيل، والعلاقة بينها وبين امريكا الداعمة لها والحامية لها، منذ وجودها على ارض فلسطين والى الآن؛ من ان هذه العلاقة سوف، مستقبلا؛ تفكك ولو على مراحل. ان قراءة المراقبون للمشهد الاسرائيلي وللعلاقة بينها وبين امريكا، وبينها وبين المحيط العربي واقصد هنا النظام الرسمي العربي وليس الشعوب العربية؛ اقل ما يقال عن هذه القراءات من انها خاطئة تماما، وانها بالضد من مجرى تاريخ العلاقة بين اسرائيل وامريكا، وبالضد من الاسس الذي تم فيها وعلى هديها ومنطلقاتها واهدافها؛ اقامة الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وعلى ارض فلسطين. الكيان الاسرائيلي له دور في المنطقة العربية تحديدا، لخدمة السياسات الاستعمارية في الوطن العربي، ولايزال هذه الدور مهم جدا، بل هو اساسي؛ ويزداد اهمية كلما تقدم الزمن عليه. ان هذا الدور في خدمة المخططات الامريكية والغربية؛ يتركز في خلخلة النسيج المجتمعي في المجتمعات العربية، وزرع الفتنة بالأدوات البشرية المأجورة في المجتمعات العربية. كما انها اي اسرائيل قامت في السابق وتقوم الى الآن؛ بشراء ذمم البعض من المسؤولين العرب من داخل تلك الانظمة؛ بتعاون استخباراتي قوي ومتين بين الموساد والمخابرات الامريكية والغربية؛ كي تكون لاحقا اداتها في تغيير تلك الانظمة حين تتعارض سياسة هذه الانظمة في مرحلة ما مع السياسة الاستعمارية سواء الامريكية او الغربية؛ بأنظمة اخرى بديلة، تستجيب لمتطلبات تلك السياسة، كما حدث في ثورات الربيع العربي التي جرى حرفها عن مسارها واتجاهها؛ بمسار واتجاه يتقاطع كليا مع إرادة شعوب العرب، الي ثارت وفجرت ثورتها على حكامها المستبدون في ثورة الربيع العربي، أما بزرع الفتنة والخراب والحرب الاهلية، أو بإعادة انتاج ذات النظام بوجوه جديدة، من داخل ذات النظام. ان وجود اسرائيل في قلب الوطن العربي، وعلى التراب الفلسطيني؛ قد عطل او خرب جميع مساعي العرب في الوحدة او حتى في التكامل الاقتصادي؛ عن طريق انظمة الولاء لأمريكا وللغرب، في كل سنوات القرن العشرين والى الآن، بل انها في السنوات الأخيرة ازدادت قوة وتأثيرا وضراوة. ان اسرائيل هي في الاول والأخير جزء من النظام الكوني الامبريالي، بل هي الجزء او الركن الاساسي، وحجر الاساس في هذا النظام المتوحش والذي فيه كم هائل من القسوة والاستبداد والاضطهاد لشعوب العالم الثالث وفي اولها؛ شعوب الاوطان العربية، حتى وان تُجمَلَ بعبارات او بما يسمى حقوق الانسان والحرية والديمقراطية. عليه فأن الحديث عن تباعد بين اسرائيل وامريكا او بين اسرائيل والدول الغربية، وحتى بين اسرائيل وروسيا والصين؛ لا يمت الى الحقيقة باي صلة مهما كانت صغيرة او كبيرة، بل ان العكس هو الصحيح تماما. من بين اهم المشاريع الاستعمارية، وليس جميعها؛ التي كانت فيها اسرائيل أداة تنفيذها، وقاعدة انطلاق العدوان الثلاثي على مصر عبد الناصر في عام 1956. هذا العدوان الذي قامت به كل من فرنسا وبريطانيا واسرائيل بعد قرار مصر بتأميم قناة السويس الذي ضرب مصالح كل من فرنسا وبريطانيا في حين لم تكن لإسرائيل مصلحة فيه. اضافة الى ان لإسرائيل؛ وجودا في جميع بؤر التوتر داخل اكثر من بلد عربي؛ لتشكل هذه البؤر او البؤرة؛ مركزا للاضطراب والحرب، وعدم الاستقرار في البلد العربي المستهدف. الامثلة كثيرة على هذا الوجود الاسرائيلي في هذا البلد العربي او ذلك البلد، ؛ في الاستشارة والتسليح والتدريب، والتحريض على التمرد والابتعاد كليا في بعض الاحيان عن اي فرصة للتسوية، التي تقود حتما الى السلام والاستقرار. ولا اعتقد ان هناك حاجة الى ذكرها وتحديدها، لأنها معروفة لدى كل مواطن عربي متابع لما جرى ويجري في الاوطان العربية. ان هذا لا يعني باي شكل او باي صورة؛ اعفاء النظام الرسمي العربي من مسؤوليته التاريخية في الذي وصل إليه او وصلت إليه الاوضاع في الاوطان العربية. فهذا النظام يتحمل الجزء الاكبر مما وصل إليه العرب والاوطان العربية من تفكك وضياع البوصلة؛ لأن اغلب هذه الانظمة تمت صناعتها في الغرف الاستعمارية والصهيونية المغلقة. مع هذا؛ فأن هناك انظمة عربية سواء في القرن العشرين او في القرن الحادي والعشرين، الى نهاية العقد الاول منه؛ أرادت ان تحدث تغييرات حضارية وتنموية، ولم تكن صنيعة استعمارية، بل صنعتها إرادة الشعب، حتى وان تولى العسكر السيطرة على الحكم؛ باستثمار البيئة التي خلقتها إرادة الشعب بالحرية والتحرر والسيادة الكاملة. لكن هذه الانظمة الثورية، حسب ادعائها، عندما امسكت بزمام الحكم وتمكنت من بسط سيطرتها على جميع مفاصل الحكم والحياة؛ تحولت سريعا الى انظمة مستبدة. زد على هذا الاستبداد؛ قد اخفقت في انجاز مشاريعها هذه؛ لثلاث اسباب؛ هو انها صادرت عقول وإرادة الناس في اوطانهم العربية، وكممت الافواه بالقوة التي سلمَها هي اعواد المشانق. ان هذه السياسة هي التي فتحت الثغرات التي بها ومن خلالها؛ توغلت السياسة الاستعمارية الامريكية والغربية والاسرائيلية، وبالذات الاسرائيلية؛ الى داخل بنية هذه الانظمة، والى المنظومة الثقافية والسياسية في المجتمع العربي، لهذه الدولة العربية او تلك الدولة العربية؛ بأغطية حق الأنسان بالكلمة الحرة، في الثقافة والادب والسياسة، فيما الهدف يختلف كليا عن هذه الاغطية، بعمليات كاذبة ومخادعة؛ لإيجاد كتلة معارضة تقود الصراع مع النظام. ان هذا لا يلغي وجود معارضة مستقلة ووطنية، هدفها نبيل وسام في تحرير وطنها من حكم الاستبداد، لكن قوة اشهار وترويج للكتلة الأخرى من قبل الاستعمار الامريكي الصهيوني الجديد، دفع الوطنية الى الظل والعتمة والتهميش والانكفاء. مما سهل او فتح الطريق للقوى الاستعمارية هذه من ارباك وبطء مسار النظام في الذي يخص التنمية والبناء الحضاري، والتكامل الاقتصادي بين الاوطان العربية. أما السبب الثالث والذي هو ليس له علاقة بالسياسة الاستعمارية بالمطلق؛ هو ان كل نظام اراد ان يكون هو الممثل الوحيد؛ للمشروع العربي النهضوي الذي لم يرَ النور في الذي سبق من عقود وسنوات والى الآن. ان هذا السبب الأخير هو الذي قاد الى الصراع بين الأخوة الاعداء، كما ان هذا السبب؛ هو من مكَن الاستعمار الجديد وربيته الحركة الصهيونية، ومركز ثقلها دولة الاحتلال الاسرائيلي، لجهة برامجها وخططها؛ في زرع الفتنة والتناحر بين انظمة النظام الرسمي العربي، الثورية العسكرتارية، بطريقة غير مباشرة. في الختام اقول؛ ان العلاقة بين امريكا واسرائيل، لا تخضع او لا تتأثر بالخلاف والاختلاف بين الدولتين، انها علاقة راسخة على اسس التخادم الامبريالي المتبادل، والمستدام.. الذي يتطلب نضال الشعوب العربية، في اتجاهين؛ ضدهما، وضد انظمة الحكم للنظام الرسمي العربي، سواء بالطرق السلمية او بغير هذه الطرق..

أحدث المقالات

أحدث المقالات