18 ديسمبر، 2024 6:19 م

كثيراً ما أتمنى أن أبتعد عن الحياة السياسية والخوض في غمارها، لكن كل المجالات لا يمكن ان تكون (مُنْفَكَةً) عن المجال السياسيّ مهما حدث في ظلّ التطور الذي وصلت أليه البشرية.

ولذا يبقى لزاماً على الكاتب أو الباحث أو الأديب وغيره أن يناقش الجانب السياسيّ في مجال تخصّصهِ، وعلى هذه الأساس أُريد الحديث عن الوطن ـ العِراق ـ وبالنسبة إلى موقعه الجغرافيّ.

 

حيث كنا نقرأ سواء في المنهاج الدراسيّة أو الكتب العامّة، بأن موقع العِراق من أهم المواقع الاستراتيجية بالنسبة لباقي مواقع البلدان الأخرى، لآنه يربط بين قارات العالم (أسيا، أوروبا، أفريقيا)، كما أنّهُ يعد معبراً مهماً لطرائق النقل الدَّوليّة.

 

لكن بنفس الوقت، وباعتقادي الخاص: بأن من أسوأ المواقع الجغرافيّة في العالم هو موقع العِراق، وكالآتي:

 

على حدوده الشرقيّة كافة تحدهُ الامبراطورية الفارسية منذ الأزل ، والتي ترغب بتوسع نفوذها في المنطقة عن طريق العراق.

كما أنّهُ لا يمكن فكُّ العراق عن إيران في ظل التطور الذي حصل لدى شعوب الدولتين، رغم اختلاف القومية، لا سبابٍ دينيّة وسياسيّة.

 

ومن الشمال تحدهُ الامبراطورية العثمانية، التي حكمت العِراق لما يقارب أربعة قرون، والتي لديها رعايا ـ حسب القومية ـ في العِراق وهم “التركمان”، اضافة إلى معاهدة “لوزان” التي عُقِدَتْ عام 1923م، والتي تنصّ على أن “ولاية الموصل” تعود للإمبراطورية العثمانية بعد مئة عام من عقدها.

 

ومن الغرب سوريا المنطقة الساخنة بحكم اللعبة الدولية التي تُلْعَبُ فيها، والتي ما أن هدئت يهدئ العِراق.

ومن الجنوب الغربيّ دول الخليج العربيّ، التي يجب أن تكون منسدٍ وساعدٍ للعراق في أوقات الضيق والعسر، وذلك بحكم القومية واللغة والديانة والعادات والتقاليد و “الدم الواحد” الذي بيننا، لكن بسبب عنجهية وفرعونية النظام السابق، أصبح للخليج موقف سلبيّ إزاء العراق.

 

كما بنفس الوقت يسعى مثقفو ورياضيو العراق على إعادة تأصيل العلاقة من جديد، عن طريق إقامة العلاقات الدبلوماسية بين العِراق والخليج، من خلال إقامة المحافل المتعدِّدة التي تُعقد باختلاف انواعها.

 

وعلى هذا الأساس فأن العِراق غير قابلٍ للتطوّر، والتقدُّم، والرَّقيّ، ما دام الهدوء والتسامح وحسن النوايا لن تسود المحيط الذي يحيط حوله.

 

لذا وجب علينا أن نخطُ قطعة كارتونية ونضعها في وسطِ بغداد، على نصب التحرير، ونَكتبُ فيها : (الوطَنْ للبيع).

وأن نستبدل موقعنا الاستراتيجي ـ حسب كلام مفكريّ الجغرافية ـ بـ(جزر القمر) لأنّهُ أهدئ وأفضل بكثير من موقع العِراق الساخن، وأن لم تستطع أراضي (جزر القمر) من تحمل سِعة العراقيين الذين وصلت اعدادهم قرابة (40) مليون، لنشتري (موزمبيق) فهي أوسع وأهدئ، وبنفس الوقت مُطلّةٌ على البحر، لنبحرُ فيه نحو السلام الأبدي، لأنّ “بغداد”(1) (مدينة السلام) لم يعد فيها (سلام).

ـــــــــــــــــــ

1/ بغداد كناية عن العِراق.