17 نوفمبر، 2024 9:38 م
Search
Close this search box.

الوطن والمواطن والثمن المدفوع

الوطن والمواطن والثمن المدفوع

متى اصبح الوطن كلمةغريبة بحاجة الى توضيح ؟
ومتى اصبح مصطلح المواطن  اكثر غرابة من مصطلح الوطن ؟
اما ماهية العلاقة بينهما فلا اجد ضرورة للسؤال عنها ولاداعي ايضا لمعرفة  من هو الانسان الوطني فمعرفة العلاقة تكلفك التخلي عن كل شيء وحمل حقيبة سفرك بجواز سفر او بدون  مصطحبا عائلتك الصغيره معك او تركها لحين ميسرة اما سؤالك عن الانسان الوطني فهذا من الاسئلة التي تشكل خطورة اكبر من خطورة السؤال عن اسلحة الدمار الشامل ولانه يقود من يحمل كاتم الصوت اليه لامحال.
اما لماذا اناقشها الان ، فلاني اعيش خارج الوطن اولا ولان حاملي الكواتم في هذا البلد لاوجود لهم الا بالافلام الامريكية ثانيا ولاني تذكرت ماكان يقوله كتاب الرواية والشعر من اخواننا المتمركسين ( وطني حقيبة سفري) هذا ثالثا اما رابعا فلان الحنين الى وطني قادني الى تصفح ماكتب عن الوطن والمواطن والوطنية وتمنيت ان اسقط ذلك على العراق ، اما خامسا وسادسا وسابعا …الخ فاني وعندماغادرت العراق منذ عشرين سنه ونيف لم اجد وطني في حقيبة سفري ولم اجد وطني في الامان والعيش الكريم الذي وفره لي بلد اللجوء ، ولم تعوضني طبيعة هذا البلد ولامتاحفه وموسيقاه ومسارحه وثقافته عن وطني العراق .
لم اجد في هذا البلد ولن نجد في اي بلد اخر مراقد علي والحسين والامام الاعظم والكيلاني والشيخ جنيد وعمر السهرودي ، لم اجد في هذا البلد الباجة والخبز عروك ولا الكاهي ولاكعك السيد  ولا حتى اللوبيا الخضراء غير موجودة تصورا في بعض الاحيان اعيش حالة ايهام عندما استعيض عنها بالفاصوليا الخضراء واتعامل معها على انها لوبيا وانا اتجرع الاوزوا اليوناني على انه عرق مستكي ، بعد هذا العمر والبحث لم اجد مقهى حسن عجمي والسيدة في شارع الرشيد ولم اجد مطعم درويش في كركوك ولم اجد وسوف لن اجد ، لا اريد ان اتذكر دجلة والفرات والجنائن المعلقة ولااريد ان اتذكر رقصة الساس والجوبي …الخ لانها تؤلم لذا سانطلق بمناقشة ماقراءته .    
عرف المختصين مفهوم الوطن بمايلي: (هو عبارة عن مساحة الارض او المنطقة التي يرتبط بها الشعب ارتباطا تاريخيا طويلا ، المنطقة التي ولدت فيها الهوية الوطنية للشعب. ليست هذه المنطقة الجغرافية بالضرورة مكان ولادة الشخص ، بل هي المنطقة الجغرافية التي ولدت فيها امته).
هذا التعريف يتعرض اليوم الى مايشبه الرياح العاتية التي تقتلع الاشياء من جذورها ، فمساحة الارض هذه ملئها الغرباء الذين اجتاحوها مع الدبابات الامريكية وحاولوا ان يكتبوا لهم تاريخ عبر احراق كل الوثائق والمستمسكات الرسمية ، والهوية الوطنية للشعب قسمت الى اكثر من هوية عبر تداخل المفاهيم والافكار وعبر الارتباط بالخارج ، وتحول البلد من امة الى مجموعة امم وكل امة تدعي بعائدية الوطن لها .
والمواطنة تعني (وحدة الانتماء والولاء من قبل كل المكون السكاني في البلاد على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي للوطن الذي يحتضنهم ، الامر الذي يقتضي ان تذوب كل خلافاتهم واختلافاتهم عند حدود المشاركة والتعاون في بناء الوطن وتنميته والحفاظ على العيش المشترك فيه).
ان تعريف المواطن ليس بحاجة الى تعليق لان الاحداث الواقعية تعلق عليه افضل تعليق ، فلا ذوبان ولا عيش مشترك . 
اما تعريف الوطنية فهو كما يقول اصحاب الاختصاص ( مصطلح يستخدم للدلالة على المواقف الايجابية والمؤيدة للوطن من قبل الافراد والجماعات).
هل يتفق من يعيش اليوم في هذا البلدعلى علم  او نشيد وطني واحد وهل يفتخر ابناءه بثقافة وتراث هذا البلد الحضاري التي تمتد الى الاف السنيين؟

من هو المسؤول عن الذي يجري ؟ لايمكن ان اقول او اتكهن او يقول ويتكهن غيري من ان ابناء العراق من شماله الى جنوبه هم من يتحملون المسؤولية عن هذا التشرذم والتمزق والتناحر لان هذا الشعب ببساطه هو نفس الشعب الذي قاتل بروح وطنية عالية وكل حسب قدرته ثمان سنوات للدفاع عن حدود بلدهم وهو نفس الشعب الذي  حقق المعجزات رغم تحمله الحصار والعدوان ، اذن المسبب لهذه الفوضى هو مايتحرك خلف الكواليس في خارج الحدود وداخل الحدود وعلى الشعب ان يقوم بواجبه كما تفعل الشعوب الحية من اجل العودة الى التعرايف التي عرفت المفاهيم المشار اليها اعلاه والتخلص من الكاتم وحالة التمزق والتشرذم والانقسام وتحقيق الامن والامان .
هناك امر اخر لابد ان نشير اليه وهو ان واجب المواطن معروف اتجاه وطنه مع تغير الظروف الذاتية والموضوعية التي يعيشها الوطن ومن هنا فان من المحرمات ان يتحول المواطن الى مرتزق ويطالب الوطن او المواطنين الاخرين بثمن قيامه بواجبه اتجاه وطنه وشركاءه بالوطن، واذا مافكر اي مواطن بالحصول على ثمن مادي او معنوي فوري او مؤجل فهو في وهم كبير ، فالمطلوب من االمواطن القيام بواجبه اتجاه وطنه الواجب الذي يصل حد الاستشهاد ومن ثم فالوطن وشركاء الوطن يسجلون الافعال والمواقف وليس الاقوال والجعجه الفارغة وكلا سيعطى مايستحق بعد ان تتحقق الاهداف التي يعتقد المواطن انها تخدم وطنه وشعبه ، قد يركب سفينه الوطنيه التي تبحر من اجل اعادة الوطن الى مايجب ان يكون عليه البعض من اللصوص والذين يبحثون عن الفرص وهذا طبيعي لكنهم سينكشفون لان حبل الكذب قصير؟

* عضو هيئة التنسيق المركزية لدعم الانتفاضة العراقية

أحدث المقالات