7 أبريل، 2024 9:20 م
Search
Close this search box.

الوطن والمواطنه وضريبة الدم

Facebook
Twitter
LinkedIn

وطن ومواطن وحكم وطني وعشرات المسميات التي ارتبطت بتلك الكلمة التي ما ان يمر ذكرها إلا واغرورقت المقل واستنفرت المشاعر وتنكب الفرسان وصدحت الحناجر بالقصائد والأناشيد الحماسية انها كلمة الوطن والذي جعلت له رموز تدل عليه منها العلم والرئيس والسفارة والمنتخب الوطني ورئيس الوزراء والديناروغير ذلك وكل اصبح له قدسية واحيط بخطوط حمراء لاحصر لها ، وكم من ثورة حدثت بسبب الأساءة لتلك الرموز بل ان التعصب وصل الى الحد الذي قد يبيح التجاوز على المقدسات الدينية ، ولكن الوطن ورموزه لا وألف لا ، قد يصل التعصب له الى صدامات وصراعات قد تكون ساحاتها ومسارحها الشوارع والملاعب والمدن وما رفع العلم الكردي في كركوك الا شاهد قريب يظهر جلياً مدى التعصب والجهل وبكل تأكيد لا يصب في اي من معاني الولاء للوطن فالمتباكون عليه والمتعصبون له هم انفسهم من يسرقوا الوطن ويدمروه .
شغلتني كثيراً كلمة الوطن وغدوت ابحث فيه عبر التأريخ واتتبع التاريخ بحثاً عن اسس الأوطان فوجدت يقيناً انها صناعة بشرية وليست ربانية بتنزيل فلم تذكر الكتب السماوية الأوطان بل ذكرت ان الأرض خلقها الله مستقراً للبشرية فكيف تشكلت الأوطان ؟ تشكلت الأوطان من قبل تجمعات بشرية احادية وهي حدود جغرافية للأراضي التي يسكنها مجتمع واحد من نوع ولون واحد وغالب تشكيل تلك الأوطان هو القوة وفرض السيادة تحت ظلال السيوف والغزو والفتح والاغتصاب فأساس تشكيل الأوطان قديماً هو الدم والانتهاك والابتزاز وكم من قبيلة قادها شيخها المغامر الى اراضي مجهوله ليبيد امم ويحرق قرى كي يؤسس وطننا لقيبلته وقومه .
تطورت المجتمعات واتسعت ولكن بقيت الأوطان اسيرة التنظير السابق وهي حدود جغرافية لسكن شعب ما واغلبها خطت حدودها بالدم والتضحيات وكلما زادت التضحيات كلما زادت اثمان الاوطان وظهرت الاوطان متعددة الأعراق والمجتمعات نتيجة الغزوات والفتوحات واصبحت تظم خليطاً مجتمعياً منسجماً متعايشاً تحت خيمته الكبيره .
لذلك فالوطن هيكل اداري لجغرافية تضم مجتمع لم يختاره وتمثل حدوده خطوط السيادة للدولة ومن ثم اصبحت المياه المتاخمة والاجواء جزءاً من السيادة ايضاً وان كان الوطن كذلك فهو لا يمثل اي قدسية بل يمثل حدود سيادة السلطة ولعل العودة للمجتمع اليوتيبي الأفلاطوني الذي قسم المجتمع لثلاث طبقات هم الحكماء ( يحكمون الشعب ) والحرس او الجيش وهم يقاتلون تحت رايته، والعمال قد يبين ان هناك طبقة سياسية تتولى الحكم وجنود يقاتلون للدفاع عن الوطن والحاكم وطبقة الشعب التي تكد وتعمل لانعاش الطبقة الحاكمة وحينما يرى الحاكم ان حدود وطنه مهددة يزج بالجيش ليذودوا عن الحدود بدمائهم من اجل بقاء الحاكم !
الحروب تندلع من اجل الأوطان والسيادة والحرب العالمية الأولى التي ذهب ضحيتها تسعة ملايين انسان كانت بسبب اغتيال ولي عهد النمسا وزوجته في صربيا وحينما وضعت الحرب اوزارها كانت النتائج تلاشي الامبراطورية النمساوية والروسية والالمانية والبلجيكية والعثمانية فضاع الصاع والميزان .
ظهرت مفاهيم حديثة مرادفة للوطن كمفهوم الأمة كما في امريكا واصبح العلم الأمريكي يمثل الأمة الأمريكية وأعلام الولايات ترمز للأوطان حسب الولايات ومن هنا اصبح الجند يزجون الى الموت من اجل الأمة وتلك خديعة بشكل آخر !
الأوطان طالما انها غير مقدسة فبالامكان تغييرها وكم من وطن تغير خلال هذا القرن فقط فما بالك بالقرون قبله وكم من امبراطوريات انكفت لتصبح دولاً واحياناً دولاً ضعيفة كمنغوليا مهد اكبر الامبراطوريات التي حكمت الأرض ! واحيانا يغير الانسان وطنه الأم الذي لم يكن إختياراً ويختار وطناً آخر يجد فيه سعادته واستقراره لأسباب مختلفه طبيعية وسياسية واجتماعية وحينما يختار الأنسان وطناً جديداً يذوب فيه مجتمعياً ويصبح ولاءه وانتمائه لوطنه الجديد امراً طبيعياً .
الله . الوطن . الملك ، شعارات زائفة اشبعت بها الشعوب وهي تعني الملك ثم الملك ثم الملك فالله لو كان حقاً اولوية النهج لما طغى الملك وظلم الرعية وإنفرد بالسلطة والثروة ، والوطن هو في الحقيقة قلعة المُلْك والمملكه ومن اجله ينحر الشعب بأجمعه ولكن يعيش الملك ،
الأمر الآخر هو الحنين للذكريات وهو ذلك الشعور والعواطف التي يخطيء بها البعض فيعتبرها حنين للوطن الأم ولكنها في الحقيقة حنين لرقعة من الوطن نقشت فيها ذكرياتك ولذلك حينما يغترب المواطن من موطنه الأم لا ينتابه الحنين لكل الوطن بل فقط الى منطقته فالمغترب من الأعظمية أو من الحله أو تكريت لايحن للعمارة او البصرة في بلد الأغتراب بل يشده الحنين الى منطقته ولذلك قلت انها مشاعر لا علاقة لها بالوطن بل بمنطقة التولد والأهل والجيران والمحلة ومناطق الصبا .
الأوطان تصنعها السياسة ويوهموننا بان الاوطان تصنعها الشعوب ودول اوربا خير دليل معاصر لذلك ولكن بمجرد ان يفكر جزء من الشعب بان يستقل بوطن جديد يخصه يصبح هؤلاء انفصاليون يجب ان يجتثوا كي يكونوا عبرةً لمن اعتبر واقليم كاتالونيا مثال جلي لذلك ، واقليم كردستان كذلك ، والوطن يقرره الحاكم ويقدر تهديداته الحاكم ، ولكن يقتل في سبيله المواطن الذي يوهموه انه وطنه ولابد ان يدافع عنه ولكنه حينما يريد ان يسكن بوطنه يجب ان يدفع ثمناً لقطعة الارض التي يسكن فيها الى الحاكم وتلك معادلة غريبة فمن يموت ويقتل من اجل وطنه لا يمتلك به شبراً الا بعد دفع ثمنه ، اليست مهزلة واستخفاف بالعقول .
ختاماً الوطن هيكل تنظيمي للجغرافية التي تضم شعباً وحدوده هي خطوط سيادة الحاكم وهو بما يحوي في خدمة الحاكم وملكاً له يدافع عنه الجنود ويشتغل فيه العمال ليبنوه ويعمروه ليغتني الحكام فهو وهم كبير وجدران عالية لسجن أكبر والويل كل الويل لمن تخطاه ووقع في ارض وطن اخر وعبر حدوده التي لا اعلم لغاية اللحظه لم رسمت متعرجه !
الوطن إكذوبة الموت التي تعطي تعليلاً لنحر الأرواح تحت حجج الدفاع ودرء المخاطر عنه وسيأتي اليوم الذي سيعي فيه الشعوب ان الأوطان اقطاعيات للطبقة الحاكمه ويعود العالم ليشكل وطناً واحداً يسع الجميع وتتحول الحكومات الى نظم ادارية سلسة بمتناول الجميع ويتحقق حلم الفارابي بوطن المجتمعات التعددية المتعايشه .
اعتذر للأطالة على الرغم من اختزال الأفكار وتلخيصها لأقصى الأيجاز .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب