19 ديسمبر، 2024 12:51 ص

الوطن في فكر الإمام علي (ع)

الوطن في فكر الإمام علي (ع)

يولد الإنسان وحنينه أبدا لأول منزل هكذا قال الشاعر ذات يوم فأصبح ما قاله مثلا يردده كل غريب وكل من هُجِر وأحيانا يردده من يعيش في وطنه أيضا!! ربما لأنه يشعر بالغربة! وتوارثت الأجيال فكرة حب الوطن حتى ورد في الحديث أن ((حب الوطن من الإيمان)) نعم حب الوطن من الإيمان إذا لم تكن مستضعفا ومهمشًا فيه  لكن لنرى ما قاله الإمام علي “ع” عن الوطن يقول ((الغنى في الغربة وطن , والفقر في الوطن غربة)) فعلي “ع” يرى ان مقومات الحنين الى الوطن وحبه هو ان تكون فيه غنيا وان لاتمد يدك لأحد فيرى الإمام ان الشخص الذي يتمتع بالاكتفاء الاقتصادي غني وان كان في وطن غير وطنه ..ويعتبر الفقر في الوطن غربة,, إذ ما قيمة الوطن عند الإنسان الذي يفترش الأرض ويلتحف السماء ولنقرأ من زاوية أخرى ما قاله علي في الوطن يقول ((ليس بلد أحق بك من بلد خير البلدان ما حملك)) فــ علي “ع” يرى أن خير البلدان بالنسبة لأي إنسان هو البلد الذي يحملك ومعنى يحملك إن تجد فيه عيشك الكريم وحريتك الاجتماعية والدينية والفكرية..ولذلك نرى إن أمير المؤمنين “ع” لم يختار البقاء في مكة أو المدينة عندما أصبح خليفة المسلمين بل وجد الكوفة هي البلد التي تحمل بعض هموم وأفكار عليا “ع” ولعل البعض يعترض ويقول إن عليا ذم أهل الكوفة نقول نعم ولكن أهل الكوفة ورغم كل ما عملوه إلا إنهم أفضل من أهل المدينة الذين لم يحركوا ساكنا في نصرة علي والحسن والحسين “ع”!!ولسنا بصدد بحث ذلك؟نعود لنقول إن نظرة الأمام علي “ع” للوطن استقاها من القران الذي يقول ((إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ  أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا)) فالله سبحانه يريد من الإنسان أن لا يتقيد بوطن تحاصر فيه التطلعات والآمال والأفكار ويستضعف به المؤمن فالهجرة مقدمة على البقاء إذا كان البقاء في الوطن سلبيا ويسبب الاستضعاف للإنسان وخصوصا المؤمن وانه يجب علينا أن ندرس الواقع دراسة حقيقية وان لا نربطه بصور وخيالات لما يجب أن يكون فإذا تعسر التغيير فالهجرة أولى من البقاء في فكر الأمام “ع” ..وآخر ما نقوله إننا مع الدعوة التي تقول يجب على الإنسان أن يهجر مشاعره السلبية التي حصر نفسه داخلها ويجب هجر تصوراتنا للوضع الأمثل الذي يجب أن نكون عليه وعلينا أن نعمق في أنفسنا ما قاله عليا “ليس بلد أحق بك من بلد..” ولا يفهم البعض إن هذه دعوة للهجرة بقدر ما هي دعوة لقراءة الفكر الإسلامي الأصيل في نهج البلاغة .