23 ديسمبر، 2024 7:57 م

هذا عنوان فيلم الممثل الأمريكي الاسترالي الأصل ميل جيبسون الحائز على جائزة الاوسكار عن فيلم (The Brave Heart). وهذا هو عنوان رسالتي لوزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر (Ashton B. Carter) الذي وصف أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي يوم 27-10-2015، الحشد الشعبي بـأنهم (ميليشيا)، وكان قد أدعى في شهر أيار الماضي بأن الجيش العراقي لا يملك إرادة للقتال ضد داعش، وقد رد على تصريحاته بالاستغراب رئيس الوزراء حيدر العبادي في حينها.
     والمشترك بين الفيلمين بان ما يرفضه السيد آشتون كارتر في من درء خطر داعش عنا متعاضدا مع الجيش العراقي وهم قوات الحشد الشعبي “الميليشيا” كان عنصر قوة تشكيل قوات شعبية (Militia) تقاتل من أجل حرية ووحدة الولايات المتحدة الأمريكية في فيلم (الوطني) وبالفلم الثاني مع الاسكتلنديين (القلب الشجاع) لطرد قوات “بريطانيا العظمى”. وقبل هذا وذاك أرجو من السيد آشتون والقراء أن يذهبوا لموسوعة السيد (Google) لمعرفة معنى كلمة (Militia) وكذا ليطلع على أمهات القواميس الإنكليزية-العربية ليرى ما هي المعاني الرئيسة لهذه الكلمة. وأدعوه أن يذهب لمشاهدة تمثال جون باركر (13 يوليو 1729-17 سبتمبر 1775). وهو مزارع وميكانيكي أمريكي، والجندي الذي قاد ميليشيا ليكسينغتون في معركة ليكسينغتون في 19 أبريل 1775. ولهذا فإن الميليشيات يمكن أن تكون تشكيلا عسكريا أو شبه عسكري، اعتمادا على نموذج استخدامها. فبعض الصور التي يستخدم بها مصطلح “الميليشيا” تقوم بنشاطات الدفاع أو الخدمة، لحماية المجتمع، أراضيها، والملكية، والقوانين. وقد أطلق عليها عدة أسماء منها جيش الاحتياط الرسمي، الذي يتألف من مواطنين جنود، والحرس الوطني، وقوات الدفاع عن الدولة.
والميليشيا جيش تشكله عادة قوات غير نظامية; من مواطنين، يعملون بأسلوب حرب العصابات، بعكس مقاتلي الجيوش النظامية (الجنود المحترفين، أو قد يكونون من ناحية تاريخية مقاتلين ينتمون لطبقات نبيلة مثل الساموراي والفرسان). ومع بدايات القرن العشرين، ظهرت ميليشيات يمكن اعتبار أعضائها مقاتلين محترفين مع بقاء حالتهم كـ”مقاتلين لوقت محدود” أو “عند الطلب”. ويمكن أن تكون في عدة أشكال، قواتا تابعة للجيش النظامي كما الحال في الصين أو سويسرا. أو منظمات مسلحة تابعة لأحزاب أو حركات سياسية. وكذا قوات دفاعية تقوم بتشكيلها من قبل سلطات أو مواطني منطقة سكنية أو جغرافية محددة في إطار جهوي أو ديني وقد تكون مدعومة من السلطات الرسمية. ومتى ما خرجت عن النظام العسكري والقانوني أصبحت في حيز الانتقاد السلبي مثل ما يحدث في بعض الاحيان حيث ينبذ عناصره ويرفضهم مؤيديهم كونهم عرضوا المفهوم السيء (bad connotation) لكلمة القوات الشعبية “الميليشيات”.
    وبالعودة الى فيلم (الوطني) حيث يصف حال الجيش النظامي الأمريكي الذي كان بحاجة ماسة للدعم ليتمكن من الصمود بأرض المعركة، لهذا كان يحتاج للوقت لحين وصول مدد الجيش الفرنسي اليه حتى يستطع مواجهة القوات البريطانية على أرض مستعمرتهم الأمريكية، فجمع “بطل الفيلم” كل من تخلف عن القتال في المدينة وأكثرهم قسوة، ليُشكل منهم ميليشيا غير نظامية تهاجم الجيش الإنكليزي التي كانت تباغتهم لتوقع بهم خسائر كبيرة وتزرع فيهم حالة من الرعب، فحققت الميليشيا نصرا مع الجيش الأمريكي حتى وصول المدد لتنتصر في ما بعد بمعركتها!!، وهو نفس المنطق الكامن في صورة ومشاهد نصر قواتنا المسلحة العراقية مع مقاتلي الحشد الشعبي وأبناء العشائر، مع اختلاف المقاربة الواقعية للأهداف والعقيدة وطبيعة العدو، فماذا كانت الولايات المتحدة تسمي الصحوات عندما شكلتهم لطرد القاعدة ؟؟ هل كانوا ميليشيا أمريكا؟؟ أم مقاتلي أبناء العشائر الذين يواجهون الإرهاب القاعدي، الذي فشلت أمريكا بطرده من المنطقة الغربية!.. وفيما يبدو بأن الولايات المتحدة التي تصر على تشكيل الحرس الوطني ذو الصبغة الأمريكية وإن كنا لا نعترض على إنشاءه ولكننا نختلف على فقرات قانونه، هو أيضا يعتبر حسب التعريف الموسوعي (الإنكليزي) من “الميليشيا”. وبعد هذا الوصف وقراءة لاستثنائية حالة الوضع العراقي الذي يقاتل إرهابا عالميا على أراضيه ألسنا بحاجة لفصائل الحشد الشعبي لتدافع عن الأرض والمقدسات. وأسأل الإدارة الأمريكية ووزير دفاعها وستراتيجيتها لمحاربة داعش جوية وسياسية وإعلامية وعولمية هل حققت نجاحا ام فشلت؟؟ ألا يحتاج العراق لجنودا عقائديين يواجهون الإرهاب القاعدي الداعشي فكرا وقتالا بالميدان؟؟؟ ومن هم خير من أبناءه كواسر الحشد الشعبي الذين لبوا نداء المرجعية الرشيدة والشعب العراقي وكذا مثلهم غيارى أبناء العشائر ليقدموا أنفسهم مشاريع شهادة للذود عن حياض الوطن.
     وكانت وزارة الخارجية البريطانية قد اعترضت على تصوير البريطانيين بهذه الهمجية بفلم (The Patriot)، وقال بعضا منهم “إن الأحداث تم تلفيقها وهي لا تمت للتاريخ بصلة، وإن تزييف التاريخ لصناعة واقع أمريكي أمر غير أخلاقي”. أفلا يكفي للولايات المتحدة اللعب بازدواجية حسب مراسي مصالحها في المنطقة وتراعي قوانين المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن التي تحثهم على مقاتلة داعش بكل ما اوتوا من قدرات لا أن تستخدمهم أوارق لعب سياسي للضغط هنا وهناك، وعليهم الاستفادة من دروس التاريخ التي أثبتت بأن الأوطان هي التي تنتصر في الاخر، ولهم في فيتنام مثلا حيا وشاهدا على إن الجيوش الشعبية “الميليشيات” هي التي حققت النصر على جيوشهم.
وعلى الحكومة العراقية وسياستها الخارجية أن تُذكر الولايات المتحدة الأمريكية بأن كل شيء بالسياسة نسبي فلا ثوابت، والدب الروسي والسيد “أبو علي” مثلما يحلو للشارع العراقي تسمية السيد بوتين جاهز ومستعد للدخول بكل ترسانته وثقله لمحاربة داعش في العراق.