23 ديسمبر، 2024 2:38 م

الوطنية بين الواقع الاصيل والتعارض الدخيل

الوطنية بين الواقع الاصيل والتعارض الدخيل

الوطنية تعني مصالح الوطن ,
ومصالح الوطن تعني مصالح المواطن ,
ومصالح المواطن تعني الثروات والمقدرات ,
والثروات والمقدرات تحتاج  لتنظيم الحقوق والواجبات ,
 والحقوق والواجبات تعني الدستور والقوانين والقضاء ,
والدستور والقوانين تحتاج لسلطة تشريعية ,( البرلمان )
والسلطة التشريعية تحتاج لسلطة تنفيذية ,( الحكومة )
والدستور والقوانين والقضاء والبرلمان والحكومة والمؤسسات , تسمى الدولة .
والمحفاظة على هذه كلها تسمى وطنية .

بعد هذه التوطئة ندخل في الموضوع .
 
باختلاط مفهوم الوطنية مع مفاهيم الدين والمصالح الخاصة , لا يمكن للمسؤول ان يكون  وطنيا بالمعنى الصحيح  وهو لا يستطيع فرز هذه المفاهيم عن بعضا ,  متأرجح بين هذه وتلك , فمرة يقدم رجلا هنا ويأخر اخرى هناك متذبب مضطرب , تتقاطع في رأسه المفاهيم 
وتتعارض في نفسه المصاديق , لا يميز بن الثابت والمتحرك , وبالتالي تضيع الكثير من الفرص الوطنية والوقت والثروات ,

و المسؤول العالم المتقصد في طمس هوية ومصلحة  الوطن من اجل مصلحة اخرى واضح  المعالم والتصرف للعيان  , لايحتاج لعين بصيرة وبصيرة نافذة , والكامرة الاعلامية رصدت الكثير من حالاته السقيمة بالصوت و الصورة  فلا شأن لنا به وهو خارج  دائرة حديثنا ,

 المواطن البسيط ايضا يصعب عليه معرفة معني الوطنية بمفهوما الصحيح  , فهو لا يدرك معنى ارتباطه بالوطن بالعنوان الشامل لعدم وجود هذا المعني بشكله الدقيق  على ساحة التفاعل , فهو لم يتعلم مفهوم التواجد الحقيقي في الوطن  على نحو الانتفاع والاستفادة من الثروات , وغياب الامن والاسقرار والشعور بالطمأنينة  , ومن ثم الدفاع عنه بهذه اللحاظات على اقل تقدير , لا يفرق بين المفاهيم التي يطرحها الحكام من خلال وسائل الاعلام على مر السنين بالتعاقب , وبين المفاهيم الحقيقية التي يطرحها المفكر الوطني او المثقف المطلع على المعنى الصحيح  الخالي من اللوثات و الغايات لمفهوم الوطنية , ولم تعمل الموؤسسات الدينية والثقافية  ايضا على ايضاح المعنى للمواطن بالقدر الكافي  , وملأ حاجته لمعرفة مفهوم الوطنية ومصاديقه الصحيحة لاسباب كثيرة لا يسعنا المجال لذكرها ,
فغاب عن المواطن البسيط مفهوم الوطن والوطنية بمعناه الحقيقي وبقي عنده المعنى الاعتباري البسيط , فالبعض من الناس ومن رجال الدين يروون ان الدين اولى من الوطنية  و هو اولى , وهو الحاكم على الوطنية , وان الدين هو ماريده الله من الناس ,,, والحقيقة ان الوطنية بما هي من مصالح الناس لا تتعارض مع تعاليم الاديان ومع ارادة الله سبحانه في خلقه , تتطابق تماما مع مصالح الناس بمعنى ( الوطنية ) ..
 ومع تعارض الاديان والمذاهب مع بعضها في قسم من الكليات والجزئيات لا يمكن ان نقول ان ارادة الله هنا او هناك , (لو كان من عند الله لما اختلفوا فيه ) اي انها قراءات متعددة لمفهوم الدين لمذهب و لمدارس واجتهادات واختلاف في التفسيرات والرؤى و المصالح في داخل رقعة الوطن  , فكيف تكون هذه حاكمة على هذ !!!
 وكل يدعي ان اجتهاده و تفسيره هو ما يريده الله , وعلى الناس ان تفضل وتغلب قوله وفعله في حالات التعارض على المصالح الوطنية التي هي مصالح العباد جميعا في البلاد ,

 فلو ان مايسمى حاضنة السنة المملكة العربية السعودية احتاجت لجزء من الوطنية العراقية لصالح الدين كما تدعي , لما تردد البعض في اعطائها ذلك الجزء على حساب الوطن والمصلحة العامة ,  وبمررات كثيرة  وعناوين جميلة  تجمع بادوات دينية  من هنا وهناك ,, ولو ان ايران حاضنة الشيعة  كما يدعي البعض احتاجت لجزء من الوطنية العراقية لما تردد البعض في اعطائها ذلك الجزء على حساب الوطن والمصلحة العامة , والمبررات لا تختلف كثيرا عن المبررات السابقة وبمثل تلك الادوات الدينية , متناسين ان الصراع بين ايران والسعودية صراع  على المصالح ومناطق النفوذ والسيطرة على المنطقة , يصور للناس انه صراع مذهبي لدواعي الاستقطاب والاصطفاف والتخندق ,
 والامر لا يختلف كثيرا مع بقية حواضن  الاديان والمذاهب وتعاليمهم الخاصة ,

 وكذا الامر مع المصالح الخاصة والانتمائات السياسية والعرقية والحزبية , فجلها ان لم نقل كلها مقدمة على مصلحة الوطن ومفهوم الوطنية عند البعض و المبررات والمسوغات كثيرة  لا تعد ولا تحصى ,
والوطنية الصحيحة الشائعة هي حب الوطن بما هو ارض ومكان تواجد الناس ومصالح وتاريخ ومستقبل اجيال , والحفاظ على الثروات ومنافسة البلدان بالبناء والتطور المنشود لمقتضيات حاجة العامة لا الخاصة منهما , بالمشتركات وقواسمها عند الجميع , والحفاظ على هذه المسميات هو حفاظ على مقدرات الناس قبل الارض وخصوصية العقائد والسياسات والاحزاب والمصالح الفؤية  ,
ولا يكفي الادعاء والاختصار على الاقوال دون الافعال من قبل الساسة ورجال الدين واهل النفوذ واهل الرأي , فمعيار الوطنية المتكاملة في الافعال والمواقف لا  الاكتفاء بالاقوال والاشارات  ,
فمتى نرى المصالح  الوطنية في العراق تقدم  بشكلها الصحيح المتكامل غير المنقوص على جميع المسميات الاخرى ؟؟ ومتى يثقف المواطن العراقي بهذه الثقافة التي تحفظ له كامل حقوقه كمواطن يحافظ على مصالح وطنه  و لا يفرط بشي منها للاخرين  ؟؟.