18 أبريل، 2024 8:04 ص
Search
Close this search box.

الوطنية الصادقة

Facebook
Twitter
LinkedIn

حينما طالعت مقالة ألأستاذ الكبير- طارق الكناني- عن مفهوم المصارف العراقية والمراحل الكثيرة التي مرت بها من قبل السقوط – تحرير العراق- حتى هذه اللحظة وقفتُ عاجزاً عن التفوه بكلمة واحدة لأنني شعرتُ كمن أصابهُ مساَّ كهربائي صاعق وأحال ماتبقى من معنوياتهِ الى كومة من رماد فكري ومعنوي لابل أحسستُ بمدى الضياع الكبير الذي يمر فيه بلدنا الحبيب. أعدت قراءة الموضوع أكثر من مرة وحاولت ألأنتقال الى موضوع آخر لكنني شعرت أن هناك مطارق فولاذية تطرق رأسي وتحثني على القول أو الحديث عن أي شيء آخر كي أرتاح من الجحيم الفكري الذي غزا مخيلتي بكل ضراوة. أنا لاأفهم بنظام المصارف العراقية ولا عن كيفية المبادلات التجارية لأنني محصن تجاه هذا الموضوع الشائك – لأنني بالكاد أدبر قوت يومي- ولكن ينبغي الحديث عن شيء آخر ربما يصب في هذا المفهوم الذي طرحه السيد الكاتب. أعجبني جدا المقطع الذي أجاب فيه عن إستفسار أحد أصدقائه الذي طلب منه ألأستشارة لوضع أمواله في مصارف دولة مجاوره ليضمن ربح 10 بالمئة من ألأرباح وماشابه ذلك. أقتبس جوابه هنا ليكون نقطة ألأنطلاق للحديث عن موضوع آخر ” …. 
إن كان يهمك رأيي فأنا أضع هذا العمل تحت بند الخيانة العظمى فهذا يعني التخريب الاقتصادي حيث ستقوم أنت بتهريب أموالك إلى جهة أجنبية ليتم استثمارها من قبل مصارف تلك الدولة على الأنشطة المستدامة في فتح المصانع والمؤسسات المنتجة والتي بدورها ستقوم بتصدير بضائعها إلى العراق وأسعارها بالعملة الصعبة وسوف تستلم أنت جزءا بسيطا من تلك الأرباح وبالتالي فأن الصناعي العراقي لا يمكن أن ينافس تلك البضائع المدعومة من قبل دولها الواردة منها وستكون ساهمت أنت وأمثالك من الأغبياء في تهديم الاقتصاد العراقي ” . بوركتَ أيها ألأستاذ الكاتب وهذا يدل على مدى إلتصاقكِ المخلص بهذه ألارض المقدسة التي نطلق عليها إسم العراق. حينما يفكر الفرد العراقي بنقل أموالهِ الى دولة آخرى هو يمارس صفة الكره الشديد لهذه ألأرض الطيبة ولايهمه إن تقدم الوطن في هذا المجال أم لا. هو يساهم من نقطة الفرد لأستخدام مال وإن كان ليس كبيراً في تهديم ركن من أركان المنظومة ألأقتصادية للبلد. هو لايفكر أبداً بمدى الضرر الذي يحققه ضد وطننا الجميل. إذا كان كل فرد من أفراد شعبنا يفكر بهذه الطريقة ستكون النتيجة وخيمة بكل معاييرها على كل الشعب العراقي. لاتقل لي – أنا شخص واحد وماذا تسبب أموالي البسيطة للأقتصاد العام؟ – الموضوع أكبر من هذا بكثير. أين هي الوطنية التي نقاتل من أجلها جميعا لتحقيق بلد متكامل من كافة ألأطراف. هذا ألأنسان يحمل سلاحا آخر ليهدم به مواقع أخرى من مواقع البلد الكبير.

عام1987  طلب مني فيصل عربو – مدير تلفزيون المغتربين الغرب في ديترويت أن اذهب معه للعمل هناك وترك العراق الى ألأبد وحينما أجبته أن بلدي في حاجة لي سخر مني كثيرا واتهمني بالجنون وصاح أي بلدٍ هذا الذي تتحدث عنه؟. وفي عام 2006 كنت أرافق أحد الصحفيين ألأمريكان في مكان ما من العراق وطرح علي نفس السؤال وأن يساعدني للهجرة الى أمريكا..وحينما أجبته ” إذا ذهبتُ أنا وكل الشباب من سيبقى في العراق من أجل إعادة بنائهِ من جديد؟” ضحك هو ألاخر وقال “..وماهو الشيء الذي بقي في بلدك؟” .
شعرت في تلك اللحظة أنه يطلق النار على صدري من كافة الجهات. وألان يأتي فرد آخر لايريد أن يستثمر أموالهِ في بلاد ألأضرحه المقدسة وتاريخ الحضارات البعيدة . من سيبني العراق إذا كان هذا الفرد وذاك الشخص يفكر بطرق لتدمير البلد الحبيب؟ أصبح الجميع يفكر بطريقة شخصية لاتمت للوطن بصلة مطلقاً من أجل حفنة من الدولارات لايلبث أن يتركها للورثة حينما ينام في قبرهِ وحيدا عاريا من كل شيء عدا أعمالة الصالحة التي تنقذه من عذاب يومٍ كبير. ربما ينبري شخص ويقول أنك تتحدث بطريقة إنشائية خيالية ليس لها وجود. حسناً لنتحدث بطريقة إنشائية ولكن يجب أن تكون هذه الطريقة ألأنشائية تصب في مدارات بناء الوطن وليس تدميره. حينما أتحدث مع شخص مقرب عن عدم إستطاعتي العيش خارج حدود بلدي – يتهمني بأنني مصاب بالفوبيا أو مرض الحنين الى الوطن- نعم أنا مصاب بحب وطني ولاأستطيع العيش خارج حدوده مهما كانت الأسباب.كما قلت أعلاه أنني لاأفهم بعمل المصارف العراقية ولكنني فهمتُ أن العراق هو البلد الوحيد الذي لايمكن أن تثق به دول العالم من ناحية التعاملات المالية. حينما حاولت ألأشتراك عن طريق اليوتيوب وأرسال أفلام لغرض الحصول من ورائها على مال معين أخبرونني أنني لاأستطيع فعل هذا الشيء بسبب عدم وجود نظام مالي على شاكلة الدول ألأخرى. لم يعد أي مجتمع دولي يثق بالتعاملات المالية مع العراق بسبب الفساد وعدم الخبرة في إدارة تلك المصارف. الحمد لله أنا أمين في القافلة في الزمن الحاضر لأنني أنتمي الى طبقات الفئات البشرية المسحوقة ولكنني أشعر في داخلي أنني وطني من الدرجة ألأولى على الرغم من أن وطنني لم يمنحني أدنى حق من حقوق الفئات التي تنتمي الى صفات المجموعات ألأنسانية . الحمد لله كثيراً لأنني لم أسرق درهما واحداً لا قبل التغيير ولابعده وهذا يجعلني سعيدا لما تبقى من سنوات العمر.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب