9 أبريل، 2024 6:01 ص
Search
Close this search box.

الوطنية الشيعية

Facebook
Twitter
LinkedIn

طرح السيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة .مصطلح ( الوطنية الشيعية ) وذلك في سياق دعوة الى الوطنية الشيعية من دون ان يفصل ويشرح ما ينطوي عليه كنه دعوته التي بدت حمالة أوجه ،وهو ما اثار الجدل الذي صاحبه العديد من علامات الاستفهام .
وفي سبيل مناقشة هذا الطرح ،نستعرض القراءات والرؤى حول هذه الدعوة والتي تأتي في مرحلة حساسة ومعقدة من تأريخ العراق المعاصر حيث تعيش الامة العراقية في مرحلة التيه بسبب غياب العقد الوطني الاجتماعي واخفاقات التيار الاسلامي الشيعي في السلطة ، بالاضافة الى المنهج الخاطئ في التأسيس الاميركي لادارة الحكم.
°°النقاش°°
•• الوجه الاول : وهو الوجه العام والسطحي لهذا الطرح والذي يرى فيه البعض بانه اتهام لأتباع المذهب الشيعي في العراق ،بأن تنقصهم الوطنية او ان الوطنية لا تشكل جزءا من هويتهم .
وفي هذا الوجه من معنى الدعوة ، تصبح الدعوة اتهاما زائفا يتناقض مع تأريخ العراقيين العرب المسلمين الشيعة والذين يشكلون 97% من اجمالي تعدادهم في العراق .
وغالبية اتباع المذهب الشيعي الاثنى عشري يتركزون في الجنوب وهم اصل العراق ،بحسب دراسة انثربولوجيا اعدتها مؤسسة فرنسية اثبتت ان سكان جنوب العراق توجد في جيناتهم كل صفات العراقيين المؤسسين الاوائل .
والوطنية كعقيدة ومنهج سياسي هي في صلب الحركة السياسية للشيعة ويتصدرون صفوفها الاولى .
فالعرب الشيعة وفي سياق نضالهم الوطني ، اسسوا الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي ، والحركة القومية .
كما اسسوا اول حزب وطني وهو حزب العاصمة بقيادة امين الچرچفچي عام 1921، وقبل ذلك اسسوا ( الحزب السري النجفي ) عام 1917 واضطلع بمقاومة الاحتلال البريطاني واعدم اغلب قادته ، ليفضي هذا الحراك الى اندلاع ثورة العشرين التحررية والتي انطلقت من اقصى الجنوب الغربي للعراق .
والتأريخ يوثق للعراقيين العرب الشيعة انهم رفضوا ( استيراد ) ملك من الحجاز ورشحوا ستة من الوجهاء وزعماء القبائل ،غير ان ( البعض) !!! مال الى الكفة البريطانية بأستيراد الملك فيصل بن الحسين .
وللتأريخ ايضا ، ان ثلاثة من المرشحين الشيعة لشغل وزارات في اول حكومة تحت الانتداب البريطاني عام 1921 برئاسة عبد الرحمن النقيب ، رفضوا ترشيحهم على الرغم من اهمية ورمزية المناصب في اول حكومة في تاريخ العراق الحديث .
وفي العقود التالية، واصل العرب الشيعه نضالاتهم و نشطوا في حزب الاستقلال لمؤسسه جعفر ابو التمن والحزب الوطني ( على الرغم من طائفية زعيمه كامل الچادرچي ) .
وشكل الشيعة اول نواة للحزب الشيوعي في مدينة العمارة جنوب العراق عام 1927 ، ومع صعود الوطنية في المانيا بقيادة ادولف هتلر ، شارك الوطنيون الشيعة مع اخوة الدم والتراب ،العرب السنة في تأسيس ( جماعة الاهالي ) عام 1936, و التي رفعت لافتة ( الامة العراقية الاصيلة ) كمنهج نضالي لها .
ولما نجحت ثورة 14 تموز عام 1958 ، وقف العرب الشيعة مناصرين لها والى آخر لحظة وذلك بالرغم من طائفية الرجل الثاني في الثورة عبد السلام عارف وايضا ضبابية مذهب وطائفة الزعيم عبد الكريم قاسم ، حيث تفاعل الشيعة مع الاهداف الوطنية لمنهج قادة الثورة .
وفيما بعد ، توالت الانقلابات ،ومعها تسيد العساكر الموبوؤن بالطائفية مشهد الزعامة والسلطة كونهم اتوا على اظهر الدبابات الاميركية بعد انحسار النفوذ البريطاني ، وحينها بدا أولئك العساكر يرفعون الڤيتو الفاشستي ضد الاغلبية العربية الشيعية واتهامهم بالتبعية واللا وطنية وذلك في سياق منهج خبيث اسس له اثنان من الفاشيين الذين تطفلوا على فكرة القومية العربية ، وهما ساطع الحصري ( سني تركي ) ونجم الدين السهروردي ( فارسي سني ) . !!!
الحصري والسهروردي رضعا من دم العثمانية بسنيتها المنحرفة ومن الخبث البريطاني الذي يتبنى اسلوب وضع الاقلية في السلطة وجعلها في حالة عداء مع الاغلبية وذلك لكي تبقى زمرة الحكم بحاجة الى الحماية البريطانية .
ومع ذلك ، وخلال اربعين عاما ،شارك العرب الشيعه في جميع المهام الوطنية والقومية ، وشاركوا في البناء والتنمية وايضا شاركوا في التظاهرات والوقفات الشعبية وفي جميع الحروب .. وفي الوقت ذاته كان الهم الوطني جزءا لا يتجزأ من نضالهم وجهادهم السري بما في ذلك حراكهم تحت لافتة التيار الاسلامي بكل تلاوينه .

°° الوجه الثاني :
في هذا الوجه من قراءة الدعوة التي اطلقها السيد عمار الحكيم ، يفهم ان سماحته يستعيد الدعوة ذاتها التي اطلقها العلامة الراحل الشيخ مهدي شمس الدين بدعوته (( على الشيعة الاندماح في اوطانهم … )) وقد فهم ان الشيخ شمس الدين كان يتحرك في مجال النقد السياسي وفي اشارة منه الى ان ( بعض ) الشيعة في لبنان لا ينشطون في مصلحة لبنان الوطني .
وفي معنى ادق واكثر تفصيلا ، ان النقد يوجه الى زعامات سياسية شيعية وليس عامة العرب الشيعة في لبنان .
وهنا الحالة متطابقة الى حد كبير ، فالاتهام الذي وجه الى الشيعة العراقيين ، جاء نتيجة افعال وتصرفات بعض الساسة الشيعة تبعا لمصالحهم الحزبية ، وقد برزت بعد ان وصلوا الى السلطة عام 2003 وصارت اليوم اكثر فضائحية، وهو ما جلب تهمة التبعية على عامة شيعة العراق وهم براء منها .
فإذا كانت دعوة سماحة السيد عمار الحكيم تأتي في هذا المعنى ( وهو ما ارجحه ) ، فأفترض أن عليه الانطلاق نحو التأسيس لمنهج يعبر اتجاهه الوطني عبر اتخاذ مواقف وخطوات عملانية تضع بين تياره والآخرين فاصلة وطنية يكون معيارها العراق اولا. ليكون بذلك قد أسس لمبدأ ( الاسلام للعراق ) باعتبار ان جميع ساسة الشيعة الذين يتسيدون المشهد السياسي في العراق هم اسلاميون .
ان مفهوم ( الاسلام للعراق) تعبير استطيع اشتقاقه من مصطلح ( الاسلام الوطني ) باعتبار ان الاسلام منهج تنوير ويؤثر عبر مجموعة القيم الاخلاقية والروحية في اصلاح الامة وتنميتها بما يخدم حاجة الوطن الى البناء والتنمية المجتمعية قبل البدء بأي مشروع تنموي آخر. ..

فالتجربة الاسلامية في ماليزيا عام 1981 والتجربة الاسلامية في تركيا 2001 تقدم نموذجا مقاربا لمشروع الاسلام الوطني الذي نجح في حشد الامة في برامج التنمية الشاملة، فالتجربتان نجحتا في إحداث انتقالة كبيرة في مسار التنمية والتطور الاجتماعي والاقتصادي واخذت البلدين ( ماليزيا وتركيا ) الى مصاف الدول المتقدمة وصارتا مثالا لنجاح الاسلام في بناء الامم مقابل نماذج سلبية تبنت فكرة العابر للحدود مثل تجربة ( الدولة الاسلامية في العراق والشام ) وتنظيم القاعدة وهما جماعتان اساءتا للاسلام لانهما لم تكونا مشاريع بناء بقدر ما كانت مشاريع سلاح ودم وردم للاوطان .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب