23 ديسمبر، 2024 8:17 ص

الهوية الوطنية هي الأساس القوي الذي تعتمد عليه المكونات ليكون لها دور في بناء بلدانهم، لذلك على كل مكونات الشعب العراقي السعي لترسيخها، لكن تقع على الشيعة المسؤولية الأكبر بحكم كونهم الاغلبية البناءة.. حتى يكونوا حافظين لسيادته، ولا تكون هناك فرصة لتدخل الدول بحجة حماية المكونات الأخرى.

العمل على ان يتحول مفهوم الوطنية الشيعية، الى مشروع سياسي واجتماعي وثقافي، يهدف الى ان تكون الهوية الوطنية قبل الانتماء المذهبي، وهو بذلك يقابل مشروع الولاية والتبعية للخارج، الذي لا يعترف بالحدود والاوطان بل تكون المذهبية او القومية هي الحاكمة.

خير مثال على الوطنية الشيعية، ما قدمه المرجع السيستاني في لقاءه البابا، عندما تحدث بلسان عراقي فصيح عن شعب العراق بكل انتماءاته، وتحدث عن حقوق المسيحيين كسائر العراقيين.

الفكرة تعني الاعتدال والتسامح، وهذا ما تجلى في لقاء الزعيمين الروحيين السيستاني والبابا، والرسائل والبيانات التي أطلقت من النجف، تعزز دورها كحاضنة للاعتدال والوطنية قبل الطائفية.

العمق الذي تمثله مدرسة النجف، بتاريخها وتراثها ودورها المؤثر في ماضي العراق وحاضره ومستقبله، وهذا ما لا نراه في بقية النظريات الشيعية الأخرى..

على شيعة العراق حكاما وقوى سياسية ومجتمعية وافراد، الانتقال عبر الوطنية الشيعية، إلى الدور الوطني، وان يكونوا فيه خيمة تضم كل أبناء الوطن.

الوطنية الشيعية، هي الانتقال الى الفضاء الوطني بشروطه الجامعة الأوسع من الجماعة الضيّقة، في مرحلة اصطدام الهوية الخاصة بالعامة.

الوطنية الشيعية، تعني الاندماج الوطني الذي يحمي الانتماء الروحي والعقائدي، والدولة الجامعة وحدها تحفظ خصوصية الجماعة وتضمن سلامتها وسلامة أبنائها.

الوطنية العراقية هي التي تصون هوية وحقوق الشيعة، والتي يشترك فيها جميع شركاء الوطن.

الوطن الموحد هو الامان للشيعة، بالاعتماد على الشراكة الحقيقية المتعددة مذهبياً وعرقياً وليس الاعتماد على الاغلبية العددية، والا هناك خسائر تلوح في الأفق، تهدد بتفكك الوطن.

محنة الشيعة في المنطقة، ستكمن في سياسة الانطواء الشيعي، والتي يتحمل جزءاً من مسؤوليتها الخارج الإقليمي.

ربط الشيعة بمشاريع نفوذ اقليمية، تسبب الضرر لمصالحهم، وتعطل الاندماج الوطني لهم، وتحولهم الى اقلية مذهبية، تقدم الخاص على العام، ما تسبب في تشويه علاقتهم بفكرة الدولة، وهو ما يخالف تراثهم الثقافي والاجتماعي وحتى موروثهم الروحي، لذلك مهم رسم الحد الفاصل ما بين مشاريع النفوذ المذهبي، والدور الوطني الواسع عراقياً وعربياً.

المطالبة بالوطنية الشيعية، لا يعني خلق صراع بين الشيعة أنفسهم، من خلال تقسيمهم بين الوطنية الشيعية والتبعية للخارج، بل هو مفهوم اثبت نجاحه، على المستوى العالمي، وأوضح ذلك طلب البابا لقاء السيستاني، عندما أثبت هذا المفهوم أن مبدأه الانساني.