ألأزمة السياسية في العراق ؛لاعلاقة لها بالنصوص ألتي وضعت في الدستور وفي هيكيلية مؤوسسات الدولة؛ألمشكلة في طبيعة النفوس ألتي يحملها رجال الحكم الحالي وألمكونات ألتي نشؤوا فيها .
ألمكونات ألأسياسية ألتي يتكون منها الشعب ألعراقي تعتمد في رؤيتها في أدارة ألدولة على مؤثرات داخلية وخارجية متضاربة في أتجاهاتها ونواياها.
لقد ثبت من خلال ألتجارب أن ألشعارات والخطب الرنانة وحدها غير قادرة على أقامة دولة تبسط ألعدل وألمساواة بين مواطنيها فالبنان كمثال منذ أستقلاله في ألأربعينيات من ألقرن ألماضي لم يحصل فيه ألأستقرار ؛بسبب ألصراعات بين مكوناتها ألمختلفة لطبيعة أنحياز مكوناتها وتشرذمها لتلك ألطائفة أو لذلك ألدين أو ألمعتقد.أصاب ألتشرذم كل مفاصل ألدولة أللبنانية وتوزعت ولائات ألمكونات ألسياسية الى هذا ألبلد أو ذاك أو ذلك ألمعسكر أو ألتيار .
أستخدمت ألدول ألعربية وألأجنبية لبنان في تصفية ألحسابات فيما بينها على أرضها؛ مستخدمة ألطوائف وألأحزاب ألسياسية كشماعة في تحقيق مأرابها في هذا البلد ألصغير .فالتيار الناصري أستغل هذا ألأختلاف بين ألطوائف أللبنانية ضد ألتيار ألرجعي ممثلا بالنظام السعودي والملكي في العراق وألأردن.كما أستغل ألأتحاد السوفياتي السابق هذه الساحة في تصفية حسابتها مع المعسكر الغربي؛ وكان الضحية لهذه الصراعات هو الشعب اللبناني وأستقلاله وأمنه واخيرا دخلت أسرائيل في هذا الصراع في تصفية حسابتها مع ألمنظمات الفلسطينية.ولاننسى تدخلات النظام السوري في شؤون الدولة اللبنانية وأستخدام كياناته السياسية في خدمة مخططاته وتدخلات آيران مؤخرا.
لم يتأثر زعماء هذه الكتل بهذه ألصراعات بل أستفادوا منها ماديا ومعنويا ولازالوا على رأس السلطة والنفوذ والمال وأصبحت رئاسة الكتل وراثيةّ!.
وبناءا على ماتقدم يمكن تحليل ماحصل ويحصل منذ السقوط في العراق الى يومنا هذا؛ بأن جميع الكتل ألسياسية مريضة بولائات مذهبية وعرقية وسياسية؛ والقاسم المشترك بينهما هو التخوف والشك والحذر من بعضهما البعض ألآخر نتيجة للتراكمات التي حصلت للمكونات ألعراقية عبر العصور ومراجعة لتاريخ هذه المكونات يمكن أن يعطينا فكرة عمايحصل في العراق في القت الحاضر:
1- الشيعة: يشعر ألشيعة من خلالة الحقبة التأريخية التي مروا بها ؛ أنهم همشوا وأضطهدوا منذ قيام ألدولة ألأموية حتى سقوط النظام البعثي في العراق ؛حيث أصبحوا طائفة مستهدفة ملاحقة عبر العصور ؛وبسبب هذ الشعور فأن معظم قرارات وتصرفات الكتل ألسياسية ألمشاركة في الحكم ضعيفة ومترددة وغير واضحة ألمعالم.
تسيطر عليها أجندات داخلية وخارجية متضاربة ؛فمن العوامل الداخلية التي تأثر في تصرفاتها وقرارتها هي سيطرة رجال الدين وتنوع أجندتهم ألداخلية والخارجية على الشارع الشيعي ؛حيث تسيطر على غالبية البسطاء من الناس ألذين لايملكون من أمرهم شيئا سوى ألأنقياد لأراداتهم وفتاويهم وأجندتهم ؛فتعدد ألمراجع الشيعية وكثرتها أحدث شللا وشرخا في الوسط الشيعي .
أن العامل ألخارجي ليس بعيدا عن هذا التشرذم في طبيعة تحركات ألمكونات الشيعية وهي تأثر سلبا على الوضع الداخلي .أن سطوة المال والسلطة قد سيطرت على ضمائر وعقول ألمكونات السياسية ألشيعية ؛ فتحولوا من مستضعفين الى طلاب سلطة ومال ؛فأنتشر الفساد في الضمائر والعقول والنفوس ووقعوا في مستنقع الجري وراء المكاسب الفردية والفئوية وتركوا ألغالبية الصامتة وألمستضعفة من الشيعة التي أوصلتهم الى ألسلطة في حالة من الفقر والحرمان لايحسدون عليها ؛وأنكشفت أباطيلهم بأنصاف المظلومين والضعفاء ألذين يتشدقون ليل نهار بالعمل من أجلهم!!.
2- السنة: هناك فكرة متجذرة لدى سنة العراق والعرب في دول الجوار ؛أن الشيعة مواطنون من الدرجة الثانية ؛وهذا يعود الى الحقبة الطويلة التي حكم فيها السنة العراق التي أستمرت لأكثر من ثمانين سنة. هذا الشعور جعل سنة العراق يحجمون عن المشاركة في الحكم ؛لأنهم حكموا العراق سابقا ولهم خبرة في حكمه وأنهم السادة !!جاؤا بأعذار واهية بأنهم يرفضون ألتعاونون مع المحتل ؛ وعندما شعروا بأن ألقطار فاتهم ؛دخلوا الى الحكم الجديدولكن {برجل هنا ورجل هناك!!}.
أستخدمتهم بعض دول الجوار لتصفية حسابتها على ألأرض العراقية كما حصل في لبنان ؛ فدعموا المنظمات ألأرهابية بالسلاح والمال لوقف التمدد ألأيراني!!ولم يكن في أعتبارهذه الدول مقاومة المحتلة فهم حلفاء وشركاء منذ تأسيس هذه المحميات الخليجية.
أسرع القطط ألسمان من قيادات ألمكونات السنية بأستغلال الفوضى في سرقة البلد ؛كما فعل شركائهم من قيادات الكتل الشيعية ؛أنتفعوا ومكوناتهم بالميزات في كافة المجالات المادية والمعنوية وامتلئت البنوك بأموال العراقيين في ألخارج وتركوا من يدعون ألدفاع عنهم من أهل السنة يتضورون جوعا وفقرا وحرمانا كما فعل شركائهم في العملية السياسية من ألمكونات ألأخرى .لم يعد في ذاكرة السياسي
منهم سوى مصالحهم الخاصة والفئوية والعائلية ؛ فتسربت ألأمراض ألقديمة وتفاعلت مع ألأمراض ألجديدة فعملت على فساد الضمائر والنفوس!!.
3- ألأكراد : لم يشعر ألأكراد في تاريخهم ألطويل بألأنتماء الى الدول التي يعيشون فيها بعد توزيعهم في دول ألمنطقة ؛ وقد كانوا مصدر عدم أستقرار وسبب في تدخلات داخلية وخارجية في شؤون ألعراق .فقد يكون لديهم مايبرر ذلك فهم أمة كبقية ألأمم ولهم الحق بأقامة دولتهم الموحدة كبقية الأمم ؛ ولكن القرار صدر من الدول المنتصرة في الحرب؛ فقد وزعت وأدمجت قوميات في الكثير من دول ألعالم بعد الحرب كما حصل في أوروبا وآسيا وغيرها من قارات العالم وما حصل لأكراد العراق لايختلف عما حصل لغيرهم.
ساهمت الحركات ألمسلحة ألكردية في شمال العراق في أضعاف الحكومات ألمركزية المتعاقبة وتسببت في خسائر فادحة بالأرواح وألأموال لكافة مكونات الشعب العراقي وساهمت في عرقلة النمو وألأستقرار في هذا البلد ؛ وشجعت التدخلات ألأجنبية في العراق في ألماضي والحاضر؛حيث تستخدم هذه الدول أكراد العراق في تصفية حساباتها مع الحكومة المركزية كما حصل مع آيران في زمن الشاه وما يحصل في الوقت الحاضر مع تركيا.
فالمكاسب التي حصل عليها أكراد العراق تفوق ماحصلت عليه دول مستقلة مجاورة للعراق ؛ ولكن القيادات الكردية تلعب على وتر الشعور القومي في تثبيت سلطتها وتحقيق مطامحها ؛ والشيئ الذي يثير ألأستغراب أن ألمكونات الكردية لم تستطع حسم خلافاتها الداخلية بين أحزابها ؛فلا زال التشرذم وألأحتراب بينها قائم في الخفاء ؛فحكومة أربيل تحكمها قبيلة واحدة فرئيس ألأقليم ورئيس وزرائها ورئيس مجلس ألسياسيات ألأستراتيجية من عائلة واحدة!!وحكومة ألسليمانية لازالت تحت نفس القيادات منذ تأسيسها .
ألقاسم المشترك بين المكونات ألسياسية ألكردية هو ألأثراء على حساب ألأغلبية من الشعب الكردي الذي يعاني من الحرمان والفقر وألبطالة ويلجأ الكثير من شبابه الى الهجرة الى أوروبا وغيرها من دول العالم؛وأصبح أبناء وعوائل ألقيادات الكردية يملكون عشرات الملايين من الدولارات من الأموال ألمنهوبة من ميزانية ألأقليم!!.فالفساد ألذي يضرب بأطنابه في الأقليم من قبل حكامه لايختلف عما يحصل في بقية أجزاء العراق .
أذا بقيت ألنفوس ملوثة وفاسدة ومريضة كما نلاحظها بين ألمكونات ألسياسية في العراق الجديد ؛فأن الفوضى والدمار وسفك الدماء ستستمر في المستقبل المنظور وربما تصبح وباءا دائما لاسمح الله ؛ ويصبح هذا قدر العراق والعراقيون .وكما قال ألصحابي القعقاع بن عمرو التميمي :
الفتنة لاتدفن بقطع الرؤوس ولكن بتطهير النفوس