23 ديسمبر، 2024 12:53 ص

الوضع الراهن…والسيناريو الذي ينتظر العراق

الوضع الراهن…والسيناريو الذي ينتظر العراق

في مايو 2017 صدر تقرير من قبل مجموعة عمل مستقبل العراق والذي يعبر عن سياسة المجلس الاطلنطي بخصوص ضمان مصالح الولايات المتحدة او ما يعبر عنه مصالح الامن القومي الأمريكي في العراق على المدى الطويل حيث كان رايان كروكر (السفير الأمريكي السابق في العراق) رئيس هذه المجموعة والتي ضمت كبار الباحثين والخبراء والذين عملوا سابقا في العراق كل حسب اختصاصه ومهامه في مجال السياسة العراقية، كان الهدف الرئيسي لهذا التقرير هو اصدار توصيات (غير ملزمة) من اجل اجراء تحقيق هدف مركزي حول كيفية حماية الولايات المتحدة لمصالحها الأمنية على افضل وجه، مع تعزيز المصالح العراقية عن طريق الانخراط الهادف والفعال في العراق 1 .
كانت الاحتجاجات الجماهيرية والتي كان التيار الصدري قد مثل رأس الرمح فيها، قد عبرت عن المطالب المشتركة للأغلبية الصامتة من العراقيين، والتي تمثلت في الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد والكسب الغير مشروع مع توفير الفرص الاقتصادية العادلة لعموم العراقيين دون النظر الى انتمائيتهم الاثنية والدينية، وكانت هذه الاحتجاجات هي التي ولّدت القوة الدافعة لجمهور التيار والمتحالفين معه تحت اسم سائرون لأن يعطي صوته لهذا التكتل ليتصدر عدد مقاعد البرلمان المقبل.
هل على الامة ان تدفع ثمن خطايا اجدادها؟ هذا السؤال لم يدر بخلد مؤتمر المعارضة الأخير الذي عقد في لندن تحت رعاية الولايات المتحدة (ديسمبر 2002)، كذلك لم يتم مناقشة تجارب مماثلة للحالة التي سوف يؤول اليها العراق بعد سقوط الحكم الشمولي وانتقال الحكم الى الأغلبية السائدة فيه (جنوب افريقيا مثال معاصر) في المؤتمر ذاته، لهذه الأسباب وأسباب أخرى ليس لهذا المقال من متاح لمناقشتها تفصيلا (احكام الجغرافيا السياسية، الاستقطاب الطائفي الذي سيكون احد النتائج الطبيعية لسقوط نظام حـُسب على السنة، تقاطع مصالح الدول الكبرى) دخل العراق (أو اُ دخل) في متاهة الاقتتال الطائفي والعرقي وحتى وصل الى حدود المنطقة او الحي السكني، مما افضى الى وضع مأساوي ومظلم اطال طريق التحول من مرحلة الحكم الشمولي الى حكم السلطات الثلاث ومؤسسات المجتمع المدني والتي يكون مصدرها جميعا من الشعب واليه.
افتقار أحزاب المعارضة العراقية قبل اسقاط الحكم الشمولي لخبرة العمل السياسي وإدارة نظم الدولة الحديثة ادخلها في المحظور، ونتيجة لذلك ركزت الأحزاب التي تصدرت المشهد السياسي بعد عام 2003 على هدفين رئيسين:

كيفية اقتسام منافذ السلطة وآلية الحكم.
الاحتكام الى المعيار الطائفي والقومي لشغل المناصب العائدة للدولة العراقية بدء من المناصب السيادية ومرورا بالمناصب الحساسة وانتهاء بالموظف العادي، دون الالتفات والاهتمام على مبدأ الكفاءة المهنية والنزاهة والأمانة الوظيفية التي تعتبر من صميم الإدارة الناجحة للدولة الحديثة.

ونتيجة لذلك ذهب العراق الى ما لا يرجو شعبه، من اقتتال داخلي تم إطالة امده بالتمويل والتحريض الإعلامي المحموم كل حسب غايته، منها طائفية وأخرى سياسية وليس اخرها اقتصادية، كل ذلك جرى ولشديد الأسف كان وقود تلك المحرقة هي الشباب العراقي، وأدى ذلك الى تأكل الأصول الثابتة للعراق من بنية تحتية (شبكات طرق حديثة، محطات توليد طاقة، خطوط ناقلة لثروة العراق الرئيسية، قاعدة صناعية حكومية ومختلطة كانت ترفد السوق المحلية باحتياجاته الضرورية مما اسهم في تقليل العجز المزمن للموازنة السنوية والتي انهكتها حروب طويلة ودامية، شبكات ري مدعومة بسدود مائية على نهري الفرات ودجلة، خطوط اتصالات جيدة نسبيا، شبكات مياه صافية وخطوط تصريف المياه الثقيلة والتي غطت جميع محافظات العراق، وأخيرا قطاع صحي يمتاز بكفاءة مقبولة وان صاحب ذلك بسوء الإدارة مع انحطاط قيم التعامل الإنساني مع مرتاديها من قبل العاملين في ذلك القطاع) كان العراق يتمتع بأصول قوية في قطاع الموارد البشرية، حيث كان ذلك القطاع يمتاز بالمعرفة والتأهيل الجيد، ونتيجة للصراع الدامي الذي حدث بعد عام 2003 تعرض ذلك القطاع الى تآكل سريع في اصوله، مما اوجد فراغا حقيقيا للقطاعات المذكورة أعلاه، حيث تم ملؤه بأنصاف الحلول من افراد ينقصهم التأهيل والكفاءة، ومن هنا حدث ما لا يحمد عقباه. حيث اضحى العراق محشورا بين مطرقة التنظيمات الإرهابية بشتى مشاربها والجموع المسلحة المنفلتة والغير خاضعة الى قانون او عرف من جهة، وسندان الفساد الذي استشرى بطريقة غير مسبوقة من جهة أخرى، وكانت كلفة الحساب والخسائر عالية جدا، وكالعادة الشعب العراقي وحده كان هو من تكفل بدفع فاتورة ذلك كله.
هذا هو الوضع الراهن…
اليوم ما هو السيناريو الذي ينتظر العراق؟
بعد الاطلاع على الموازنة الحكومية للعام الحالي 2018 والتي صادق البرلمان عليها نستطيع ان نستقرأ منها ما يلي:

تحرير الأسعار حسب قانون العرض والطلب
رفع متدرج للدعم الحكومي عن الوقود والماء والكهرباء
إضافة رسوم جديدة
الإعلان عن ضرائب مستحدثة مع زيادة النسب الضريبية للأخرى
فتح الأسواق للمستثمر الأجنبي
اعلان أكثر قطاعات وزارة الصناعة والكهرباء والزراعة والنقل كقطاعات صالحة للخصخصة
الإعلان عن مراجعة شاملة للقوانين الحالية وتعديلها لغرض التشجيع على استقطاب الرأسمال الأجنبي والمحلي للاستثمار في قطاعات اقتصادية مختلفة
البحث عن مصادر دخل قومي جديدة بعيدة عن الدخل الريعي (النفط والغاز)

هذه هي الخطوط العريضة لموازنة 2018 حيث كانت استجابة سريعة للتحدي الجدي الذي واجهته الحكومة نتيجة انخفاض أسعار النفط وبطريقة السقوط الحر لتلك الأسعار خلال تلك السنوات الماضية.
السؤال الكبير الذي يأخذ حيزا كبيرا من تفكير الخبراء الاقتصاديين والسياسيين العراقيين وحتى الأغلبية الصامتة من الشعب العراقي، هو ما الذي ينتظر العراق؟
جمع السيد العبادي مجموعة خبراء اقتصاديين (ذو خبرة محلية وليس لها مجهود او تجربة ناجحة على الصعيد الدولي) لغرض وضع رؤية اقتصادية تغطي الفترة من 2018 ولغاية 2022 حيث كان الهدف الرئيسي لهذه الرؤيا هو الإجابة عن التحديات الحالية والمستقبلية للاقتصاد العراقي من جهة وكيفية خلق مصادر موازية وليس بديلة للبترول من جهة أخرى، السؤال الجوهري في هذا الموضوع هو، هل يملك هؤلاء الخبراء الاحصائيات الدقيقة لأصول (ِAssets) وموارد العراق الحالية؟ وهل الكادر الحكومي الذي يتربع على سدة صنع القرار كل حسب قطاعه يمتلك التأهيل اللازم لفهم هذه الرؤيا وبالتالي الشروع في تنفيذها؟
هرعت هذه اللجنة الى صندوق النقد الدولي (اجتماعات متتالية عقدت في كل من عمان وبغداد خلال الفترة من عامي 2017-2018) لغرض الاستعانة بالمشورة والمساعدة الفنية للإجابة عن أسئلة التحديات التي ستواجه العراق خلال المستقبل القريب والبعيد على حد سواء، ولأن الصندوق يمتلك حرفية عالية فكانت اجابته عن هذا السؤال هو ان هناك مستقبل مظلم ينتظر العراق ما لم؟
ما هو المظلم في الموضوع وكيف السبيل للوصول الى ما لم؟
السيناريو المظلم هو الزيادة السكانية للعراق مع الازدياد الموازي للبطالة مؤطر بمنظومة فساد فعالة، وهذا التحدي يفوق بخطورته من تحدي انخفاض أسعار النفط او استغناء الأسواق العالمية عن النفط كمصدر طاقة رئيسي، ولقد وضع الصندوق مشهد اقتصادي صادم وقاتم في حال استمرار الحكومة بالمقاربات التقليدية على الصعيد الاقتصادي، وهي الاستمرار في تخفيض الانفاق الرأسمالي للمشروعات الحكومية بسبب انخفاض أسعار النفط مع عدم القدرة لمساعدة خلق قطاع خاص يستطيع توفير أربعة مليون فرصة عمل خلال العشر السنوات المقبلة، أي بمعدل 400 الف وظيفة سنويا، وهذا رقم يفوق القدرة المتاحة للقطاع الخاص في وضعه الحالي.
ان نسبة البطالة ارتفاعا او انخفاضا تعد مؤشرا لا يقبل الخطأ او التأويل للاتجاه التي تسير فيه عجلة التنمية الاقتصادية، فارتفاع تلك النسبة تؤشر خللا في سلامة الوضع الاقتصادي للبلد، والعكس صحيح، وعليه فان العلاقة الجدلية بين نسبة البطالة والنمو الاقتصادي لبلد مثل العراق هي علاقة عكسية، فأي ارتفاع في نسبة البطالة سوف يؤدي الى انخفاض معدل النمو الاقتصادي (مع ترك تأثير أسعار النفط جانبا) وهذا بدوره سوف يجعل الحكومة امام خيار وحيد الا وهو الاعتماد على سياسة الاقتراض الخارجي مما يزيد ارتفاع منسوب الديون الخارجية والداخلية وهذا يعني ان الاحتياطات النقدية من العملات الاجنبية للعراق ستتقلص تباعا لذلك، وعليه فان عدم إيجاد حلول واقعية لتخفيض نسبة البطالة خلال العشر السنوات المقبلة، فان العراق سوف لن يكون اسعد حالا من نيجيريا المفلسة والمحاصرة بأزمات اقتصادية واجتماعية متوالية رغم وجود النفط فيها كمصدر رئيسي لاقتصادها.

الوصفة الاقتصادية التي أصدرها صندوق النقد الدولي لتحييد هكذا السيناريو هي كالتالي:

خفض الدعم للسلع الأساسية
تحرير الأسواق
الخصخصة
ترشيد الانفاق
تقليل دور الدولة بشكل متدرج في النشاط الاقتصادي مع دعم القطاع الخاص ليكون هو الرافعة الرئيسية للاقتصاد العراقي
تهيئة التشريعات الجاذبة للمستثمر الأجنبي

من خلال تلك الوصفة والتي تسمى (SAP) (Structural Adjustment Program) أي الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهيكلية، نستطيع ان نستكشف ان موازنة 2018 قد تم ضبطها على إيقاع تلك الوصفة، وعليه فان الحكومة العراقية عليها ان تدون في مفكرتها الاقتصادية الملاحظات التالية لوصفة النقد الدولي وتجد لها حلولا عملية وعلمية (معتمدة على الإحصاء المعاصر) لكيلا تنقلب وصفة الساحر على المسحور له، وهذه الملاحظات هي:

التضخم والتفقير المنظم (التجربة اليونانية مع الصندوق)
تدمير منطق العدالة الاجتماعية والتأسيس لزيادة الفروق في توزيعات الدخل بين طبقات المجتمع العراقي (التجربة المغربية مع الصندوق)
عدم اعتبار معاناة الافراد على الصعيد الاقتصادي الآلام مخاض ضرورية للخروج من عنق زجاجة التدهور الاقتصادي ونظام اقتصاد الدولة الى اقتصاد السوق (التجربة المصرية مع الصندوق)
الإصرار على نموذج الدولة الثرية والمواطن الفقير (الجزائر مثلا وبشكل نسبي السعودية)
نظرة متصالحة مع الديون (موزمبيق مثلا مظلما حيث ان الدولار الأمريكي = 35 مليار دولار موزمبيقي)
الرفض القاطع لمساهمة الدولة في النشاط الاقتصادي (التجربة التاتشرية في بريطانيا)

ان إمكانية نجاح الخطة الخمسية ليست صفرية (أي بمعنى اما النجاح الكامل او الفشل الكلي) بل تفترض النجاح هنا والفشل هناك، ان وضع ماستر بلان (Master Plan) كامل لانعاش الاقتصاد العراقي ليس بهذه السهولة، لان أي مخطط اقتصادي بصدد تلك المهمة يجب ان يغطي فترة زمنية لا تقل باي حال من الأحوال عن عشر سنوات، وهكذا نوع من الخطط يمتاز بالحساسية الشديدة، وعليه فان هكذا نوع من الخطط يجب ان ينهض بها إضافة الى خبراء الحكومة مراكز بحوث رصينة مع فعاليات وجهات وطنية معروفة بخبرتها وتجاربها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، خصوصا اذا ما تذكرنا ان خططا سابقة وضعت في العراق إضافة الى الدول المجاورة قد تعثرت لأسباب ليس أولها التعارض بين الجهات ذات الصلة ولا اخرها عدم التبني من الجهات التنفيذية.
ان الخطوط العريضة لإيجاد قوى دافعة تحافظ على زخم وديمومة الازدهار الاقتصادي للعراق بعيدا عن الاقتصاد الريعي الذي اعتمد عليه العراق منذ اكتشاف النفط على ارضه ابان العقود الأولى من القرن الماضي يعتمد على امرين اساسين:

قطاعات المردود السريع او ما يعرف بالحلب المستمر، وهي:

قطاع البتروكيمياويات، وهو قطاع ذو مردود سريع بسبب توفر المادة الأولية (النفط) وهذا القطاع
يتطور بالشراكة بين الحكومة ورأس المال المحلي والاجنبي.
قطاع السياحة الدينية وهو قطاع مهم لأنه لا يحتاج الى راس مال حكومي لتوفر اصوله بشكل مستمر
وانما على الحكومة ان تشجع القطاع الخاص ليأخذ دوره في هذا القطاع من خلال انشاء البنية التحتية الحديثة لتكون عنصرا جاذبا للزائرين دون الحاجة الى موسم محدد، وانما على طوال العام.
قطاع انتاج الطاقة وذلك من خلال انشاء محطات لتوليدها، وهو قطاع مربح سواء كان على الصعيد
المحلي والإقليمي، كذلك المباشرة باعتماد الطاقة النظيفة والمستدامة عن طريق Solar وهذا قطاع واعد لتوفر الشمس طوال أيام السنة، كذلك تسخير طاقة الرياح وخاصة في الجزيرة الغربية والممتدة من جنوب الانبار ولغاية شمال البصرة غربا، كما ان الاستعانة بالخبرات الإقليمية والأجنبية حول توليد الطاقة من عمليات المعالجة والتدوير (Biomass) لملايين الاطنان من القمامة التي تتراكم سنويا في المدن العراقية دون الاستفادة منها بدلا من تشكل عبئا على الدوائر البلدية.
قطاع الصناعات المحلية للسلع المعمرة والسيارات الخاصة والإنتاجية، لان هذا القطاع المهم سوف
يساهم بشكل مباشر في تقليل فاتورة الاستيراد وبالتالي الحد من استنزاف العملة الصعبة.

قطاعات خدمية ثابتة ولكنها تحتاج الى تطوير يضاهي متطلبات العصر على الصعيد الإداري والفني والمالي، ويجب ان يكون القطاع الخاص الرافعة الرئيسية لهذا القطاع مما يساهم في تقليل الانفاق الحكومي عليه وبالتالي الحد من العجز المزمن الذي تعاني منه الموازنات السنوية، وهذه القطاعات هي:

قطاع الصحة
قطاع التعليم
قطاع النقل والاتصالات
قطاع الخدمات البلدية
قطاع تأهيل الموارد البشرية
قطاع المقاولات
قطاع الجملة والتجزئة

هذه هي الخطوط العريضة للإصلاح الشامل للاقتصاد العراقي، ولكن يجب ان يأخذ بنظر الاعتبار انه من العسير تحقيق تلك الإصلاحات دون توفر الشروط التالية:

تعديلات تشريعية وتنظيمية (التجربة التركية)
استهداف القطاعات أعلاه للاستثمار والنمو المستمر (التجربة الماليزية)
رؤية واضحة وبسيطة للسياسة المالية والمراقبة المستمرة للتصحيح في حالة انحراف المسار (التجربة التركية)
فرضيات واقعية قابلة للتنفيذ بعيدا عن التمنيات فيما يخص معدلات النمو والتوقعات المستقبلية (التجربة الماليزية)
تبني آليات الحكومة الالكترونية (التجربة الامارتية)
استخدام آليات المراقبة الذكية (التركية والماليزية والامارتية)
الربط بين مخرجات التعليم وسوق العمل (التجربة الماليزية)
تأسيس المؤسسات اللازمة لأحداث الفرق (أي لتنفيذ ما جاء أعلاه) (التجربة الماليزية والامارتية)
انجاز منظومة صلبة على صعيد التشريع والتنفيذ لمكافحة منظومات الفساد المتجذرة عميقا داخل مؤسسات الدولة افقيا وعموديا (التجربة التركية والماليزية)
اصدار تشريع عدم تضارب المصالح (Conflict of Interest) يشمل مدير عام فما فوق وعبر نظام الضبط والموازنة (التجربة الماليزية)

ان تقارير منظمة الشفافية الدولية كانت ولا زالت غير سارة بالمرة للعراق حيث كان يحتل مرتبة متأخرة من القائمة، وهذا التقييم مهم جدا حيث يشكل مؤشرا جديا في الفشل او النجاح في جذب المستثمر الأجنبي.
على الصعيد الشخصي كما هو على صعيد الدولة، فأن الإصلاح في أوقات الازمات يكون اشد ايلاما، وعليه فان افضل الأوقات للاقتراض هو الوقت الذي لا تكون فيه مضطرا الى الاقتراض، ان مواجهة توفير الميزانية التشغيلية والتي سببت صداعا دائما للحكومات المتعاقبة، والبطالة والدعم المستمر للسلع الأساسية (البطاقة التموينية) ومشكلات عدم وجود قطاع خاص جدي ومحترف يكون غطاء احتياطيا للاقتصاد العراقي عند الازمات، وضعف الأداء المؤسسي الحكومي وأخيرا كيفية إيقاف الإدمان النفطي كل ذلك سيكون يسيرا لو تم الإصلاح عندما كانت أسعار البترول في اعلى الشجرة.
هذا هو السيناريو (على الاغلب) الذي ينتظر العراق…وعليه فان على رئيس الوزراء العراقي القادم أيا كانت مرجعتيه ان يكون شديد الحذر من البدء في غلق خمسة فصول (Chapters) سوداء التي كانت ولا زالت تشكل تحديا خطيرا على مستقبل العراق وشعبه وهي:

التهرب الضريبي (طبقة الأغنياء)
تهريب الأموال (طبقة البنوك الخاصة)
الفضائيون (موظفون اشباح في الواقع الافتراضي وليس لهم وجود في العالم الواقعي)
موارد سائبة (ثروات العراق الوطنية تباع بأبخس الاثمان)
الطبقة المخملية (الرواتب الخيالية من السياسيين والمستشارين والتي لا تتناسب مع انتاجهم)

عليه يجب التركيز على طبقة واحدة لا غيرها…انها طبقة المواطنون وهي الكفيلة بنجاح أي خطة ذات مصداقية لأنهم هم الأداة والهدف في آن واحد، وما عدى تلك الطبقة فان الأمور ستؤول الى الأسوأ لا سامح الله.

تقرير مجموعة عمل مستقبل العراق والصادر من المجلس الاطلنطي 2017