المتابع للوضع الامني في العراق والانهيارات المتكررة في هذا الملف يجد أن هناك أسباب كثيرة لهذا الانهيار يمكن أيجازها بمايلي :
1. التدخل المستمر لدول الجوار ( أيران، الكويت، السعودية،قطر ، تركيا ) في الشأن العراقي والقيام بتمويلهم الارهاب بشكل مستمر لتصفية حساباتهم وأجنداتهم داخل العراق.
2. حصر قيادة جميع الملفات الامنية بشخص واحد هو السيد رئيس الوزراء وهذا من الناحية المنطقية والتعبوية والعلمية مُحال لأنّ كل ملف له تخصصات دقيقة وتشعبات لايمكن لشخص مهما كانت إمكانياته أن يجمع بينها جميعاً ناهيك أن رئيس الوزراء رجل مدني ولم يدرس العلوم العسكرية والامنية والاستخباراتية، وكل منها علم قائم بذاته يتم تدريسه لسنوات طويلة نظرياً وعملياً، وبعدها تأتي سنوات الخبرة والتدرج الوظيفي الذي يمنح القائد قدرة على إدارة الملف بشكل محكم .
3. ضعف المنظومة الاستخبارية الأمنية في العراق وعدم مواكبتها للتطور الهائل الذي حصل في العالم حيث لازالت منظومتنا تعتمد على أساليب قديمة وتعتمد على عناصر من الضباط والمراتب قليلي الخبرة في المجال الاستخباري .
4. ضعف أو إنعدام التعاون التكتيكي بين مختلف صنوف قواتنا الأمنية وهذا مايمنع نجاح ردة الفعل لمعالجة أي معلومة إستخبارية حول وجود عمل إرهابي في مكان ما.
5. كثرة حملات الاعتقالات الغير دقيقة بعد كل عملية إرهابية ومعظمها يجري بدون مذكرات توقيف رسمية مما خلق حاجزاً نفسياً بين المواطن ورجل الأمن والذي ولّد عدم الارتياح من قبل المواطن تجاه رجل الأمن مما أثر على قلة تعاون المواطن مع القوات الأمنية .
6. إنتشار الفساد في معظم حلقات ومفاصل الأجهزة الامنية حالها حال مؤسسات الدولة الأخرى وغياب الإجراءات الرادعة للقضاء على الفساد والمفسدين .
7. وجود عدد هائل من الضباط والقادة الذين يشغلون مناصب قيادية حساسة في القيادات الأمنية لايمتلكون خبرة وظيفية في مجال إختصاصهم حيث تم منحهم رُتب ومناصب بسب إنتماءاتهم السياسية ونتيجة المحاصصة الطائفية التي يعيشها البلد وهذا ماخلق ضعفاً واضحاً في الأداء وجعل من الارهاب يتنامى بشكل مخيف وجعل ولاء معظم هولاء الضباط والقادة الى كتلهم ولأحزابهم قبل ولائهم للوطن .
8. الطريقة الخاطئة في عمل السيطرات المنتشرة في أنحاء العراق وخاصة الموجودة داخل المدن والتي لم ولن تمنع من قيام الارهاب بعملياته لأن عناصرها يفتقرون للخبرة والأدوات والأجهزة الفعّالة في الكشف عن خيوط الإرهاب ويفتقرون للانضباط العسكري، حيث تجد عنصر الأمن الموجود في معظم السيطرات حاسر غطاء الرأس وطويل الذقن وبيده جهاز الهاتف وبيده الاخرى جهاز السونار الذي أصبح معلوماً للجميع حكومة وشعبا ً فشله وعدم صلاحيته للعمل ناهيك عن الاسلوب الجاف الذي يتعامل به رجال السيطرات مع المواطنيين مما جعل من السيطرة العسكرية وسيلة لخلق الازدحام والاختناق المروري وخلق تجمعات كبيرة من العجلات والتي تُغري الارهابيين بتنفيذ عمليات كبيرة لايقاع أكبر عدد من الخسائر.
وهناك حلول مقترحة لإنجاح الملف الأمني في العراق ويمكن إيجازها بمايلي:
1.أصدار قرار بمنع جميع منتسبي القوات المسلحة بمختلف أصنافها من الانتماء لأي حزب أو حركة سياسية أو تكتل مهما كان نوعه واعتبار هذا جريمة ووضع العقوبات الرادعة في حق كل مخالف لهذا القانون لنساهم في خلق مؤسسات أمنية مستقلة وولائها للوطن تنأى بنفسها عن الصراعات السياسية ومكرها ومكائدها.
2. سن قانون من قبل مجلس النواب بمنح رئيس السلطة التنفيذية في البلد الحق بتوزيع الحقائب الوزارية والمؤسسات الأمنية الحساسة بعيداً عن المحاصصة الطائفية التي تغلغلت في جميع مرافق ومؤسسات الدولة وأربكت الوضع في جميع المجالات واختيار القيادة العسكرية الكفوءة لتشغل هذه الحقائب .
3. وضع الخطط والسبل العلمية والتكتيكية للتعاون الكامل بين مختلف صفوف القوات الأمنية وخلق إمكانية للمناورة في القطعات وبإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة لمعالجة أي تهديد إرهابي وأمني طارىء.
4. اعادة النظر بعمل السيطرات الأمنية بالكامل والتركيز على السيطرات الموجودة في المداخل الرئيسية للعاصمة والمحافظات والمدن الرئيسية وتوسيع مداخلها لتجنب حدوث الاختاقات المرورية وتزويدها بأجهزة سونار متطورة للكشف عن المتفجرات، أما السيطرات الداخلية فيمكن تقليلها وعمل سيطرات متنقلة مع تحديد أماكن تعبوية لها في الشوارع الرئيسية والأماكن الحيوية، وعند ورود معلومات استخباراتية بوجود تهديدات إرهابية أو عجلات مفخخة تقوم هذه السيطرات المتنقلة من أن تقوم بعمليات التفتيش بعد تجهيزها بأجهزة جديدة صالحة للكشف عن المتفجرات وبعد زوال التهديد الأمني الطارىء تُزال هذه السيطرات لضمان إنسيابية المرور بشكل صحيح .
5. زج منتسبي القوات الامنية بمختلف صفوفها بدورات متخصصة لتواكب التطورات الحديثة والتكنلوجيا المتقدمة الموجودة في العالم لزيادة خبراتها في مختلف العلوم العسكرية.
6.خلق وتعزيز روح التعاون والتعامل الانساني بين الشعب والقوات الأمنية ومنع التجاوزات والاعتداءات التي تحصل على المواطنين ووضع رقابة صارمة وفرض عقوبات قانونية على أي اعتداء يحصل من قبل القوات الامنية على الشعب وخصوصاً ماحصل في يوم31/8/2013 في التظاهرات الشعبية التي خرجت في معظم محافظات
العراق مطالبة بالغاء قانون التقاعد الخاص بالبرلمانيين والرئاسات الثلاثة وأصحاب الدرجات الخاصة, الذي خلق فجوة وعدم ثقة بين الجماهير والقوات الأمنية.
7. تنمية المنظومة الاستخباراتية الامنية وتعزيزها بكافة مقومات النجاح سواء كانت مادية أو معنوية وتوفير وسائل التكنلوجية الحديثة والمستخدمة في الدول المتقدمة.
8. اتخاذ كافة الاجراءات والوسائل الرادعة للقضاء على الفساد المنتشر في المؤسسات الأمنية والضرب بيد من حديد على المفسدين لكي يكونوا عبرة لغيرهم.
ختاماً إنّ قوة الدولة من قوة ورصانة قواتها الأمنية فنأمل أن ترتقي قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها الى أفضل المستويات لأنها جزء لايتجزأ من الشعب ووجدت من أجل حمايته وعندما نشخص هذه السلبيات الموجودة على أرض الواقع لانقصد الإساءة اليها والتقليل من دورها وتضحياتها ،ولكن نريد لها الرقي في الأداء من أجل حماية العراق من الاعتداءات الخارجية والاعتداءات الارهابية الداخلية.