7 أبريل، 2024 6:42 ص
Search
Close this search box.

الوصول الى رئاسة الوزراء برياح خليجية

Facebook
Twitter
LinkedIn

من المسائل التي كنت اقف امامها طويلا عند قرأة التاريخ السياسي العربي هو مسألة عدم قدرة الحركات الشيعية على تأسيس دولة بالرغم من ان تلك الحركات تبداء بداية منتصرة ثم تؤول الى الفشل او ان يستولي عليها اعداء تلك الحركات. والمتتبع لتلك الحركات نرى ان البداية كانت في معركة صفين التي بدات بالنصر وانتهت بالخذلان ثم تحرك جيش الامام الحسن عليه السلام الى النخيب وخذلان جيشه وتلتها ثورة الامام الحسين عليه السلام التي بدات ببيعة 20 الف لمسلم ابن عقيل صباحا وخذلانهم له مساء وحركة المختار الثقفي ومرورا بثورة زيد بن علي وثورة ابو سلمة الخلال وصولا الى ثورة العشرين في جنوب العراق والانتفاضة الشعبانية عام 1991 وانتهاء بالتغيير الذي حصل بعد عام 2003 . لايفوتنا هنا ان نستثني دولة الفاطميين في المغرب ومصر والتي نجحت لمدة 200 عام ثم انتهت بالخذلان على طريقة بقية الحركات.
ان الذي حصل حسب ماهو ثابت تاريخيا في كل تلك الحركات هو ظهور رجل من بين قادة تلك الحركات يكون مطاعا من قبل جهال الناس يعمل على تخذيل الصفوف من اجل مصالح شخصية وذاتية مثل الدور الذي لعبه الاشعث بن قيس مقابل الوعد بولاية العراق في معركة صفين في خذلان الامام علي واجباره على التحكيم ودور عبيد الله بن العباس الذي خذل جيش الامام الحسن عليه السلام مقابل الف الف دينار بذلها له معاوية ودور الوزير شاور في الاستعانة بصلاح الدين من اجل الاحتفاظ بالوزارة في الدولة الفاطمية والتي انتهت بقتله والقضاء على الدولة الفاطمية .
كان امثال هذا الرجل موجودين حتى في الانتفاضة الشعبانية التي ثارت فيها 15 محافظة وخرجت عن سلطة النظام السابق ليظهر من بين قادة تلك الانتفاضة من يخذل الثوار ويوجه لهم الاتهامات ليحول انتفاضتهم من ثورة شعبية الى (حركة غوغاء ) تقودها (جهات اجنبية ) بل ان الاتهامات وصلت الى رمز الانتفاضة السيد ابو القاسم الخوئي المرجع الديني الاعلى في حينه والذي حاولت قوى من داخل الحوزات العلمية في النجف توجيه الاتهامات له بانه رجل غير عربي مقابل وعد من صدام حسين بمساندة تلك القوى للوصول الى المرجعية العليا في النجف تحت مسمى المرجعية العربية مقابل المرجعية الاجنبية .
بعد التغيير الذي حصل بعد عام 2003 وتمكن القوى الشيعية من الوصول الى سدة الحكم مع كافة الماخذ التي يمكن ان تذكر عن تلك القوى الا انه مما لايمكن ان ينكر ان الشيعة ولاول مرة منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 اصبح بامكانهم في الاسابيع الاخيرة التنافس على المناصب الحكومية والحصول على الامتيازات التي يتمتع بها المواطن الاعتيادي بعد ان كانوا موطنين من الدرجة الرابعة . وهذا لاينفي وجود الفساد بين تلك القوى وهناك استئثار للمحسوبيات بالمنافع ولكن كل ذلك لايمكن ان يدفع الى التعاون مع من شحذ السكاكين لذبح الشيعة طيلة الاربع عشرة سنة السابقة ومن ساند كل عصابة ترفع شعار القضاء على ( الرافضة ) .
في الاسابيع الاخيرة ظهرت نغمة جديدة في اوساط القوى الشيعية تعزف على وتر الروابط العربية والمرجعية العربية مقابل المرجعية الفارسية لتختفي الدعوات لنصرة شعب البحرين ومساندة انصار الله في اليمن وتم نسيان قضية قبور البقيع واعدام نمر النمر لا بل ان البوصلة تحولت من مساندة حزب الله في لبنان الى اتهام ذلك الحزب نفسه بتصدير داعش الى العراق بعد اتفاق القلمون والذي هو اتفاق سبقته الكثير من الاتفاقات السابقة مثل اتفاق داريا والذي تم خلاله ارسال مقاتلي داعش الى دير الزور التي هي على الحدود العراقية السورية كذلك . كما تحولت وجهات السفر بعد ان كانت تتجه الى طهران وبيروت بدات الرحلات تتجه الى الرياض وابو ظبي . يقابل تلك النغمة اتجاه خليجي الى توزيع تأشيرات الحج المجانية المدفوعة الثمن لنواب الشعب الذين تناسوا ماسي شعبهم وذهبوا الى حجا غير مبرور وكذلك دعوات مجانية مدفوعة الثمن لاكثر من مائة شيخ عشيرة من الجنوب .
السؤال الذي يبرز هنا ماهو الغرض من هذه التحركات وهذه التغيرات ولماذا هذا الاتجاه الخليجي الجديد ؟ ان الجواب يتلخص في انتخابات عام 2018 . نعم فهنا يعمل المال الخليجي ومبلغ عشرة مليارات دولار خصصتها احدى الدول الخليجية لاحداث تغيير في التركيبية السياسية العراقية من خلال توزيعها على السياسيين ورجال الدين وشيوخ العشائر والقنوات الفضائية لتحقيق انشقاق بين القوى الشيعية في سبيل ايصال جهات خاضعه لسلطانها الى دائرة القرار لمواجهة الجهات التي تدور في فلك طهران .
هنا يجب ان نذكر من قرر ان حول بوصلته الى مصير كل من تعاون مع عدوه في سبيل مصالحه فهذا الاشعث ابن قيس لم يحصل على ولاية العراق وقام بنو امية بقتل الاولاده كما ان المليوني دينار لم تنفع عبيد الله ابن العباس فقد قتل جيش يزيد ولديه ونهب داره وماله وان كل من خذل المختار الثقفي قد انتهى بالخذلان وان كل من خذل ثورة العشرين انتهى منفيا خارج العراق وكل من خذل الانتفاضة الشعبانية انتهى مقتولا مخذولا على يد نفس من وعده ومناه .
في الختام يجب ان يتذكر الجميع ان من يطلب كرسي رئاسة الوزراء سواء برياح خليجية او برياح ايرانية او برياح امريكية فهو يكون خائنا للامانة وخائنا للعراق ولا تنسى بان الرياح الاجنبية قد توصلك لمرحلة او مرحلتين ولكنها في النهاية ستمزق الشراع والسفينة ولات حين مندم .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب