حقيقة أن الوسطية، و الاعتدال سلوك انساني نفتقده في حياتنا، فلطالما تبحث العقول المتحررة، و المتسلحة بالمنطق السليم المعتدل عن السبل الممكنة، و الوسائل المتاحة ذات الحلول الناجعة عن كل ما يُحقق لها ما تصبو إليه من غايات تخدم البشرية جمعاء، و تجعلها على قلب واحد، و توجه واحد؛ كي تجني ثمار عملها الدؤوب، و عطاءها المتواصل خلال سنوات عمرها في الدنيا، فتحصد من ورائه نعيم الآخرة، و ترقد بسلام في عالمها الفسيح، ولهذا نرى أن مختلف الشرائح الاجتماعية، و خاصة الشباب رجال الغد يَطرقون كل الأبواب، و بمختلف المشاريع البناءة، و البرامج التنموية التقويمية؛ بغية الوصول للأهداف المتوخاة من سيعهم المثالي هذا، و لعل من أوضح تلك المصاديق هو انتهاج فكر، و ايديولوجيات، و منهاج الوسطية، و سبل الاعتدال من حيث طريقة التعامل مع الآخرين، و الإنفتاح – الذي جاءت به رسل السماء – على جميع الأفكار، و المناهج المطروحة في الساحة العلمية من جهة، و نبذ التطرف، و الابتعاد عن تحجيم رأي المقابل، و ترك سياسة العنف، و فرض البضاعة على الآخرين، و بذلك تكون الوسيطة وسيلة إنسانية في القضاء على بؤر العنصرية، و الطائفية، و التمييز الجاهلي بين الناس، فمن خلال ما يطرق اسماعنا من مشاريع، و برامج يقدمها شبابنا المسلم الواعد، و كذلك مركز المنهج الوسطي للتوعية الفكرية هذه المشاريع الرسالية بما يحملان من أفكار ناجعة، و رؤى ناجحة، وعلى المدى البعيد، كانت وما تزال من احتياجات البشرية جمعاء سواء في الماضي، أو الحاضر، وحتى في المستقبل، فلا غنى عنها؛ لأنها المنطلق الفكري الناجح نحو بناء دولة العدل، و الانصاف على وجه المعمورة، و التي فيها خلاصنا من نير التطرف، و الإرهاب، و الطريق الصحيح في تحقيق حلم الحرية، و المساواة بين أبناء المجتمع الإنساني برمته بالرغم من إختلاف انحداراته الاجتماعية، و توجهاته المذهبية، فمع الوسطية، و الاعتدال يبقى الأمل قائمٌ في الحد من تفاقم المآسي، و الويلات التي تعيشها كافة الشعوب العالمية، ثم أن الوسيطة، و الإعتدال تُعد في مقدمة المفاهيم العصرية المتقدمة التي تحقق التفاهم الفكري، و لغة الحوار الهادف بين جميع طبقات المجتمع الإنساني في كل عصر، و أوان ولعلنا نجد المصداق الحقيقي للوسطية، و الاعتدال في المحاضرات، و البحوث العلمية للأستاذ المرجع الصرخي الحسني، ومنها بحثي ( الدولة المارقة ) و ( وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الأسطوري ) و التي دعا فيها إلى تغليب لغة الحوار السلمي، و العقل، و المنطق السليم على لغة السيف، و القوة عندما قال : (لا تبنى الأمم بقوة السيف، والبطش، والقمع، والإرهاب والرشا، والإعلام الزائف، والمكر، والخداع….بل بالفكر، والمجادلة بالحسنى، وبالإنسانية والرحمة، والأخلاق) كلمات عرت الوجه الحقيقي لأصحاب النوايا السيئة، و التطرف، و الإرهاب، هذا من جانب، ومن جانب آخر نجد أن تلك المحاضرات ساهمت، و بشكل كبير في إيقاف نزيف الدماء، و الأرواح المنتهكة بعدما انكشفت حقيقة الإرهاب ومَنْ يدعمه فكراً، و منهجاً، و مَنْ أسس له ؟ و يقف خلفه بعدما تبين للناس حقيقة تنظيم داعش، و أنه وسيلة لخداعهم، فالوسطية، و الاعتدال تحرر العقول، و تسعى نحو رقي المجتمع، و خلاصه من براثن الأفكار المنحرفة، و العقائد الضالة، و بؤر الفساد الأخلاقي، فالوسطية، و الاعتدال وسيلة إنسانية لغاية مثالية .