ليس تركيا وحدها، إنما المحيط الدولي قاطبة، نحتاج في هذه المرحلة أن نسعى للتهدئة معه؛ لأننا بعد الإنتصار على “داعش” إن شاء الله، نبدأ مرحلة بناء إقتصادي وإجتماعي، يعيد تأهيل الثروات والإنسان على حد سواء، وتلك منظومة عمل ستراتيجي، تقوم على قاعدة مدعمة الأركان بالسلام.
والعقدة التي قصمت ظهر العلاقة بين العراق وتركيا، هي رغبة الجيش التركي بالمشاركة، في تحرير الموصل، وهو منجز عراقي بالنتيجة.. لا شيعي ولا سني ولا كردي، أسهمت فيه قوى عراقية ودولية، وأقصيت منه تركيا بطريقة تتجذر عائدة الى 1995، إبان إنفصال كردستان عن الطاغية المقبور صدام حسين، والتي سمحت حكومتها حينذاك، بوجود قوة تركية لمحاصرة حزب العمال الكردي، ولا شأن للحكومة الإتحادية الآن بها.
تلك الحقيقة التي أتمنى أن يدركها مجلسا النواب والوزراء ليتصرفا بموجبها، وتحديدا مجلس الوزراء منساق وراء وهم العداء لتركيا، أما مجلس النواب، فأجد بارقة أمل في تحركات رئيسه.. د. سليم الجبوري، لتفريج الإحتقان الذي يكاد يبلغ حافة الحرب.. لا سمح الله.
فالبناء الحضاري، بحاجة لأركان إقتصادية ودبلوماسية وإجتماعية وتربوية؛ كي تبدأ مرحلة الشروع بالإعداد الصحيح، الذي يسدد خطوات العمل الستراتيجي نحو النزاهة والمنجزات الخدمية الكبرى.
وهذا لا يمكن البدء به، وثمة قضية مقلقة، عالقة بيننا وجار قوي مثل تركيا، التي لا غنى لنا عنها، ولا عن سواها.. في المرحلة المقبلة، ولهذا أثني على تفهم مجلس النواب لتلك الحقائق، من خلال زيارات منظمة، توجه أثناءها د. الجبوري الى كركوك والموصل والسليمانية واربيل، مؤديا دور الوسيط العراقي المعتدل، بين حكومتي د. حيدر العبادي ورجب طيب أردوغان، تربأ التصدعات التي نشبت في العلاقة الدبلوماسية، بين البلدين؛ جراء التصريحات المتشنجة، التي تبادلها العبادي، منسحبا الى منطقة التوتر التي بدأها أردوغان.
وهنا أستشهد برد لدبلوماسي أوربي، عندما سأله الصحفيون، عن لافتة تتضاد مع بلده، مر عليها خلال زيارته لبلد آخر؟ أجاب: “لم أرها كانت إضاءة التلفزيونات قوية” مع أنه مر بها ظهرا والشمس ساطعة ولم تستخدم إضاءة أي من القنوات التلفزيونية التي غطت الزيارة، واللافتة واضحة، لكن هناك حسابات دبلوماسية، إهم وأقصى بعدا، من إستفزازات الصحفيين؛ التي قد تجر أردوغان، من وضع مستريح، الى ما لا يجب أن ينجر إليه العبادي؛ لأنه في وضع “غير مستريح”.
أتمنى أن يواصل مجلس النواب مساعٍ، بدأها رئيسه د. الجبوري، تشجع مجلس الوزراء على ترجيح مصلحة الشعب العراقي، وعدم الوقوف عند إنحيازات إردوغان وميوله، وهي بالنتيجة ميول.. ربما عاطفية او طائفية او سواها، فهذا شأنه؛ لأن ما يهمنا هي مصلحة العراق، التي توجب تحييد كل المواقف والانتماءات الفئوية، من أجل أن نستفيد من كل قطرة في ثرواتنا، بتعجيل زمني يسابق اللحظات نحو عراق مزهر.
وعندما يكون الوسيط عراقيا، فهذا يعطي تأثيرا أبلغ على الرأي العام التركي.. من الداخل، والعالمي من الخارج، لصالح العراق.