18 ديسمبر، 2024 9:18 م

الوساطة العربية بين الأوكران و الروس .!

الوساطة العربية بين الأوكران و الروس .!

لا ريب أنّه أمرٌ يتّسم بالإرتياح النفسي والعاطفي للجمهور العربي , بأن تكون هنالك وساطة بأسم العرب أمام الرأي العام العالمي , لكنّ الموضوع ايضاً يتطلب بعض التفكيك , حيث أنّ الوفد العربي او القومي .! يتمثّل بخمسة وزراء خارجية عرب < مصر , الأردن , العراق , السودان , والجزائر > , ومن غير المعروف لماذا تمّ استبعاد ايّ من وزراء خارجية دول الخليج العربي .! والتي تتمّع بعضها بثقلٍ نفطيٍ – سياسي كالسعودية والإمارات كأنموذجين , ولا سيما علاقة دولة الأمارات الجيدة مع موسكو , ولم تستفد الجامعة العربية في اختيار اعضاء وفدها من الخلاف الحديث الذي جمع السعودية والأمارات مع الأدارة الأمريكية , كما انّ السودان التي تشهد حالة متقدمة من عدم التوازن السياسي والأمني في داخلها , فلا تبدو مؤهّلةً للعب او ممارسة هذا الدور . !

ثُمّ , و وَسْطَ حالة شبه التشرذم العربي , فكانَ وما فتئَ ان تحاول هذه الوساطة قبل توسّطها بإجراء ترميمات في التصدّع الداخلي العربي كالأوضاع في ليبيا وسوريا , ولا نقول هنا في اليمن ! حيث جرت هدنة حديثة بين الحوثيين والسعوديين من قبل المبعوث البريطاني هناك , لا لإنهاء الحرب وإنما لتأجيله بسبب الحرب بين كييف وموسكو .!

وايضاً , على ماذا يراهن هذا الوفد العربي الرفيع المستوى , وكحدٍ ادنى لإمكانات نجاحه المفترضة , بينما الرئيس زيلينسكي يستنجد بأسرائيل للتوسّط مع موسكو لإقناع روسيا بوقف القتال , ويطالب بعقد لقاءٍ مشترك مع القيادة الروسيّة في مدينة القدس التي يسميها ” اورشليم ” وزيلينسكي نفسه ومستشاروه على علمٍ مسبق أنّ اسرائيل بحاجةٍ ماسّة الى مداراة ومحاكاة الرّوس في غضّ النظر على الغارات الجوية الأسرائيلية على اهدافٍ ايرانيةٍ في سوريا .!

ربما من الصعب التعرّف على مديات رؤى الوفد العربي الجديد في الوثوق بنفسه في التفوّق على الوساطة التركية بين الطرفين المتحاربين ” علماً انّ لتركيا مصالح ستراتيجية مع موسكو , وروسيا تتولى ادارة المنظومة الكهرو- مغناطيسية في مدينة مرسين التركية , بالإضافة الى أنّ خمسة ملايين سائح روسي يزورون تركيا سنوياً , وأنّ تركيا تستورد %40 من الغاز الروسي , فماذا سيتحدّث السيد وزير الخارجية العراقي هناك , والعراق تنتابه أزمة الرئاسة المتفاقمة وأموره معلّقة الى اجلٍ مسمّى او غير مسمّى , فماذا لو قالوا له الروس والأوكران بأن يحاول ترميم بيته الداخلي اولاً , وثُمّ اقفزوا الى خشبة المسرح الدولي .!

ثلاثةُ ايّامٍ مرّت على مغادرة وفد الوساطة العربية ولقاء طرفيّ النزاع , ودون ان تترشّح ايّ تفاصيلٍ عن مجريات ما جرى , سوى الطلب بتسهيل مغادرة الجاليات العربية في بعض المدن والمناطق الأوكرانية , علماً أنّ معظمهم قد عادوا الى بلدانهم او انتقلوا الى دولٍ اخرى , او آثروا البقاء هناك لإعتباراتٍ عائلية وبعض المصالح الخاصة , مع الإشارة الى أنّ مسألة رعايا بعض الدول العربية في اوكرانيا تتمّ معالجتها بشكلٍ ثنائي بين دولهم والجانب الأوكراني , ورغم انّ هذا المطلب العربي يشاد به , لكنه للإستهلاك الإعلامي اكثر من سواه , وسوف يعود وفد الوساطة العربية قريباً بِخُفّيّ حنين , وقد تستقبله الأمانة العامة للجامعة العربية بالقُبُلات والأحضان .!