في البداية ننوه عن ان هذه المقالة هي رد على مقالة (جهاز مخابرات صدام يتسلل الى مخ الخارجية ويعيد تنظيم صفوفه) للكاتب (محسن الوائلي) في موقع قناة آفاق العراقية على شبكة الانترنت، ونود ان نشير الى ان الرد ليس له علاقة بشخص الكاتب، لان المقال هو عبارة عن تغذية معلومات من مصدر في الخارجية للكاتب المذكور وبالتالي فالاساس هو افتراض حسن النية وناقل الكفر ليس بكافر، في مطلع المقال وردت الفقرة الآتية:
(ما ان تبوأ الوزير الحالي محمد علي الحكيم منصب وزير الخارجية حتى بانت تحركات مريبة لعناصر البعث والمخابرات في الوزارة ، فهم جمدوا نشاطهم طوال استيزار الجعفري منذ ٢٠١٤ وعلى الرغم من محاولات الجعفري ابعاد هؤلاء العناصر وآخرها إصدار قائمة ب٣٩ منتسب لجهاز المخابرات السابق ونقلهم الى وزارات اخرى لخطورة تواجدهم في السلك الدبلوماسي الحساس، حتى قامت الدنيا وبدات الجيوش الإلكترونية البعثية تتهم الجعفري بالطائفية والإقصاء والتهميش رغم ان حوالي نصف قائمة المبعدين هم ايضا من الشيعة لكنهم منتسبون لجهاز المخابرات الصدامي وقسم منهم مؤشر عليه قضايا فساد وسوء السمعة عند عملهم في البعثات بحسب ما افادت به اللجنة الأمنية التي أبعدتهم)
وحقيقة الامر لم يصدق مصدر كاتب المقال في هذه المعلومات إذ اوردها مبتورة عن نتيجتها النهائية، ورغم انه من المعروف ان نية الجعفري كانت محاولات استبعاد الموظفين للحصول على درجاتهم الوظيفية لتعيين المزيد من اتباعه، وان الاتهامات كلها وليس جزءا منها كانت كيدية وكاذبة وباطلة، الا انه وبعد توجيه السيد رئيس مجلس الوزراء السابق حيدر العبادي للجنة الديوانية باجراء تدقيق قانوني على الاتهامات الموجهة الى الموظفين قبل ابعادهم، فان اللجنة الديوانية (المخالف تشكيلها للدستور والقانون) اقرت بان الاتهامات الموجهة لا اساس لها من الصحة وان الموظفين المتهمين لا تشوب سمعتهم أية شائبة، وهذا تم بعد تدقيق وكتب رسمية من أجهزة الامن الوطني والمخابرات والمسائلة والعدالة، وبُعيد تولي الدكتور محمد علي الحكيم مسؤولية وزارة الخارجية أرسل جهاز المخابرات الوطني العراقي كتاباً بتوقيع رئيسه الاستاذ مصطفى الكاظمي يشير الى براءة موظفي الخارجية من التهم المنسوبة اليهم ويعبر عن رغبته في نقلهم الى جهاز المخابرات الوطني العراقي في حالة عدم حاجة الخارجية لخدماتهم كونهم من الكفاءات التي يحتاجها جهاز المخابرات.
لذا فان امر (39) موظف المبعدين حسم بالاساس بشكل قانوني ونهائي وليس من السيد وزير الخارجية الحكيم وانما من قبل اللجنة الديوانية المعنية والاجهزة الامنية فيها، القضية كيدية من الوزير السابق واتباعه.
والفقرة التالية في المقال اعلاه (الحكيم الشيعي الليبرالي كان مقرب جدا من هوشيار زيباري عندما كان سفيرا في مركز الوزارة ويترأس دائرة التخطيط السياسي وجمع حوله عدد من الموظفين من الكورد والبعثية ( سنذكرهم بالاسماء) آنذاك عاد ليكون وزيرا للخارجية وسرعان ما التف حوله مجموعة من السفراء والموظفين المعروفين بسوابقهم السيئة وأبرزهم السفير زيد عز الدين الذي كان الذراع المالية لفساد هوشيار زيباري وهو سفير منذ زمن البعث ويخطط الان ليكون وكيلا بموافقة الحكيم ، كما عين الحكيم مدير مكتب له وهو منهل الصافي البعثي الذي كان يعمل مع اياد علاوي بالاضافة الى الوكيلة هالة المعروفة بطائفيتها في تعاملها مع الموظفين الشيعة)
وفي هذه النقطة دس مصدر الكاتب السم في العسل حتى يضيع الحقيقة، فالوزير الحكيم كان نعم على علاقة طيبة مع الوزير الاسبق زيباري اسوة بالعديد من السفراء، وكانت نظرة زيباري صائبة حينما رشح الحكيم لمنصب ممثل العراق في مكتب الامم المتحدة في جنيف ثم في ممثلا للعراق في نيويورك حيث برز الحكيم وتبوء ارفع منصب يتولاه عراقي بعد المرحوم عصمت كتاني وهو منصب مساعد للامين العام، اما السفير زيد عز الدين وبغض النظر عن محاولات توصيفه بالفاسد وهي تهم لم تثبت حتى بعد رحيل زيباري عن وزارة الخارجية (برغم المحاولات الدؤوبة لثلة الوزير السابق) الا ان الجعفري هو من عين زيد عز الدين رئيساً للدائرة المالية قبل حوالي سنة اي قبل استيزار الوزير الحكيم، واضطر الجعفري لتعيينه بعد ان وصل طريق مسدود بسبب كثرة تجاوزاته المالية حيث كانت الوزارة قاب قوسين او ادنى من ان تتوقف بسبب العشوائية واللا قانونية التي تدار بها الدائرة المالية.
وفيما يتعلق باخونا وصديقنا المحبوب منهل الصافي فهو لم ينتمي الى حزب البعث مطلقاً وكان مغترباً ومعارضاً سياسياً وانضم الى حركة الوفاق في مرحلة معينة ثم استقل عن النشاط الحزبي بعد ولوجه الخارجية واثبت الرجل كفاءته في مناسبات عديدة، واضطر ايضا الجعفري ومنذ حوالي سنة ونصف لتعيينه رئيساً لدائرة المراسم بعد المهازل الكثيرة التي حدثت في بروتوكول وزارة الخارجية بسبب هفوات الجعفري واتباعه، اذن ايضا لم يعينه الحكيم في منصبه وانما اراد الاستفادة اكثر منه فعينه بشكل مؤقت مديراً لمكتبه لينضم له المكتب بطريقه مهنية. يبقى ان السيدة هالة مصطفى ومن سخريات القدر اتهمها مصدر كاتب المقالة سالفة الذكر بانها طائفية مع الشيعة، الا ان الواقع انها تعاملت بتغول سافر ضد الموظفين السنة وليس الشيعة في الخارجية ابان فترة الجعفري في محاولة لابعاد نفسها عن انتماءها المذهبي السني.
وفي الفقرة ما قبل الاخير والتي هي لبُ المقال (وجد البعثيون وعناصر مخابرات صدام في وجود الحكيم فرصة ذهبية لإعادة تنظيم صفوفهم وانتشار عناصرهم للامساك بدوائر الوزارة وبدأت حملة لابعاد العناصر الكفوءة والوطنية ومن ذوي الشهداء الذين قارعوا البعث تحت كذبة انهم غير كفوئين وحديثوا عهد في الوزارة بينما هم لديهم شهادات من صلب العمل في الخدمة الخارجية لكنهم حرموا من العمل في مثل هذه الأماكن لعقود كونهم ( شروگية) وكأن الخارجية صممت لابناء البعثيين والرفيقات وآخر هذه الإجراءات ازاحة الدكتور مقداد معاون رئيس الدائرة الادارية وهو رجل لديه دكتوراه في القانون ومن الأوائل في الجامعة ولديه وخبرة عملية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لمدة ١٣ سنة وقدم خدمة للوزارة من خلال حل المشاكل مع وزارة المالية وحل مشكلة ترقيات الموظفين ، الا ان هذا لا يروق لعناصر البعث فسرعان ما صدر قرار بتنحيه دون بيان الأسباب بتوقيع الحكيم !! )
ولنضع يدنا على لب المشكلة وهي المدعو (مقداد المندلاوي)، اما المقدمة فلا قيمة لها لانها مردودة اصلا فحتى في زمن البعث فان غالبية موظفي الخارجية كانت من الشيعة، ولا يفوتنا هنا ان نترحم على شهيد الخارجية (هادي عبيس جراد الربيعي) ولا اعتقد ان الشهيد كان سنياً من تكريت، وهنا لا يفوت ذكر الدبلوماسي المرموق عبد الحسن سوادي وعينه الجعفري قبل شهور من رحيله رئيساً للدائرة الادارية،، الا الموضوع ليس هكذا، فالقضية تتعلق بثلة الجعفري واحد اتباعه (مقداد المندلاوي) ولنفترض جدلا سيرته البطولية فلقد عين المؤماً اليه قبل حوالي سنة وترقى بصورة صاروخية الى درجة مستشار دبلوماسي وهو المنصب الذي لا يصله الدبلوماسي المسلكي الا بعد 15 عشر سنة، ولو افترضنا تعيينه بدرجة سكرتير ثاني لحصوله على الدكتوراه في سنة 2017 فان استحقاقه للوصول الى درجة مستشار هو في سنة 2023 اي بعد خمس سنوات من الان، وبالمناسبة الرجل من مواليد 1987، يعني عمره 31 سنة وهذا يعني انه بافتراض صحة ما اورده من معلومات فهو عين في الامانة العامة لمجلس الوزراء بعمر 18 سنة اي في اثناء فترة الكلية اذا ما اعتبرنا انه لم تكن له سنوات رسوب، يعني خدمة ادارية بسيطة وموظف بعمر وظيفي محدود عديم الكفاءة يتولى منصب معاون رئيس الدائرة الادارية في وزارة الخارجية لسبب واحد وهو المزيد من البطش اللاقانوني بحقوق الموظفين ومزيد من العتيينات اللاقانونية لاتباع الجعفري وقناة بلادي ..الخ
ان الشيعة في الخارجية لم يؤتوا مع الجعفري لانهم بالاساس موجودين في الخارجية منذ تأسيسها في مطلع العشرينات، ولذا فان من جاء مع الجعفري في جلهم كانوا من اتباعه من موظفي قناة بلادي وتياره السياسي الذي مات غير مأسوفاً عليه (الاصىلاح)، لذا تجد في العموم من اسماهم كاتب المقال بـ(الشروكيه) وفيهم دبلوماسيين اكارم ذوي خلق رفيع وكفاءه كبيرة موجودين في مواقع الوزارة الرئيسية ونفسه عبد الحسن سوادي كان في فترة من الفترات مديراً لمكتب الوزير الاسبق زيباري.
اما المناقب التي يتحدث (مقداد المندلاوي) عنها فلا وجود لها الا في مخيلته وهو لم يحرص على البقاء في منصبه وانما توقع ان تتم محاسبته على تجاوزاته القانونية فاصدر امر وزاري من الجعفري قبل مغادرة الاخير باقل من شهر للنقل الى سفارة العراق في اوكرانيا، ولكن الوزير الحكيم استبقاه حتى لا تضيع حقوق الموظفين اذا ما تمت محاسبته في الخارج وهرب الى دولة اجنبية.
ثم ورد في المقال السابق الاتي (تم إقناع الحكيم بضرورة إرجاع العناصر المبعدة تحت عنوان الكفاءة ولكن في الحقيقة هم عناصر خطرة مارست النفاق والإجرام في حقبة البعث وآخر ذلك توجيه كتاب بتوقيع الحكيم للمسائلة والعدالة يطلب فيه استثناء ثلاثة عناصر من إجراءات المسائلة وحسب الكتاب (المرفق) وهؤلاء هم :
1– فارس يحيى جمعة السامرائي/ ضابط في جهاز الأمن خاص ومحكوم لمدة ٧ سنوات بسبب تعاطيه رشاوى2– سفيان محمد القيسي/ مدير مكتب مدير المخابرات الصدامية لغاية ١٩٩٨ ، ونقل عمله الو وزارة الخارجية!!3– حازم محمد راضي/ ضابط في جهاز مخابرات صدام.)
فهؤلاء طبعا ليسوا من الموظفين القدامى وانما هم موظفين عينوا بعد الاطاحة بالنظام الدكتاتوري وتظلموا عند الوزير الحكيم بان اساس الاتهامات ضدهم باطل، والرجل عندما فاتح رئيس هيئة المسائلة والعدالة لاستثنائهم فانما طلب الاستثناء وفقاً لقانون المسائلة وقانون المسائلة يمنح الاستثناء اذا ثبت لديه ان الموظف لم يرتكب اية جريمة ضد الشعب العراقي ولم يثرى على حساب اموال الشعب ووفقاً لاليات رصينة تضمن انه كان مجرد موظف لم تتلوث يديه مطلقاً باية جريمة من جرائم البعث،، اذن فطلب الاستثناء ليس معناه الموافقة وانما معناه ان يتم تدقيق ملفاتهم فاذا ثبت انهم لم يرتكبوا جرائم من اي نوع خلال فترة البعث فعندها يكون الاستثناء مقبولاً، وهنا نشير الى ان قيادات بارزة بالجيش تم استثناءها لانه ثبت ان ولائهم كان وطنيا ولم يكن صداميا ولم يرتكبوا اية جرائم بحق الشعب العراقي.
وختم المقال بالعبارة الاتية (ستكون فترة محمد علي الحكيم ربيعا للبعث ومخابرات صدام في وزارة الخارجية كيف لا وقد تسللوا الى مكتبه ويجالسونه في الليالي ويوجهون النصائح له باتخاذ قرارات تحت عنوان الإصلاح لكن الحقيقة هي رسم دور قوي للبعث في المرحلة المقبلة وتحجيم دور الشرفاء وبما ان الرجل يتسم بالسطحية في التفكير ولا يعرف أساليبهم كونه غادر العراق منذ بدايات السبعينات ولم يكتوي بنار هذه الزمر الخبيثة فهو يأخذ هذه الاستشارات ( الهادفة) على محمل الجد ، فعلى الوطنيين والشرفاء وذوي الشهداء والمظلومين التحرك الفوري لإيقاف تمدد البعث في هذه الوزارة الحساسة وعلى الحكيم ان يعي خطورة المخطط الذي سيدفع ثمنه ان استمر على الاعتماد على هؤلاء قبل فوات الأوان.)
والله معلومة بحق،،، اذن الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش كان مغفلا عندما اختار شخصا سطحياً معاونا له!!!!
ان الذي يعرف الوزير الحكيم يدرك تماماً ان الرجل لديه رؤية واضحة في اصلاح علاقات العراق التي خربها سلفه بارتجالاته الغير سوية، وايضا في اصلاح هيكلية وزارة الخارجية، والقرارات التي اصدرها الوزير الحكيم والتي حركت زمرة الشطر ودهاقنة الشيطان في وزارة الخارجية هي الاتية:
وامور كثيرة يتم اصدارها بشكل دوري وتعميمها على الموظفين فهي ليست قرارات سرية، بل هي مقدمة لقرارات اصلاحية اكثر جرأة، لذا بدأ اتباع الوزير السابق بالهجوم وفق مبدأ الهجوم افضل وسيلة للدفاع بعد ابعاد (مقداد المندلاوي وقيس العامري) عن منصبيهما، ولكن شمس الحقيقة لا تحجب بغربال والاوامر الوزارية موجودة ومعلنة وقسم منها نشر على الانترنت.
ولعلي انتقد الوزير الحكيم في جزئية وهي تدرجه البطيء في اصدار القرارات، وان كنت اعلم انه يسعى بالتدرج الى ثبات الخطوات الا ان اصلاح ركام الخارجية يتطلب اجراءات سريعة وفعالة لتؤتي أُكلها في وقت معقول.
وقبل ان انهي مقالاتي لابد ان اورد من مناقب مقداد المندلاوي وقيس العامري واحسان العوادي وغيرهم كانت خسارة وزارة الخارجية لكافة الدعاوى التي رفعها موظفوا الخارجية ضدها في المحكمة الادارية، وايضا خسارة كافة الدعاوى التي رفعها الموظفين المحليين في سفارتنا في الخارج مما كلف الوزارة مبالغ مليونية وبالدولار.
وختاماً فان للباطل جولة وللحق الذي يقوده الوزير الحكيم جولات حالية وقادمة، وبالمناسبة فان الوزير الحكيم لا يعرفني وان سعى الي فلن يعرفني، وانا لا اعرفه الا عن بُعد، ولكني اقدر جهوده الاصلاحية الوطنية في اصلاح حالة الركام والانحطاط التي آل اليها السلك الدبلوماسي العراقي، ومعركة الاصلاح مطلقا لن تكون سهلة فالخصم هو الفساد بكل ما تعنيه هذه الكلمة من وحشية مزقت مؤسسات الدولة العراقية ومنها الخارجية تمزيقاً.