للحق صوت واضح لو صدقت النوايا لسمعناه، وللحقيقة صورة كاملة لو تمعنا جيدا لرأيناها، وللباطل أساليب والأعيب وخدع لو ابتعدنا عن الصدق لوقعنا في فخاخها.
ووسط هذه المعادلة التي قد يجد الكثير منا إن حلها ومعرفة متغيراتها من الأمور الصعبة، والوصول لنتائجها النهائية طريق طويل، يحتاج للتمعن والتدقيق بتفاصيل المواقف، وقراءة ما بين السطور أحيانا كثيرة.
فلو أخذنا تداعيات امتيازات الرواتب التقاعدية لكبار مسؤولي الدولة، فالمرجعية تكلمت بصراحة ووضوح تام في رفضها لأي امتيازات تقاعدية للمسؤولين في الرئاسات الثلاثة والوزراء وأعضاء البرلمان والدرجات الخاصة.
ودعت، على لسان معتمد المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني “دام ظله” في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، دعت أبناء الشعب لعدم انتخاب من كان مع هذه الامتيازات والتوجه لانتخاب من يتعهد ويلتزم برفضها.
وقانون التقاعد العام الذي صوت عليه البرلمان، هو قانون مرسل من رئاسة الوزراء، وحظي بموافقة رئيس الوزراء وكافة الكابينة الوزارية الموجودة في مجلس الوزراء.
والحكومة أعطت من خلاله في الفقرة الأولى من المادة 38 للمسودة راتب تقاعدي لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء ووكلاء الوزراء والدرجات الخاصة مقداره 80% من الراتب الكلي وليس الاسمي، مستثنية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من شرط مدة الخدمة، أي لو إن شخص استلم منصب رئيس الوزراء لشهر واحد واستقال أو أقيل يحق له راتب تقاعدي مقداره 80% من راتبه الكلي.
وبالتالي فان التعديل الذي قامت به اللجنة المالية في البرلمان على الفقرة سيئة الصيت، هو زج أعضاء البرلمان مع بقية قائمة المستفيدين من الامتيازات مع تقليل نسبة الـ80% الى 25% لكنها عادت فأعطت 2,5% من الراتب الكلي عن كل سنة خدمة لجلالة السيد المسؤول.
وبهذا يتضح لنا إن مجلس الوزراء كان ممن أشعل نار الامتيازات، وأسس لهذه التفرقة المقيتة بين أبناء الشعب، وبهذا فان كافة الوزراء مع رئيسهم يتحملون المسؤولية الأخلاقية والقانونية والشرعية مع أعضاء البرلمان الذين صوتوا على فقرة الامتيازات، وبهذا فان دولته ومعاليهم مشمولين أيضا بقرار المرجعية وأمرها بعدم انتخاب من كان مع هذه الامتيازات ووافق عليها.