القضايا المعقده والمستعصيه تحتاج الى افكار خلاقه واساليب مبتكره وليس الى اوراق عتيقه من مخلفات صندوق النقد والبنك الدولى التى استخدمت وقادت الى نتائج كارثيه فى تلك البلدان عملت بها وعمقت تبعيتها الى هذه المؤسسات الطاغيه., كما ان الكلام الجميل الذى يقدمه احد كبار موظفى مكتب السيد رئيس الوزراء الذى ” اكد على عزم الحكومه على ايجاد معالجات ناجعه للازمات الراهنه وعزمها على مواجهة التحديات الماليه والاقتصاديه والوبائيه بما يؤمن تخطى العراق لهذه الازمات وتحويلها الى نقاط ارتكاز للاصلاح والتنميه”, هذا الكلام المنمق لايجدى نفعا وقد سمعه وعاشه المواطنون مئات المرات دون ان يلمسوا تحسنا فى اوضاعهم حتى بنسبة 10%. انها زوبعة مزعجة فى
فنجان لا تقدم غير التراب والحصى , انها ثانية وثالثه وعود بائسه سوف ينكشف فشلها وذلك لانها تلامس السطح فقط وتتغاضى عن الاصول والاسباب.
ان اى عملية اصلاح حقيقه تحتاج الى قيادة قويه اكسبتها سنين الخبره والمعاناة حسا وطنيا عاليا وتسلحت بمسؤلية كبيره تجاه الشعب والوطن. من القضايا التى ترسخت لدى المصلحين والثوار, ان عمليات الاصلاح لا يمكن ان تتم بنفس النخبه والطواقم الاداريه والبروقراطيه التى كانت السبب المباشر فى بلورة هذه الازمه واستفحالها, هؤلاء سوف يعطلوا اكثر القرارات والمشروعات الضروريه والمهمه لانهم على معرفة كبيره بخفايا الدوله واسلوب عملها وبذلك انهم سوف يفرغوا عملية الاصلاح من محتواهاا وابعادها الاجتماعيه والاقتصاديه.وتحولها الى فقاعه لغويه, تتكرر الياس والاحباط.
ان الورقه البيضاء , كما اعلن عنها, انها قد خضعت لدراسات مستفيضه وشارك فيها 40 خبيرا واستاذا عراقيا, لم تأتى بجديد, ليس فقط من انها تبنت مبادىء صندوق النقد والبنك الدولى المعروفه عالميا وانما لم تأتى بجديد بما يتناسب مع معايشة الحاله المستعصيه فى العراق والتى تحمل نتائج كارثية , انه تتمثل فى اقلاس العراق وعدم قدرته على الاستمرار وليس له القدره على رواتب الموظقين والمتقاعدين. اذا كان السيد الكاظمى جادا فى ايجاد حلول لللاوضاع المترديه فعليه, بدلا من تقليص رواتب الموظفين والمتقاعدين ان يبدأ بالرؤس الكبيره ” الرئاسات الثلاثه” التى تستنزف اكثر من 20% من الميزانيه العامه ويحدد المخصصات والنثريات ويقلص افواج الحمايه واالايفادات. ان مثل هذه البدايه سوف يكون لهاانعكاس على جميع اجهزة الدوله. ان قضايا غريبه قد اخذت موقعا كبيرا فى المصروفات العامه, رواتب رفحاء التى تمثل شكل صارخ وفاضح من تقاسم الحصص وتوزيعها بطريقة الموافقه على شمل الاحبه والاصدقاء¸هذا بالاضافه الى بضعة مئات الالاف من ما يسمى ” بالفضائيين” التى هى فى حقيقة الامر تعاظم سلطة الاحزاب والمليشيات وجوانب من تامين الرواتب والمصروفات لها. ليس اخيرا هذا العدد الهائل من الدرجات الخاصه والمدراء العاميين الذين يتقاضون رواتب ومخصصات غير معقوله. ان قضايا كثيره يجب ان يكون السيد الكاظمى على علم بها لكونه قد شغل رئاسه جهاز كبير وفعال ويعلم جيدا خطورتها على السلوك العام للعاملين فى اجهزة الدوله. ان الاقتصاد الحر كما يعمل به فى الدول الرأسماليه المتقدمه لم يحصل بين يوم وليله وجاء تدريجيا ومع نموه وتوسعه تطورت اجهزة الدوله التشريعيه والتنفيذيه والرقابيه حيت اخذت واجباتها فى دعم النشاط الاقتصادى الحر وبنفس الوقت مراقبته والتزامه بقوانين الدوله. ان اجراءات الحاكم المدنى باول بريمر لم تكن اقتصاديه بقدر ما كانت سياسيه فى التحول من اقتصاديات الدوله الى الاقتصاد الحر دون ان يتوفر له بعض الشروط الاوليه الموضوعيع للعمل به, ولانها كانت سياسيه ترتب عليها فوضى عارمه . بسرعة كبيره دخلت العراق حوالى مليون سياره قديمه مستعمله من المانيا واوربا الغربيه وامريكا واصبح العراق مكبا للسكراب لمختلف المواد المصنعه القديمه. من ناحية اخرى فان فتح الحدود للتجاره الحره, وما صاحبها من فتخ البنوك الاهليه وبيع العمله من قبل البنك المركزى فتح العراق على مصراعيه لغسل الاموال وتهريب العمله الصعبه.وبذلك فقد توقفت الزراعه والصناعه, ونشطت ايديولوجية التجار بان المستورد ارخص من المحلى وبذلك فقد اغرقت السوق العراقيه بالمفيد والمضر بنفس الوقت دون ان يأخذوا بنظر الاعتبار ما يترتب على ذلك من كوارث وازمات. جاء فى الورقة البيضاء الاخذ بمبدأ الخصخصه لشركات الدوله التى قد اصبحت حملا ثقيلا باهضا على الدوله, هذا يعود بنا الى تجارب ممائله, فقد تم خصصة عدد من شركات كبيره للدوله المصريه, التى تم شرائها من قبل اقطاب النظام المصرى فى عهد مبارك وقد بيعت بسعر التراب, ولم تتحول الى مؤسسات انتاجيه يعمل بها عدة مئات من العمال والفنيين, وانما تم هدمها وتقسيمها وعرضت فى سوق العقارات. كما ان انظام صدام حسين حينما لفت عليه الضائقه الاقتصاديه قام بخصخصه بعض مشاريع الدوله, فقد تم شراء مزارع الدول وحقول الدواجن والبقر ومصنع الالبان من قبل اعضاء العائله, السيده ساجده, اخوته برزان, وطبان, واخرون. ان ما سوف يتم عرضه قريبا للخصخصه سيكون بكل ـاكيد من قبل فرسان المحاصصه الطائفيه والقوميه التى سوف تحصل عليها بارخص من سعر التراب, وسوف لا تعاد الحياة اليها وانما تتحول الة قطع ومشاريع سكنية وعقارات.
بالمناسبه, فقد تم خصخصة بعض المشاريع المهمه,كالنقل والماء والكهرباء وشركات التليفون المحمول فى بعض دول اوربا الغربيه, الا انها نظرا لتردى مستوى الاداء والنوعيه تم اعادتها الى الدوله. ليس الاقتصاد الحر ولا عملية الخصخصه مفتاح سحرى لتجاوز الازمات وانما الى تقليص قدراتها الماليه على الامد المتوسط والبعيد
بدلا من هذا الكسل الفكرى وتقليص رواتب الموظفين والمتقاعدين على السيد رئيس الوزراء ان يقوم بتفعيل حقوق الدوله كقضية الضرائب, خاصة الضرائب المتراكمه على شركات الانترنت والتليفون المحمول, العمل افى ضبط الامن وسحب السلاح المفلت بالاضافة الى اعادة النظر فى شروط واليات الاستثمار وخلق مناخ مشجع له. من القضايا المهمه التى يجب يأخذ بها السيد الكاظمى ان يراقب التشاط التجارى والاستيراد, خاصة منع نخبة 2003 من ممارسة التجاره, انهم يشكلوا اوليات الفساد والتدهور. العمل على ضبط المنافذ الحدوديه والاستفاده من مواردها وتفعيل اتفاقات النفط مع قليم كردستان. ان ان الازمه الاقتصاديه الراهنه تمثل قمة السياسات الفاشله قى جميع مرافق الدولة, وهى ازمة شاملة طاحنه تتطلب اجراءات قويه وجذريه, وهى بنفس الوقت ازمة سياسيه نتيجة تسلط احزاب وجماعات ومليشيات لم تكن مستقله فى قراراتها وانما ارتباطاتها الاقليميه والدوليه التى لا يحلوا لها عراقا اقويا متطورا, باالاضافه الى انصرافها لمصالحها واهدافها الشخصيه . اذا كان السيد المالكى جادا بعملية اصلاح اقتصادى مؤثره عليه ان يبدأ بالابتعاد والتخلص من تأثير القوى والاحزاب التى تم اختيارها له وحددت دائرة عمله وصلاحياته مسبقا, ويشرع فى انتهاج سياسه مستقلة حقيقيه تضع الحلول اللازمه والضروريه لمجابهة الازمه, والا فانه سوف يخسر الرصيد والدعم الذى حصل عليه من المواطنين والحراك الشعبى سوف ينقلب علية وسوف لا يكون افضل موقعا من الذين سبقوه من رؤساء الوزراء القاشلون.