23 ديسمبر، 2024 12:24 ص

الوحدة الوطنية مدخل لتحرير فلسطين

الوحدة الوطنية مدخل لتحرير فلسطين

اليوم الشعب الفلسطيني بأمس الحاجة إلى التضامن الوطني من اجل تحرير الوطن وردع العدوان وإزالة كل تبعات التي خلفها العدو الصهيوني على الأراضي الفلسطينية من الاحتلال وإجراء التغيرات الديمغرافية وبناء الأسوار ومصادرة الممتلكات وتقطيع وتجريف الأراضي الزراعية والبساتين والأشجار المثمرة وتهديم البيوت وإجبار السكان إلى النزوح والهجرة؛ لذلك فان أي تناحر بين الفصائل الفلسطينية لن يجدي نفعا بقدر ما يسهم في إطالة عمر الاحتلال الصهيوني وفرض هيمنته على الشعب الفلسطيني، وعليه يجب إن تنصب جهود كل الخيرين من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية إلى المصالحة الوطنية والعمل على تقريب وجهات النظر بين مختلف فصائل الثورة الفلسطينية من اجل التضامن والمضي قدما في مسيرة الإصلاح والبناء والتضامن والأخوة؛ طالما إن هدف الجميع هي المقاومة وتحرير فلسطين من العدو الصهيوني المحتل وإقامـة الدولـة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس؛ وان (اختلاف) الرؤية فيما بين الإخوة هو أمر سليم ولكن شرط إن لا يرتقي إلى مستوى (الخلاف) لان من شانه إن يؤدي إلى تناحر فيما بينهم، لذلك فان الانقسام ألفلسطيني – الفلسطيني هو بمثابة وضع العصا بين عجلات العربة لعرقلة مسيرة التحرير الذي هو هدف الجميع، لذا يجب الوعي والإدراك وتحمل المسؤولية التاريخية أمام الشعب الفلسطيني والعربي في ترك الخلافات جانبا والسعي لاسترداد الأراضي الفلسطينية المغتصبة من قبل العدو الإسرائيلي، لان أي خلاف بين الفصائل الفلسطينية لن يخدم إلا الصهاينة في تثبيت ركائز الاحتلال .

فـالقبول بالأخر والتعاون لا يعنـي ضعف وانتقاص من أية جهة أو تغيب دورها في النضال والكفاح؛ بل يعتبر ذلك من صميم العمل النضالي والوحدة ومتطلباتها، لان إدارة عملية التحرير تتطلب تبني سياسة مرنه تستوعب خصوصية الجميع؛ لان مسيرة الوحدة الوطنية في صميمها تنطلق من نضال الشعب ضد العدو المغتصب لتحرير الوطن؛ وهذا لا يتم ما لم يسعى الجميع في بناء قنوات الاتصال والتعاون لتعزيز التعامل مع بعضهم البعض بعقلية منفتحة لمفاهيم الحرية والعدالة والتعاون في بناء برامج سياسية تحت مظلة الوحدة الوطنية والوفاق الوطني لهدف التحرير.

فالوحدة الوطنية في مرحلة التحرير لا تأتي إلا عن السعي الدؤوب في بناء علاقات إنسانية مجتمعيا والسعي لاكتشاف نقاط الالتقاء وتعميق بنائها وتطويرها بين الجميع؛ لسد كل الثغرات التي توسع التفتيت والانقسام، فالتعددية والتنوع أمر سليم ومتواجد في كل المجتمعات ويجب توظيفها لصالح الوحدة الوطنية والتحرير ومن اجل الهوية الوطنية الجامعة للشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته وأطيافه مع احترام خصوصية الهويات الفرعية بكل أشكالها وتنوعاتها وبطرق حضارية، لان القضية الفلسطينية قبل إن تكون قضية أبناء الوطن هي قضية إقليمية ودولية ارتبطت ارتباطا مباشرا بالسياسات والنظام الدولي؛ لدرجة التي ارتبطت هذه العلاقات بطبيعة العلاقات الدولية والعربية مع النظام الإسرائيلي؛ لذلك فان الشعب الفلسطيني يجب إدراك هذه الحقيقة في ترك الخلافات الداخلية جانبا – على الأقل في هذه المرحلة – لينظر المجتمع الدولي إلى قضيتهم باعتبارها قضية وطنية جميع القوى الفلسطينية موحدة في اتخاذ قرار تقرير المصير دون مناكفات مع هذا الجانب وذاك؛ لان المعركة الحقيقة يجب إن تنطلق أولا من داخل البيت الفلسطيني ضد الانقسام والفساد وتشتت المواقف ليتم ترتيبه وفق أسس وطنية وبرامج موحدة في المحافظة على الوحدة الوطنية من اجل مسك مراحل التحضير والاستعداد لمعركة التحرير برؤية وطنية مشتركة وإجبار العدو الإسرائيلي الرضوخ لشروط الفلسطينية في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس .

ومن هنا فان أي تناحر ورفع السلاح بوجه الإخوة يجب إن يحرم ويمنع لان الاقتتال الداخلي لن ولن يخدم قضية تحرير الوطن؛ وما حدث خلال المراحل السابقة من الاقتتال الداخلي في (غزة) كان له تداعيات خطيرة ليس على المستوى الوطني فحسب بل على المستوى العربي والدولي؛ لان العدو الإسرائيلي اتخذ منه ذريعة لإطالة عمر الاحتلال وفرض هيمنته على الأرض المغتصبة، لذلك يجب عدم الانجرار واللجوء إلى استخدام السلاح داخليا بين الإخوة مهما كانت الظروف والعقد والمشاكل والخلافات؛ والعمل على وأد الفتنة وتفويت الفرصة على الأعداء والمتربصين بالقضية الفلسطينية؛ ويجب الشروع في وضع إستراتيجية وبرامج سياسية توحد المواقف برؤية وطنية بين جميع الفصائل؛ لان تطلعات جميع الفصائل الفلسطينية هي بالأساس موحدة ضمن (منظمة التحرير الفلسطينية) التي تأسست منذ عام 1964 وهم تحت لوائها تحملوا وقدموا تضحيات جسيمة وقاتلوا العدو الإسرائيلي في أحلك الظروف وحققوا انتصارات بما تمكنت (منظمة التحرير الفلسطينية) فرض هيمنتها على مجريات الإحداث والقرارات الدولية لصالح الفلسطينيين؛ لدرجة التي فرضت وجودها كسلطة للشعب الفلسطيني لتعترف بها اغلب دول العربية والغربية ومنظمات وهيئات الدولية باعتبارها الممثل الشرعي للفلسطينيين؛ والتي نجحت في بناء المؤسسات الفلسطينية وخاصة المجلس التشريعي والقضائي والتنفيذي والبلديات لكي يستطيع الشعب من خلال ممثليه اتخاذ خياراته وقراراته الوطنية؛ رغم أن الحركة بحاجة للمزيد من الإصلاحات على كل المستويات وبما تواكب الإحداث والتطورات والتغيرات الدولية، لاستعادة دورها القائد، ولهذا فان كل الفصائل المنضمين إلى المنظمة يجب استثمار أنشطتهم في دعم مسيرتها والعمل على تقريب وجهات النظر للذين يعملون خارج أيطار المنظمة من اجل تحقيق حلم أبناء الأمة في التضامن والوحدة الوطنية وفي إقامة الدولة الفلسطينية الحرة وعاصمتها القدس؛ طالما الجميع يتحرك نحو هذا الهدف .

فالشعب الفلسطيني والعربي وحتى الدولي يقف وراء (منظمة التحرير الفلسطينية) التي تواصل بشتى وسائل المقاومة وتستمع وتحاور وتناور وتتحدى كل ما يعيق قيامة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ دون الرضوخ لشروط الدول الامبريالية والكيان الصهيوني الذين يحاولوا بشتى أساليبهم القذرة تهميش دور المنظمة عبر خلق أزمات داخلية فلسطينية – فلسطينية وبخلق جبهات وهمية من الممانعة والمهادنة لتضعيف إدارتها في تحرير فلسطين، لان أي انقسام وتشتت المواقف والرؤى بين الفصائل الفلسطينية هو لا محال يخدم المصالح الإسرائيلية من جهة ومن جهة أخرى يضعف الإرادة الفلسطينية وهويتها الجامعة ويضعف تمثيلها في المحافل الدولية بل ويضعفها داخليا؛ حيث لا تستطيع المنظمة التي أصبحت إدارتها وقراراتها ضمن السلطة الفلسطينية والتي تعترف كل دول العالم بسلطتها دوليا وعربيا ردع العدوان الإسرائيلي الوحشي الذي حدث مؤخرا في (غزة) بسبب وجود فصائل لا تأمر بإمرتها داخل قطاع (غزة) نتيجة خلافات حصلت بينهما في السابق؛ ويجب تجاوز ذلك لكي لا تكون تلك الخلافات حجر عثر في طريق الأخوة والنضال والوحدة الوطنية؛ لان العدو الإسرائيلي استغل ذلك أبشع استغلال وبادر بتطويق قطاع (غزة) ليتحكم بكل مصادر الحياة فيها من الغذاء والدواء والماء والكهرباء والدخول والخروج منها؛ ليفرض عليها حصار شامل؛ ليلاقي مواطنين في (غزة) معانات لا توصف، فالعدوان الإسرائيلي الأخير الذي شن في مطلع شهر أيار الماضي 2021 على قطاع (غزة) خلف خلال إحدى عشر يوما ما يقارب عن ثلاثمائة شهيدا من بينهم سبعة وستون طفلا ومائة امرأة وجرح بحدود تسعة ألاف مواطن فلسطيني وتم تدمير عشرات العمارات والمصانع والطرقات؛ في وقت الذي فقد التحكم بإدارة عمليات المقاومة لعدم وجود قرار موحد بين (غزة) و(الضفة الغربية) التي تتواجد فيها السلطة الفلسطينية؛ وقد استغلت إسرائيل هذا الانقسام لتدمير البني التحية في (غزة) رغم مناشدات السلطة بوقف إطلاق النار؛ لعدم التكافؤ السلاح المستخدم بين الطرفيين؛ وحدث ما حدث من تدمير وخراب وإراقة دماء راح ضحيتها أبرياء لا حول لهم ولا وقوة في هذا الصراع الغير المتكافئ، بينما وقفت الإرادة الدولية والعربية تتفرج على المشهد بدم بارد دون رد فعل؛ بقدر ما تم إصدار بيانات استنكار وإدانة كان جلها على المستوى الإعلامي لا تقدم ولا تؤخر من شيء، ويعود سبب تردي مواقف الدول العربية والأصدقاء نتيجة رؤيتهم ما يحدث من صراعات داخلية فلسطينية – فلسطينية وعدم وجود قرار موحد يقف بالمرصاد ضد العدوان الإسرائيلي ويلبي مطالب الشعب الفلسطيني الذي ضاع بين قوى الفصائل الفلسطينية المتشتتة ليستغل العدو هذا الانقسام ليفعل ما يشاء من تدمير وتجريف الأراضي واستيلاء عليها وتهجير السكان على حساب المستوطنين الإسرائيليين الذين يستغلون مثل هكذا ظروف لتوسيع مستوطناتهم وفرض هيمنتهم على الأراضي الفلسطينية، كما حدث ويحدث في القدس وفي الأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى وفي بيت لحم وفي كنيسة القيامة وفي باب العامود والشيخ جراح وحي سلوان وغيرها من قرى ومدن الفلسطينية، بل ويتمادى العدو الإسرائيلي ببناء مستوطنات على الأراضي الفلسطينية وفصلها بجدار عنصري، فكل ما يفعله العدو الإسرائيلي بحق الفلسطينيين وأراضيهم وممتلكاتهم وعلى كل مفاصل دولتهم لن يزول ما لم تتوحد الإرادة الفلسطينية التي وحدها لقادرة ببناء مقاومة شعبية تدحر العدو، ولابد لكل فلسطيني شريف يحرص لتحرير فلسطين من العدو المغتصب إن يسعى إلى بناء وتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الخلاف، لان معركة المواجهة يجب إن تتم بوحدة الفصائل الفلسطينية دون تقليل من دور احد، لهذا يجب لملمة صفوف الفصائل وإجماعها تحت قيادة موحدة لهدف تحرير فلسطين، لان ليس أمام الفلسطينيين خيار أخر لتحقيق هذا الهدف سواه؛ لأنها حقيقة تاريخية أثبتتها تجارب الشعوب الحرة، لان لا حرية ولا انتصار دون الوحدة الوطنية التي هي مسؤولية الجميع؛ ويجب توظيف كل طاقات الشعب في هذا الاتجاه لحين إن يتم تحقيق الوحدة الوطنية وتوحيد كلمة الشعب تحت لواء (منظمة التحرير الفلسطينية) لتبقى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والتي هدفها هو التحرير والاستقلال وهو هدف الجميع .