الوحدة الوطنيّة والاتحاد بين المكونات والطوائف في اي مجتمع هي التي يقوم عليها البناء الوطني السليم وبالتالي تشكل هدف التنمية السياسية وغايتها الأولى،والوطن ينقسم الى الفردُ والمجتمعُ وهما عنصران مُترابطان لا ينفكّ بعضهما عن الآخر؛ فكما أنّ المُجتمعَ بلا أفرادٍ مُجتمعٌ ذاوٍ مُتهدّم، فإنّ الأفرادَ كذلك بنيانُهم متصدّعٌ بلا مُجتمع يجمعهم و يد الله دوماً مع الجماعة، لانه هو عليم بحالهم ونياتهم والفئة الغالبة هي الفئة التي تتوحّد في كل شيء، خلق الله عز وجل الانسان وجعله مجبولا على ان يعيش في جماعة بعيدا عن الفردية لما تقتضيه طبيعته البشرية، ومنذ فجر التاريخ عرف الانسان تكوين المجتمعات التي تقوم على العيش الجماعي المترابط وتنوع المصالح بين افراد المجتمع ما يجعل كل واحد فيهم في حاجة الى الآخرين:
سوره مبارکه آل عمران آیه ۱۰۳”وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا ۚ وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلىٰ شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها ۗ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ ” فمن ثمرات الاتحاد أنه يقرب القلوب من بعضها البعض، وينهض بالمجتمع ويوصله لدرب الاتفاق والتوافق، ويجعله متماسكاً أكثر، ليس فيه من يطغى برأيه أو سلطته على الآخر، فالجميع فيه متّحدون على الرأي نفسه، والكلمة نفسها، يضربون بيدٍ واحدةٍ، وينبذون التفرقة، التي ليس لها إلا دربٌ واحد، هو درب النزاع والفشل.
لذلك تحظى بأولوية على ما عداها من أهداف وغايات، كالهوية والمشاركة لصيانة الشعب الواحد ووقوف ابنااءه جنباً إلى جنب كي يمنحهم قّوة كبيرة تمكنهم من صد أي عدوان خارجي أو داخلي متمرّد أو متطرّف وحماية أنفسهم وأوطانهم من شرور الآخرين، حيث لا يستطيع أن يقف فرد واحد في وجه جماعة ولكن من شأن مجموعة أن تقف أمام مجموعة أخرى وتسيطر عليها من خلال الوحدة.التي هي أحد أبرز وأحد أهم دعائمه ومقوّماته التي تجمع وتربط بين أبناء الوطن الواحد، وتقوم بشكل أساسي على حبّهم للوطن وانتمائهم له ودفاعهم عنه ضدّ أيّ قوّة خارجيّة تحاول الاساءة او التجاوز أو السيطرة عليه بأيّ شكل من الأشكال، كما وتوحّدهم على نفس المبادىء والعادات والتقاليد ضمن المساحة التي يعيشون فوقها من الأرض، وأينما تحلّ الوحدة الوطنيّة تختفي كافّة الشرور، والخلافات، والأحقاد، والعنف، والعنصرية، وتسود أجواء المحبة، والتسامح، والتكاتف، والتآخي، والتعايش. لان أي مساس بالوحدة الوطنية من شأنه تقويض السلم الأهلي وبالتالي تراجع عملية التنمية السياسية فيها، بما يترتب عليه من تهديد لوجود الدولة وبقائها، وعليه فإن الوحدة تشكل بحق أهم الثوابت الوطنية وأكثرها إلحاحا وحيوية.الوحدة الوطنية تبنى بثلاثة اضلاع :
ا- علاقات التماسك والترابط .
ب- مشاعر الانتماء والولاء للوطن .
ج- مشاركة مختلف القوى في التنمية والبناء تشكل في الواقع مقومات الدولة الحديثة وبقائها .
وطبعاَ من اجل ديمومة الوحدة الوطنية يحتاج الى ميثاق العمل الوطني بين مكوناته لضرورة صيانة البلاد ورفع شأن الدولة والحفاظ على الوحدة الوطنية كأولويات وأهداف مركزية تشكل المقومات الأساسية للمجتمع والدولة. كما يؤكد على القيم الرفيعة التي تتمسك بها الدولة حكومةً وشعباً، والتي تدور حول العدل والمساواة وسيادة القانون والحرية والأمن والطمأنينة والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وكذلك قيم التراحم والمودة والتكافل والتعاون، والمساواة لزرع الأمن والطمأنينة والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وكذلك قيم التراحم والمودة والتكافل والتعاون والتواصل بين الحاكم وأفراد الشعب. و على الأهمية المركزية لمجموعة القيم التي تضمن تماسك المجتمع وترفع به إلى الأمام وتعمل على رقيه، والتي بدونها لا يمكن لأي مجتمع يستقرأو ينجح في بناء حضارة متميزة، على مدى القرون القادمة . تبقى السلبيات جزءاً من نسيج البشر تعالج بحبكة مدروسة، فلا يبالغ في حجمه ولا يُعمِّم أثره ولا يعرض بطريقة اليائس ولا ينحو منحى الساخر المتهكِّم، يوجز فيه بالوصف ويفصل بالحل وتعرض تجارب حية لعلاج السلبيات، وكذلك يستطيع الإعلام استثمار نجاحات الأمة وتوظيفها بشكلٍ سليم عندما يُسهِم في مناقلة التجارب الناجحة بين شعوبها وتوظيفها على اساس الشعور بالمسؤولية ، بل يستفيد من ذلك في حشد الشعب والامة للوحدة ليستفيد الجميع من هذا النجاح وان المواطن الذي يعيش في وطن كريم يضرب به المثل في التطور الحضاري وفي القيام بالمسؤوليات الإسلامية وفي التعامل مع دول العالم بالصدق والاحترام المتبادل والعمل على كل ما يعود على البشرية بالخير والتقدم والفلاح.