8 أبريل، 2024 9:00 م
Search
Close this search box.

الوحدة الاندماجية بين العراق وايران

Facebook
Twitter
LinkedIn

قضيت صيف العام الماضي متنقلا بين العراق وايران ، في ايران كنت متنقلا يوميا علي خط مترو تجريش كهريزك ، في تجريش مجموعة سعادة اباد اي قصر الشاه محمد رضا بهلوي وفي كهريزك على الطرف الثاني من مدينة طهران قبر الامام الخميني ومقبرة بهشتي زهراء ، كنت افترش قطعة كارتون متمددا تحت شجرة في سفوح سلسلة جبال البرز او سهل كهريزك ، كان العراقيون يتدفقون بالملايين الى مختلف المدن الايرانية ، قم، طهران، اصفهان ،مشهد ،المحافظات الشمالية على بحر الخزر ، وكان الايرانيون يتدفقون بالملايين الى المدن العراقية المقدسة ، كربلاء ، النجف، الكاظمية ، سامراء ، وكل مدينة فيها ضريح ديني صغر او كبر.
ياتي العراقيون حجاجا دينيين وسواحا مدنيين وتجارا ويذهب الايرانيون حجاجا وتجارا وابعد من ذلك بكثير كثير.
من السهل رؤية زوال الحدود الدولية الرسمية بين البلدين كما من السهل سماع اللغة الجديدة التي اشتقها الطرفان من العربية والفارسية التي يمكن تسميتها باللغة (العيرانية) لكسر حاجز اللغة بينهما وبالفعل يمكن القول ان حاجز اللغة قد سقط بين العراق وايران والان الطرفان يفهمان بعضهما جيدا دون الحاجة الى مترجم.
العراق هو السوق الرئيسية للاقتصاد الايراني والسلعة الايرانية المنتجة في مدينة ايرانية قد تواجه المشاكل في دخول بازار طهران لكنها لاتواجه اية مشاكل في دخول السوق العراقية.
لمن له عين فاحصة يجد ان الشورجة في بغداد هي نسخة من البازار في طهران وتجارة التجزئة في العراق هي نسخة من تجارة التجزئة في ايران السبب يعود بالاساس الى ان التجارة العراقية بنيت على يد الايرانيين الذين رحلوا لاحقا ليكونوا تجارا عراقيين في ايران ومن ثم يعودوا اليوم كتجار ايرانيين في العراق.
النظام الديني نفسه ، حوزة اي مدرسة دينية، مجتهد، مرجع تقليد ، والمعروف ان المرجع في العراق لابد ان يكون من اصول ايرانية وغالبا مايقلد العراقيون مراجع ايران بينما قلة من الايرانيين يقلدون مراجع النجف.
اذا كان الابن الذي حول الايرانيون ضريحه الى ايقونة لامثيل لها في العمارة ويعتبرونه لبة عقيدتهم وثقافتهم وهو الامام علي بن موسى الرضا في ايران فان الاب موسى بن جعفر في العراق، واذا كان الايرانيون يعتبرون الابن وهو الامام المهدي مخلصهم ومنقذهم وصلب عقيدة نظامهم السياسي حتى كانهم اختصوا به واختص بهم فان الاب وهو الامام الحسن العسكري موجودا في العراق.
لايوجد بلدان في يومنا يملكان مشتركات تؤهلهما لوحدة اندماجية ذوبانية مثل العراق وايران ومع استمرار جيوب مقاومة لفظية تحاول تصوير الواقع بشكل مختلف الا ان الواقع الحقيقي هو اننا امام وحدة ستعلن نفسها عمليا دون الحاجة لبيانات رسمية.
هناك جهات فقدت تاثيرها فعليا داخل العراق وبقي هذا التاثير مستمرا بحدود التوهم، واخر من لهم تاثير حقيقي في العراق هم الاميركيون ثم ياتي بعدهم العرب السنة والتحق بهم الاكراد ورافقتهم الاحزاب الدينية التي قرات حركة التاريخ خطأ واعلنت التحول من العمل المسلح الى العمل السياسي متماشية مع الاعتقاد بان العراق قد اصبح اميركيا.
الان هناك هجرة معاكسة في التحول من السياسي الى العسكري والكلمة الفصل والقوة الحقيقية تؤشر باتجاه الحاجة لفهم العراقيين لوضعهم ووضع بلدهم وعدم معاكسة الواقع فالغرب يريد للشيعة ان يحكموا الشرق وقد تخلى الغرب فعليا عن الانظمة العربية السنية او اطاح بها والمستقبل لايران كدولة عظمى في المنطقة وهو ماسنفرد له المقال القادم ( لماذا يريد الغرب ان يحكم الشيعة الشرق).
العراق كان عاصمة المملكة الفارسية التي حكمت نصف العالم القديم وكان العراق تحت حكمها بلدا عظيما متطورا في الزراعة والصناعة والادارة والموجود من العراق اليوم هو العراق الفارسي الايراني من مدينة الانبار التي تعني مخزن باللغة الفارسية الى الفلوجة المشتقة من كلمة فالوذج الحلوى الايرانية اللذيذة الباردة الى الرستمية وبغداد والمدائن.
اذا مشى العراقيون خلف خامنئي سيجدون انفسهم يصلون في مسجد خلف سيد عربي هاشمي وان مشوا خلف رئيس اميركي سيجدون انفسهم في خمارة وبكل الاحوال فان ايران هي الحاكمة الفعلية في العراق فلماذا لاتقوم وحدة اندماجية بين البلدين؟ ومواقفهما قد توحدت في السياسة الخارجية ايضا وهذا امر فصل فيه غيرنا.
اثبتت احداث سورية ان الايرانيين لايتخلون عن حلفاؤهم حد الموت فيما التجربة في العلاقات الدولية ان الغرب تخلى عن شاه ايران ويتخلى اليوم عن شاه السعودية التي سيكون شعبها بحدود سنوات قريبة شياها تتيه في الصحراء تنهشها الذئاب السوداء التي ربتها السعودية بنفسها.
اعرف نفسك وليس عيبا ان تتحد مع ايران بل العيب ان تحاربها او تقاوم العلاقة معها وهي قدرك الجغرافي والديني.
كأني ارى احداث المستقبل من وراء حجاب خفيف مكتوبا على حائط مسجد ابو حنيفة ابو حنيفة النعمان يعانق اهله في ايران وعلى مسجد حائط عبد القادر الكيلاني مكتوب ابن كيلان يرحب باهله من ايران.
ان معاهدة الحديد التي كانت اساس الوحدة الاوربية ليست باقوى من الروابط الموجودة بين العراق وايران انما هو مقدار كيف تفهم الناس انفسها وتتصرف بواقعية.
ارى حكم ولاية الفقيه اصلح للعراق فهو بلد ديني لاتناسبه الديموقراطية ولن تستمر فيه .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب