حين اندلعت الحرب في سوريا اصطف معسكران متقابلان احدهما يريد اسقاط النظام القائم و قيام حكم بديل و كان الدعم المادي و الأعلامي و المعنوي لهذا المعسكر من قبل أمريكا و اوربا و دول الخليج العربي كبيرآ و مهمآ و كانت قوات هذا الفريق في تقدم سريع بأتجاه العاصمة السورية ( دمشق ) حيث مقر الحكومة و أركانها و في المقابل كانت هناك جهات مساندة للحكم السوري و كان الدعم المقدم لهذا الحكم كبيرآ ايضآ و مهم و كان على رأس المساندين للحكومة السورية في تلك الحرب روسيا و ايران و بعض الفصائل و الأحزاب المؤيدة للحكم السوري و فيما عدا الدور العسكري الروسي الحاسم في المعركة كان هناك الخبراء العسكريين الأيرانيين فقط ( حسب قول المسؤولين الأيرانيين ) و الذين كان لهم الدور البارز في حماية نظام الحكم السوري و منع أنهياره .
في خضم تلك الحرب الضروس لم تكن ( أسرائيل ) تلاحق القوات الأيرانية المتواجدة في سوريا على النحو الذي تلا تلك الحرب اذا اعتبرنا ان الحرب في سوريا اوشكت على النهاية و لم تعد المعارضة السورية بشقيها المعتدل و المتطرف تشكل أي خطر جدي يهدد وجود الحكومة السورية فأن الملاحظ ان الهجمات الأسرائيلية على المواقع العسكرية الأيرانية ( حسب الأدعاء الأسرائيلي ) قد ازدادت وتيرتها و بشكل كبير عما كانت عليه قبل فتور جمرة الحرب و خفوت جذوتها حيث كانت القوات الأيرانية او ( الخبراء ) العسكريين منهمكين و منشغلين في درء الخطر المحدق الذي شكلته فصائل المعارضة السورية المسلحة و صد هجومها و ايقاف تقدمها نحو العاصمة .
كل المؤشرات و البيانات تؤكد ان النزاع السوري قد انتهى او هو في الطريق الى النهاية و ان قوات الحكومة السورية و القوات الحليفة معها من الروس و الأيرانيين و الفصائل المتحالفة معها قد انتصرت في هذه الحرب و ان الهزيمة المنكرة قد حاقت بفصائل المعارضة السورية المسلحة و بالتالي فأن الهزيمة قد الحقت كذلك بالدول التي ساندت تلك الفصائل و اذا كانت ( روسيا ) الدولة العظمى و التي يحق للدول الكبرى مالا يحق لغيرها من منطلق القوة و الغطرسة فأن لها الشرعية في امتلاك قواعد و قوات عسكرية في سوريا و وجودها هناك له مبرر شرعي و معتبر حكومي و من هنا لا يمكن المقارنة بين الوجود العسكري الروسي و الوجود العسكري الأيراني .
اذا كان الحال كذلك و ان الحرب السورية اوشكت ان تضع أوزارها فأن الوجود العسكري الأيراني لم يعد مهمآ او ضروريآ في استمرار وجود الحكم السوري و ديمومته و قد يكون وجوده على العكس من ذلك يهدد و يضعف من قوة و تماسك الحكومة السورية القائمة و هي تتلقى الضربات الأسرائيلية المتلاحقة و التي تطال حسب الأدعاءآت الأسرائيلية القوات و القواعد العسكرية الأيرانية لكن تلك الضربات تطال الأراضي السورية و تنال من السيادة السورية و لم يكن بأستطاعة القوات الأيرانية الرد على العنجهية الأسرائيلية و الصلف العدواني المتزايد ذلك سوى تلك البيانات الأعلامية الباهتة و التي لا قيمة تذكر و لا اهمية لها .
من تبريرات العدوان الأسرائيلي المستمر على السيادة السورية هو التهديد الأيراني القريب من الحدود الأسرائيلية و المتمثل في القوات الأيرانية المتواجدة في سوريا و التي و كما اسلفنا قد جاءت الى سوريا بناءآ على طلب من الحكومة السورية في المساعدة على دحر الفصائل المعارضة المسلحة و قد اتمت مهمتها تلك و لم يبق لها ما تقوم به و ان عليها الأنسحاب و ترك الأراضي السورية و ان كان هذا الأمر يتطلب موافقة الطرفين الأول السوري و الثاني الأيراني الا ان بأستطاعة الجانب الأيراني رفع الحرج و سحب قواته و اعادتها الى الوطن ان لم تكن من حاجة لبقائها هناك .
طالما لم يكن بمقدور القوات الأيرانية في سوريا الرد على الأعتداءآت الأسرائيلية المتكررة على مواقعها و لم يكن بأمكانها الحد من الغطرسة الأسرائيلية عبرالتصدي العسكري لها و اذا كان وجود هذه القوات يسبب ضررآ اكبر من الفائدة الذي يجلبه ذلك التواجد و اذا كانت الأوضاع العسكرية قد استتبت و ان كان بشكل ليس بالكامل تمامآ و ان قوات الحكومة السورية قادرة الآن على بسط الأمن و مسك زمام الأمور بقوة على كامل الأراضي السورية عدا تلك التي في حوزة ( جبهة النصرة ) في اقصى الشمال السوري فأن سحب ورقة التواجد العسكري الأيراني في سوريا و انتزاعها من ايدي المسؤولين الأسرائيليين التواقين للحروب و العدوان اصبح ضروريآ و ملحآ اكثر من أي وقت مضى و لم تعد هناك من دواع تستوجب وجود و حضور القوات الأيرانية الا اذا كانت هناك دوافع خفية و نوايا سرية و اجندات مموهة لا يعلم بها الا المسؤولين الأيرانيين وراء هذا الأصرار الشديد و التشبث العنيد بالبقاء في سوريا رغم كل المطالبات الملحة بالخروج و الرحيل و العودة الى الديار .