6 أبريل، 2024 8:30 م
Search
Close this search box.

الوجه الحقيقي للاسلام السياسي

Facebook
Twitter
LinkedIn

لعل من اهم اسباب فشل الاسلام السياسي هو عدم تكيفه مع الواقع الحضاري والتكنولوجي الذي يعيشه عالم اليوم وبقيت ممارساته السياسية على وفق النظريات الجامدة للتراث الديني المتخلف خوفا من اتهامه بالخروج عن ثوابت الفقه الاسلامي . ولذلك نجد ان هناك من يتحدث عن الاسلام المعتدل ، اي تطوير الفكر السياسي الاسلامي ليواكب الاسس الحضارية والتكنلوجية للدولة المعاصرة . وبالمقابل هناك من يدعي ان الاسلام واحد ، وليس هناك اسلام معتدل . ويبدو لاول وهلة ان هذا الراي مجانب للصواب ولكن الحقيقة ان الاسلام السياسي هو اسلام الواحد رغم الاختلاف الضاهري بينهم . اما الاسلام كدين وموقف شخصي فان هناك اسلام معتدل واسلام متشدد ولذلك نجد اشخاص متطرفين او سلفية . في حين ان هناك مسلمين منفتحين على كل الاديان والافكار ومستندين الى العقيدة السمحاء . وهذه الاتجاهات ليست وليدة اليوم . . فقد شهدنا عبر التاريخ حركات متشددة مثل الخوارج واطروحات ابن تيمية وهناك نظريات تعتمد على الانفتاح على الحضارات والفلسفات العالمية . وهي حركات تستند على الحوار والعقل مثل المعتزلة

ومن هذا المنطلق فان الاسلام السياسي لكل المذاهب يعتمد على الاسس الجامدة والتراث المتزمت على مر التاريخ . وهو يعتقد بان النجاح الذي حققته الدولة الاموية او العباسية او الفاطمية يمكن تكراره بنفس المنهج والاطر الفكرية ويغيب عنهم ان النظريات الحديثة في بناء الدولة تختلف جوهريا عما كان سائدا آنذاك . وهم يحاولون ايجاد الحلول للمشاكل العصرية من اطروحات الماضي ومن الفقهاء المتزمتين . وهم في هذا النهج لايختلف احدهم عن الاخر سوى بالتمظهر وفي الاطروحات الشكلية وهم يعتقدون جميعهم بان الديموقراطية مثلا هي اسلوب للصعود الى السلطة والاستحواذ عليها ، لانهم لايؤمنون بالتداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع . وهم لايؤمنون كذلك بسلطة المجتمع المدني ولا بالنقد والنقد الذاتي بل يعتبرون كل هذه الوسائل من الانماط الاوروبية المسيحية المنافية للاسلام

اذا نظرت الى الاسلام السياسي في العراق وتركيا اوايران والسعودية وغيرها من الانظمة الاسلامية او شبه الاسلامية تجدها من حيث الاسس والمنطلقات النظرية لاتختلف عن الاسس التي تبناها داعش او ماسمي بالدولة الاسلامية في العراق والشام . ولكنها تختلف في اسلوب التطبيق ، حيث ان هذه الانظمة تتدرج في التنفيذ . بعكس داعش الذي طبق الاسلوب الاسلاموي المبني على التراث الفقهي المتحجر والمتخلف الذي تمسك بالظواهر والشكليات ، واهمل المقاصد الروحية والاخلاقية التي نادى بها الاسلام . وكذلك حال الانظمة المستندة على الاسلام السياسي . فهذه الانظمة الاسلامية لاتعترف بالحدود الوطنية للدول . وقد قال احد قيادي الاخوان المسلمين ابان حكم مرسي في مصر اننا نفضل حاكم اندنوسي على الحاكم القبطي المصري لحكم مصر . وكذلك ولاية الفقيه في ايران تعتبر المرشد الاسلامي في ايران هو الولي الفقيه لكل المسلمين بغض النظر عن مذاهبهم او اوطانهم في عموم العالم الاسلامي . ولذلك تحاول تصدير الثورة الاسلامية الايرانية الى كل الدول الاسلامية ابتداء من العراق وسوريا ولبنان واليمن والخليج الى ماليزيا وافريقيا . وكذلك نظام الحكم الاسلامي في تركيا حيث لايعترف باي حقوق قومية داخل وخارج تركيا ويتدخل بكل الطرق بما فيها العسكرية في العراق وفي سوريا . ويحاول تطبيق النموذج الاسلامي التركي على الدول المحيطة به وخصوصا في سوريا حيث تم استغلال تمرد الشعب السوري وصبغوه بالصبغة الاسلاموية

ان المرحلة الاولى لكل توجه اسلاموي سياسي هو الوصول الى السلطة باي طريقة كانت . ثم بعد ذلك يعدلون الدستور ليضمنوا بقاءهم في السلطة الى اجل غير مسمى . ويتسترون تحت مفاهيم ديمقراطية شكلية حتى يظهرون بمظهر مدني متحضر وينفون عنهم التسلط الاوتوقراطي المتفرد في الحكم . وفي مرحلة لاحقة يؤكدون على حماية المرأة وحرصهم الشكلي عليها من خلال الحجاب ثم النقاب ثم ملازمة البيت لرعاية الاسرة . . اما الرجل فمن واجبه العمل لتوفير لقمة الخبز لزوجته واولاده . . ثم يصدرون قوانين الاحوال الشخصية لتثبيت النظام الاجتماعي الذي هو امتداد لتكريس السلطة السياسية والاستبداد . ونرى في تركيا محاولات عديدة لتعديل قوانين الاحوال الشخصية ومنها على سبيل المثال زواج المغتصب للمرأة التي اغتصبها كمرحلة اولى لقوانين اجتماعية حازمة . وكذلك في العراق جرت محاولات عديدة لاصدار قانون يجيز الزواج من القاصرات بحجة تطبيق الشريعة الاسلامية . وفسح المجال لتطبيق قوانين شرعية لكل طائفة على حدة ، في محاولة لشق المجتمع وقتل روح المواطنة والوطن .وهم في كل ذلك لايختلفون عن الدواعش في اغتصاب القاصرات تحت مسمى الجواري او السبايا والعمل على الحط من مكانة المرأة ، واعتبارها مجرد جسد لتوفير الجنس للرجل . وبعدها ياتي تقييد المجتمع بحجة المحافضة على الآداب الاسلامية من خلال غلق النوادي والمنظمات الاجتماعية . ثم تحريم الموسيقى والغناء . ومن ثم كل اشكال الفنون التشكيلية او المسرحية . على اعتبارها انها من وساوس الشيطان وفيها مفسدة وشرك . ثم يصدرون قوانين لتكميم الافواه عن طريق تكفير كل من يتعرض للحاكم الذي يمثل ظل الله في الارض وحسب الاجتهادات التي ما انزل الله بها من سلطان ، وتحريم الخروج على الحاكم الذي تم انتخابه بالديموقراطية المزورة او المشوهة او بالمبايعة الشكلية من العائلة او من الجوق المصاحب للحاكم او الملك
وفي كل الاحوال ينكرون الاخر المختلف عنهم وبكفرونه لتسهل محاسبته وتصفيته بشتى الوسائل والسبل . سواء عن طريق الذبح كما يفعل الدواعش او قطع الرأس بالسيف او تنفيذ احكام الاعدام التي تتجاوز الحدود الطبيعية في العالم . او هدر دمه كما فعلوا مع كثير من الكتاب والفنانين والشعراء
فهل بعد كل هذا تعتقدون بان الاسلام السياسي يختلف عن الدواعش . انها عبارات استهجان شكلية هذه التي يوصمون بها الدواعش ليبعدوا عنهم هذه التهم والجرائم التي يقترفونها بحق الانسانية تحت لافتة الاسلام السياسي او تطبيق مبادئ الشريعة التي وضعوا اسسها هم واشباههم على مر التاريخ بحجة المحافضة على بيضة الاسلام . ولم نجن منها سوى الخيبة والتخلف والانحطاط في كل مرافق الحياة الاجتماعية و الصناعية او العلمية . ناهيك عن الفنون والابداع الانساني المتحضر . واذا مااعترض احدهم فانهم يوصموه بالتبعية للحضارة الغربية او المسيحية الاوروبية . او يتهموه بالحداثة التي لايعرف عنها شيئا . وكانهم رواد الحداثة والحضارة . انهم يعانون من انفصام الشخصية حتى اولئك الذين يدعون الثقافة والتمدن في الظاهر وهم يمارسون اسوأ العادات وابشع الاعمال في الباطن
لقد اختزلوا الاسلام بالسياسة . . فاضاعوا الاسلام والسياسة

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب