23 ديسمبر، 2024 1:31 م

الوجه الآخر لﻻرهاب

الوجه الآخر لﻻرهاب

للإرهاب اشكال وانواع متعددة يختلف في وسائله الاجرامية والتدميرية من شكل الى اخر ولكن تأثيره المدمر يكاد يكون متشابها في نتائجه على الهيكلية البنيوية للمجتمعات. والفساد الاداري والمالي احد هذه الاشكال الارهابية والذي يعتبر من الآفات المتناهية الخطورة  والتي تصيب المجتمعات والافراد دون استثناء وتمتد جذورها اعماق التاريخ واليوم تأخذ ابعادا واسعة تشمل انحاء العالم ولكن بدرجات مختلفة.

كلمة الفساد بصورة عامة هو سوء استعمال السلطة والوظيفة العامة للكسب الخاص بصورة مباشرة كالابتزاز والرشوة ونهب المال العام وسرقة اموال الدولة , او قد يكون بطريقة غير مباشرة عن طريق تعيين الاقارب والمعارف وتمييزهم عن الباقين ضمن المحسوبية او المنسوبية.

وقد برز دور الفساد مؤخرا بعد انتهاء الحكم السابق وانهيار المؤسسات الحكومية الرصينة وظهور المؤسسات البديلة والتي افتقرت الى العناصر المهنية المتميزة والى المعالجات العلمية, فأصبحت كل دوائر الدولة ساحات صراع تعددي وتحزبي تمكن من شق الصف الوطني حتى باتت كل مؤسسة مرتعا ومستوطنا صغيرا لمافيا معينة  تتمحور حول اهداف المحاصة الطائفية  و دعم بقائها والحفاظ على مطالبها الشخصية عن طريق الكسب اللا مشروع  تحت رعاية عناصر مسؤولة ومشوبة بالفساد السياسي الداعم للنشاطات الارهابية بغض النظر عن المسؤوليات المعهودة لها والتي من شانها تفعيل دور تلك المؤسسات بالشكل الذي يضمن انتاجية البلد وازدهاره اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.

فلا توجد دائرة رسمية او غير رسمية او اي قطاع خاص او عام يخلو من هذه الافة ولكن الذي نراه ان الجهات التي تتبنى مكافحة الارهاب ولجان النزاهة تكاد تشك في قدراتها على مكافحة هذه المشكلة الخطيرة فترمي بمسؤوليتها على عاتق السلطات الحكومية والمسؤولين في الدولة.

ونحن لا ننكر دور الحكومة الحالية تجاه مكافحة  الفساد ومحاولتها السيطرة على كل الخروقات الداخلية والخارجية عن طريق تشكيل وتوجيه ومتابعة لجان متخصصة للرقابة الداخلية للمؤسسات الحكومية وتكثيف الجهود وتوحيدها بعيدا عن التوجهات والضغوطات السياسية والطائفية، وربما يشاطرها مجلس النواب بنسخته الحالية على ذلك، وﻻننا لم نعهد من الحكومات السابقة ومجلس النواب بدوراته المنصرمة اي نوع من التنسيق لمكافحة هذه اﻻفة فهذا ﻻ يعطينا الحق بان ننكر وجود بوادر تعاون بين هاتين السلطتين والذي نتمنى ان يثمر بتحييد هذه الظاهرةالخطرة ولو قليﻻ..

ولنا بان لا ننسى دور الاعلام الفاعل والمهم في القضاء على آفة الفساد المالي والاداري عن طريق البث و والتوعية  النزيهة بين افراد المجتمع بتنظيم حلقات دراسية ومحاضرات نوعية وتنموية من شانها رفع روح العمل الشريف ونشر القيم والاخلاق المهنية والوظيفية بالشكل الذي يحث عليه الدين الاسلامي وما تمليه الانسانية على تطبيقه واتباع منهجيته، آملين ان ياخذ اعﻻمنا دوره الحقيقي بهذا اﻻتجاه.

ولان الضمير هو المصدر المحرك لكل الافعال البشرية في اي مجتمع , فان موته (ﻻ سامح الله)من الاسباب الاولية في تفشي هذا الوباء الذي استفحل بشكل وحشي ومدمر . لذا وجب ايعاز هذه الضمائر بوخزات متوالية تعيد النبض فيها عن طريق المتابعة والتوجيه المستمرين واتباع الوسائل الفعالة للحد من هذه الظاهرة التي اصبحت تشكل خطرا يفوق خطر الارهاب بكل تفاصيله التدميرية.