9 أبريل، 2024 3:03 ص
Search
Close this search box.

الوثيقة – الكتاب …. الإعدام – الصفح !

Facebook
Twitter
LinkedIn

في سويسرا حين تلحظ كاميرات المراقبة او حين يشاهدون الشرطة لصّاً او شخصاً ما يسرق كتاباً من مكتبة , فلا يتخذون ايّ اجراءٍ ضدّه , ولا يشعروه أنه تحت انظارهم .! , وما يكمن وراء ذلك فهو الدراية المسبقة بأنّ السارق سوف يبيع ذلك الكتاب بسعرٍ أقلّ من ثمنه كي يستفيد مادياً , ومنْ ثَمّ أنّ هذا الكتاب المسروق سوف يقبلون على شرائه أناسٌ وربما بوقتٍ قياسي , ليس بسبب سعره المنخفض فحسب بل للتزوّد بالمعرفة , وهكذا تساعد السلطات السويسرية على نشر الثقافة بين مواطنيها من كلّ زاوية !

في العراق , ووفقاً لقانون العقوبات البغدادي السابق , فأنّ الذي يسرق وثيقةً تأريخيةً من مراكز الدولة فأنّ عقوبته الأعدام او شنقاً حتى الموت , لأنه يسرق تأريخ شعبِ وأمّة , رغم أنّ عقوبة الأعدام بشكلٍ عام جرى تخفيضها الى ادنى مستوياتها وفقاً لتعليمات او اوامر المدعو بول بريمر , وأنّ مستخدمي وبائعي الحشيشة غير مشمولين بالعقوبة .

ما دفعنا للتطرّق حول < الكتاب والوثيقة > هو احدى دوائر ” وزارة الثقافة والسياحة والآثار ” والتي تدعى بِ < دار الكتب والوثائق > , وبالرغم من أنّ أسم هذه الدائرة يقلل من قيمتها ومستواها الثقافي والأداري , ففي الواقع أنّ هذه الدائرة كانت منقسمة الى دائرتين مستقلتين وتتبع الى وزارة الإعلام السابقة وثم جرى الحاقها بوزارة الثقافة قبل الأحتلال , وكانت الأولى بأسم ” المكتبة الوطنية ” وهي التسمية المستخدمة في كلّ او معظم دول العالم , بينما كانت الدائرة الثانية بأسم ” المركز الوطني للوثائق ” وهي تسمية تليق بمهمتها , بيدَ أنّ فترة الحصار ارغمت الحكومة السابقة على دمج تلكما الدائرتين وبأسم ” دار الكتب والوثائق ” لأسبابٍ ماليةٍ بحتة تتعلّق بالميزانية المالية لكلّ دائرة . . وبالرغم أنّ الكثير من الوثائق التأريخية المهمة والسرية والتي لا تقدّر بثمن قد جرت سرقتها في الأيام الأوائل للأحتلال عبر مافيات وعملاء وضباط مخابرات من اسرائيل ودول اخرى , ومساعدة او حماية من القوات الأمريكية , وكذلك الأمر بالنسبة الى الكتب النادرة والقديمة المحفوظة في تلك الدار ’ لكنّ السنوات الماضية شهدت تطورا ما في ادخال الرقمنة والتبويب الألكتروني للكتب والبطاقات الخاصة بذلك .. ومن المثير السخرية أنّ الحكومات المتعاقبة بعد الأحتلال ووزراءها الذين يجهلون الواقع الأداري والثقافي في العراق ” بسبب مكوثهم الطويل في دولاً اخرى ” فلم يترآى لأحدهم إعادة ” دار الكتب والوثائق ” الى سابق عهدها قبل الحصار , ولم يدرك أيا منهم اهمية هاتين الدائرتين وقيمتها الثقافية , فالمكتبة الوطنية في باريس يرأسها بروفيسور , بينما تقوم وزارة الثقافة بنقل الموظفين المغضوب عليهم الى هذه الدائرة .!

لكنّ الأشدّ سخريةً من هذه السخرية هو استمرارية حجب الوثائق التأريخية والرسمية عن المواطنين بأستثناء استحصال كتاب رسمي من وزارة التعليم العالي للباحثين وطلبة الدراسات العليا , علماً أنّ معظم تلك الوثائق تتعلّق بالعهد الملكي والدولة العثمانية .! , بينما كان من الأجدر عرضها عبر الصحافة ووسائل الإعلام , وتبقى مشكلة العقول هي من اولى معاناة الجهاز الأداري في الدولة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب