التوجهات المستقبلية نحو اقتصاد المعرفة تقول إن تقنية الواقع المعزز Augmented reality أو AR ستكون من أهم أدوات اقتصاد المعرفة التكنولوجية، إلى جانب تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأخرى التي تحدثنا عنها في مقالات سابقة.
ومن الصحيح أن تقنيات الواقع الافتراضي VR قد حصلت على الجانب الأكبر من الشهرة والاهتمام لكن ما تقوله المعطيات إن ما سوف يخدم اقتصاد المعرفة وسيغير الحياة الواقعية للبشر بشكل أكبر هو الواقع المعزز AR، حيث تعزز التجربة الحية أكثر من الافتراضية لتمكننا من التفاعل مع التكنولوجيا بشكل أفضل وأكثر فائدة.
هذه التقنية تملك تطبيقاتها المخصصة ولها دور بارز في مجموعة واسعة من التطبيقات، ما يعتبر مفتاحاً لتكنولوجيات المستقبل. ومما لا شك فيه فإن الواقع المعزز قد تخطى المرحلة التمهيدية المتعلقة بإسقاط الأجسام الافتراضية في البيئة الحقيقية للمستخدم ليتم الاستعانة بأجهزة أكثر تقدماً كالأجهزة القابلة للارتداء والتي توفر واجهة للتفاعل مع هذه الأجسام الافتراضية ثلاثية وثنائية الأبعاد التي ستُلائم تجربة تكنولوجيا المستقبل.
كما ظهر في مؤتمر CES 2017 عبر نظارات Vuzix الذكية وODG ونظارة مايكروسوفت Hololens صاحبة الاهتمام الأكبر، حيث تسمح بالتفاعل مع الصور الهولوجرامية من حولنا.
لنتحدث قليلاً عن تقنية الواقع المعزز وآليتها، حيث سيكون لتطبيقاتها مستقبلاً الأثر الكبير في تغيير حياتنا، وسلوكنا، لنصل لمرحلة تكييف البيئة المحيطة بنا لتسهل تفاعلنا، وعدا ذلك فاستخدام تقنية الواقع المعزز كأداة قياس تعمل على تطوير الأبحاث العلمية يأتي في صميم دورها في ازدهار اقتصاد المعرفة.
تقوم تقنية الواقع المعزز بعرض صور افتراضية وعناصر من العالم الافتراضي في عالمنا الحقيقي، ما يسمح بالبقاء في العالم الحقيقي بينما تكون متصلاً عبر الإنترنت عبر تطبيقات الواقع المعزز والخدمات الأخرى مما يعني أنه يمكن استخدام التقنية في تطبيقات العمل والمصانع عبر الاتصال بالعاملين في أدوار وأقسام مختلفة، وتوضيح بعض تقنيات العمل في صورة متفاعلة وليست في عالم افتراضي، وتسمح لهم باستخدام الحواسيب دون انشغال بهذه المهام بشكل مباشر.
وتشير الدراسات إلى رغبة وإقبال كبير من جيل الألفية بنسبة 77% لتجربة هذه التقنية ونسبة 47% للأطفال طبقاً لدراسات Dell and Intel Future Workforce. تقنية «الواقع المعزز» يمكن استخدامها أو هو ما يحدث بالفعل حالياً كأداة قياس في مشاريع كثيرة ومجالات عدة تحاكي البيئة الحقيقية، فهي تعتمد على الواقع الفعلي الذي يعيشه المستخدم مع تعزيزه ببعض المعلومات والبيانات الإضافية، وهي تعتمد على خوذة أيضاً مشابهة لتقنية الواقع الافتراضي ولكن بتصميم مختلف.
وتم توسيع دائرة استخدامات تقنية الواقع المعزز لتشمل مختلف القطاعات وتساهم الآن هذه التقنية في ازدهار الأبحاث العلمية التي يعتمد عليها اقتصاد المعرفة بشكل رئيس كأهم مورد له، خصوصاً تلك الأبحاث التي لا يمكن التعامل معها بطريقة تقليدية، وامتدت تطبيقات الواقع المعزز لتشمل مختلف قطاعات الحياة المختلفة، وفي المجال الطبي نجد أن الواقع المعزز يمكن استخدامه كأداة تدريبية وتصورية في العمليات الجراحية.
حيث يجمع المعلومات ثلاثية الأبعاد للمريض ويعرضها في البيئة الحقيقية من خلال مجسات عدة، عدا ذلك يمكن للطبيب الولوج إلى معلومات المريض بشكل متزامن مع إجرائه العملية الجراحية، وقد بدأت بعض الجامعات باستخدام نظارات الواقع المعزز كأدوات تدريبية في العمليات الجراحية، من خلال عرض مجموعة من المجسمات والمعلومات بطريقة ثلاثية الأبعاد في البيئة الحقيقة، وذلك بهدف تسهيل مهمة الجراح وإجراء العمليات بدقة أكبر.
ونجد أن تقنية الواقع المعزز قد وفرت الإمكانية لاستخدام مواد افتراضية وخلطها في العلوم التطبيقية كالكيمياء دون الحاجة لوجود هذه المواد أو حتى المختبرات، وهنا لابد من الإشارة إلى أهمية تقنية الواقع المعزز في الحد من مخاطر التجارب والمختبرات والارتقاء بفاعلية البحث العلمي التجريبي الذي سيساهم بدوره في اكتشافات علمية جديدة، ويعمل على تطوير آليات الاقتصاد المعرفي وازدهار موارده.
وفي ظل الخطى الكبيرة التي تتعاظم في كل يوم نحو اقتصاد المعرفة اتجهت كبرى شركات تكنولوجيا المعلومات والتواصل الاجتماعي إلى تخصيص مبالغ كبيرة لدعم البحوث في مجال الواقع المعزز والاستثمار فيه، وهو ما جعل لكل شركة دور ريادي ومميز في هذا المجال.
فشركة جوجل استثمرت من خلال شركة «Magic Leap» للعمل على ترسيخ مفهوم جديد في الواقع المعزز وهو الواقع السينمائي، وكذلك شركة أبل التي قامت بشراء شركة «Metaio» وطورت متصفح «Junaio» الثلاثي الأبعاد الذي من شأنه إغناء قاعدة بيانات التوجيه، مما يتيح أن يستخدم مستقبلاً كمحرك بحث يشبه جوجل ولكن من خلال نظارات ذكية.
وشركة مايكروسوفت قامت بتصميم نظارات «HoloLens»، وهي ذات استشعار عميق لالتقاط معلومات ثلاثية الأبعاد، وأخيراً كشفت شركة «جوجل» عن جهودها التجريبية لدمج ميزات الواقع المعزز إلى متصفح الويب خاصتها كروم على سطح المكتب والأجهزة المحمولة.
وتؤكد شركة Dell عن قدرات الواقع المعزز AR في تطوير عمليات التجارة مع إمكانية استخدام الحوسبة أثناء أداء المهام وفي أي بيئة عمل مُتاحة عبر الاتصال دائماً بالإنترنت، حيث يمكن للمساعد التقني عن بعد أن يُشارك في أداء المهام عبر الصورة المنقولة مباشرة في الواقع المعزز، ويقدم التوجيهات الإرشادية في وقت عرض الصورة الأصلية نفسه في العالم الحقيقي للمهمة الرئيسية.
مفاد القول إن تقنيات الواقع المعزز ستغير إمكانية تعاملنا وتفاعلنا مع عالم الواقع الافتراضي والعالم الحقيقي الذي نعيشه، وهو الأمر الذي يمكن استخدامه في تطوير أعمال ضخمة عدة عن بعد، وهي الخطوة المستقبلية في تعامل الإنسان مع الحواسيب الذكية. وللحديث بقية.