23 ديسمبر، 2024 6:52 م

الواقع الكوردستاني بين اجندات حزبية ومصالح امة

الواقع الكوردستاني بين اجندات حزبية ومصالح امة

المؤتمر القومي الكوردي ضرورة تاريخية
سابقا كنا نتحدث عن توقعاتنا للمتغيرات التي سوف تطرا على المنطقة , وما يجب ان يكون عليه الموقف الكوردي بشكل عام لاستثمار هذه المتغيرات كي تتوازى مع المصلحة القومية الكوردية ولا تتقاطع معها , وها نحن اليوم دخلنا مرحلة المتغيرات هذه واصبحنا نعيش فصولها دون ان يكون هناك توجه كوردي واضح للوقوف امام هذه المتغيرات والخروج منها بمكاسب سياسية , فلقد دخلت الاحزاب الكوردية (في الاجزاء الثلاثة كوردستان العراق وتركيا وسوريا) المرحلة من بوابة العلاقات الكورديه مع الاخرين في بناء مواقفهم دون اكتراث لاولوية العلاقات الكوردية الكوردية بل واحيانا على حساب الامن القومي الكوردي . لكن رغم ذلك فان دخولنا مرحلة المتغيرات هذه لا تعني استحالة القدرة على اللحاق بها وتعديل اوضاع البيت الكوردي الداخلي كي يكون بمستوى هذه المتغيرات . واول ما يجب علينا الاقرار به هو الاعتراف بان ما نتصور انه الحد الادنى الموجود في العلاقات الكوردية الكوردية ليس بالمستوى المطلوب بل هو ادنى بكثير من السقف الذي يطمح اليه الشعب الكوردي في الاجزاء الاربعة من كوردستان .

فما كان يطمح اليه الشعب الكوردي هو عقد المؤتمر القومي الكوردي الذي اعلن عن امكانية انعقاده قبل ما يقارب السنتين واجل دون تحديد موعد له تحت ضغوط دول مجاورة ثم ليصبح بعد ذلك في طي النسيان بسبب المصالح الحزبية الضيقة رغم ان الاوضاع الخطيرة التي مرت بكوردستان والمنطقة كان يفترض ان تجعل من انعقاده ضرورة ملحة .

كما اسلفنا سابقا فان العلاقات الكوردية الكوردية اصبحت وللاسف تمر عبر بوابة الدول الاقليمية , وهي من تحدد طبيعة هذه العلاقات , في وقت يفترض ان تكون العلاقات الكوردية الكوردية هي من تحدد المواقف النهائية تجاه دول المنطقة سواء كانت تركيا او العراق او سوريا وحتى ايران . وما يؤسف له بحق ان تهرع احزاب حكومة اقليم كوردستان العراق لتصفير مشاكلها مع حكومة بغداد , وان تحاول احزاب كوردستان تركيا التوصل الى اتفاق سلام بينها وبين الحكومة التركية (مع استعداد الطرفان الكورديان لتقديم تنازلات خطيرة امام بغداد وانقرة) , بينما يتخذان مواقف متصلبة تجاه بعضهما البعض دون مرونة ولا تنازلات قد تكون اكثر جدوى واقل خطورة على الوضع الكوردي العام .

لذلك ومن اجل الابقاء على البقية الباقية من العلاقات الكورديه الكوردية ولكي نتمكن من اللحاق بالمتغيرات المتسارعة على الساحة الاقليمية فقد اصبح من الضروري الاسراع بعقد المؤتمر القومي الكوردي والعمل بجدية وفق النقاط المبينة ادناه ليكون المؤتمر فاعلا ومثمرا : –

1- تشكيل لجان مشرفة على المؤتمر تكون وظيفتها تحديد الخطوط العريضة للمعوقات التي تعرقل العمل الكوردي المشترك واختزالها الى نقاط محددة يجري النقاش عليها في المؤتمر .

2- التوصل الى حقيقة مراعاة المصالح الحزبية للاطراف الكوردستانية شرط ان تنتهي حدود هذه المصالح عند حدود مصالح الشعب الكوردي وحقوقه .

3- الخروج من الخطاب الاعلامي والتقية السياسية التي يلجا اليها هذا الحزب او ذاك , والدخول في حوار صريح ومفتوح حول محاولة كل حزب كوردستاني الحفاظ على مصالحه في الاجزاء الاخرى من كوردستان خاصة في كوردستان سوريا وايران .

4- ضرورة ادراك الاطراف الكوردستانية بان التخمة الحزبية الموجودة في اجزائها الاربع لن تدع مجالا لنشوء احزاب كوردستانية جديدة في ضل هذا الوضع الاقليمي المتشنج , وعليه فالساحة مفتوحة امامها للتوصل الى حلول بعيدة المدى وتحالفات ستراتيجية تراعي مصالح كل طرف دون ان تكون على حساب الامن القومي الكوردي .

5- الاقرار بعدم امكانية أي طرف كوردي الاستفراد بساحة أي جزء من كوردستان , حيث ان الوضع الاقليمي وعلاقات الاحزاب الكوردستانية مع الدول التي تضم احزاء من كوردستان يفتح المجال واسعا للدفع ببعض الاحزاب الكوردية للتوسع على حساب الاحزاب الاخرى , ولمنع هذه التدخلات الاقليمية في الوضع الكوردي ينبغي على الاحزاب الكوردية التفاهم المشترك حول هذه النقطة بعيدا عن المثاليات السياسية , فالاقرار بان هناك مصالح حزبية تتحكم بالعمل السياسي هي بداية لحل هذه المعضلة .

6- ,ان التناقضات السياسية الموجودة بين دول المنطقة تجعل من السهولة على الاطراف الكوردية التحرك من خلالها بما يصب في مصالحها القومية ,

7- الكف عن توطيد العلاقات مع دول المنطقة وجعلها على حساب العلاقات الكوردية الكوردية , مما يعقد الوضع الكوردي اكثر مما يساعده .

8- اتفاق ملزم بين الاحزاب الكوردستانية بعدم الانخراط في الصراع المذهبي الحالي في المنطقة , فسلبيات الدخول في هذه المعمعة هي اكثر من ايجابياتها حتى لو وجدت مصالح وقتية للوقوف مع احد المعسكرين .

9- الاحزاب الكوردستانية مطالبة لادراك ان الشعب الكوردي واعي لمشروعية حقوق هذه الاحزاب في التنفس من رئتين كوردستانيتين او اكثر بدلا من رئة واحدة , لايمانه بان كوردستان الكبرى هي ارض لكل الكورد حتى وان كانت على دول متعددة , لكن دون ان يكون هذا التنفس على حساب المصالح القومية للكورد والا فان هذا الشعب لن يقف مكتوف الايدي امام من يتلاعبون بمصيره .

10- وجوب تخلي الاحزاب الكوردية التي لا تزال تمارس حرب عصابات في نضالها عن التنظير الثوري و المراهقة الثورية التي يميز خطابها , و ترتيب اوراقها حسب الواقع الملموس والامكانيات المتاحة امامها بعيدا عن الافراط في الخيالية بما يتلائم والوضع الكوردي العام .

نؤمن تماما بان الفرص المتاحة امام الاحزاب الكوردستانية في الاجزاء الاربعة من كوردستان تفوق التوقعات اذا تمكنت من ترتيب البيت الداخلي الكوردي لجعل تطورات المنطقة تصب في صالح القضية الكوردية , والانطلاق من خلالها للتاثير والضغط على حكومات المنطقة والمجتمع الدولي لحل اشكالية الوضع الكوردي بدلا من اضاعة الوقت في تحالفات مؤقتة مع دول المنطقة لتكون في النهاية على حساب القضية الكوردية بشكل عام .