18 ديسمبر، 2024 7:48 م

الواقع السياسي في العراق…من يفكّ شفرته؟

الواقع السياسي في العراق…من يفكّ شفرته؟

خلف كواليس السياسة ومع إقتراب موعد الإنتخابات البرلمانية في العراق، تُبرهن الوقائع السلطوية ذات التكرار الممل إن المنظومة السياسية ليست على نسق واحد، وإنما فِرق مشتتة كل منهم ينظر إلى الآخر بعين الإرتياب والإهتمام بمصالحه التي تتقدم حتى على مصالح الشعب، والمفارقة في هذه اللعبة إن الطائفة والمكون الواحد لم يعد يجمع المتحالفين.

تعدد الزعامات ورغبة كل منهم للوصول إلى رأس السلطة التي توزعت حسب نظام المحاصصة يجعل من الصعوبة التوافق للسعي في الوصول إلى تنظيم سياسي مستقر، يتقدمهم في التشظّي الإطار التنسيقي الحاكم الذي يبدو أنه سيكون آخر نسخة للتحالف الشيعي لخوض الإنتخابات، بعد أن أفرزت أولى تلك الأزمات والصراع على الحكومات المحلية في ديالى وكركوك وإستمرار أزمة إختيار رئيس البرلمان خليطاً من التوجهات غير المتجانسة التي تزيد من حدة التوحش على السلطة.

قد تكون العبرة من الحديث عن ذلك التحالف الذي سجّل مفاجأة من العيار الثقيل في عالم السياسة المضطرب بالعراق حين دشّن محمد الحلبوسي رئيس البرلمان السابق تحالفاً مع بافل طالباني رئيس الإتحاد الوطني الكردستاني وقيس الخزعلي أمين عام حركة عصائب أهل الحق وريان الكلداني رئيس حركة بابليون في تحالف بات يُعرف بمحور الشباب، وهو تحالف إعتبرته بعض المصادر محاولة للحلبوسي للتقرب من الطرف الحليف لإيران للعودة إلى منصب رئيس البرلمان مرة أخرى.

ويبدو إن تلك القوى بدأت تشعر بخطر قادم خصوصاً مع صعود إسم جديد لم يكن يُحسب له حساب على الساحة السياسية الشيعية وهو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني محاطاً بمجموعة من الشخصيات السياسية التي إنسلخت عن الإطار التنسيقي بحثاً عن عالم جديد في الخارطة السياسية.

خطيئة الإطار التنسيقي إنها لم تحسب حساباً لرغبة السوداني بولاية ثانية ونست أو تناست أن تُقيّده بشروط تمنعه من الترشح حين إعتقدت أنه سيكون مثل سابقه مصطفى الكاظمي الذي كان ورقة مرور آمن للسلطة إلى بر الأمان في أحداث تشرين 2019.

تحديات المرحلة التي كانت حواجز لإختبار عبور السوداني إلى بر الأمان كانت مثالاً صارخاً إن البيئة الملوثة يصعب أن تنبت فيها شجرة مثمرة، لذلك كانت سرقة القرن الإمتحان الأول الذي أظهر ضعف السلطة التنفيذية في مواجهة نفوذ حيتان الفساد.

لم تكن هذه هي الصدمة الوحيدة في عمر الحكومة، تبعتها هزات متتالية أحدثت شرخاً بين الشركاء كانت منها قضية التجسس في مكتب رئيس الوزراء عن شخصيات سياسية وبرلمانية نافذة لازال التحقيق يكشف مزيداً من أسرارها تباعاً وآخرها قضية إتهام رئيس هيئة النزاهة بالرشى والتربّح من الوظيفة في صورة محترقة نتيجة الخصام بين الشركاء السياسيين، أو ضحية من ضحايا النظام السياسي الذي يلتهم كبيره الصغير.

هل إقترب حلم الولاية الثانية للسوداني أم إبتعد؟.

تتحدث مصادر إن تلك الهزات السياسية كان الأقرب لنتائجها هو إقالة الحكومة، لكن ما كان يخفف الأثر هو إن الإقالة ستزيد من المأزق السياسي خصوصاً مع خلو منصب رئيس البرلمان يضاف إليه إفراغ منصب رئيس الحكومة، مما يضع العراق في حرج سياسي قد لا يجعله يستطيع الخروج من ذلك النفق المغلق، وهي من الضرورات التي دعت قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني إلى زيارة خاطفة للعراق لترطيب الأجواء ومنع الإقالة ومعها العملية السياسية لذلك تم الإتفاق على تطويق الأزمة لحين الوصول إلى الإنتخابات البرلمانية أو إنتخابات مبكرة كما تطالب به بعض القوى السياسية للتخلص من هذا المأزق السياسي ولتحييد طموحات السوداني بولاية ثانية يتقدمهم في مطلب الانتخابات المبكرة نوري المالكي الذي تعتبره بعض المصادر مغازلة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر للدخول في تحالف واحد، وهي فكرة قد تدخل من باب “الأحلام” أو الصعبة في عقد مثل تلك التحالفات بين متضادين.

لن يكون العراق بعيداً عن سيناريوهات المنطقة التي تغلي على صفيح ساخن، مما يجعل هذا البلد كالأواني المستطرقة في التأثير السياسي، بمعنى إن إستقراره يعتمد على نسب إزدياد أو إنخفاض التوتر في المنطقة وهو ما يجعل العراق قد دخل مجبراً في صراع إقليمي قد يطيح بنظامه السياسي وذلك هو الجهل السياسي.