تابعت الأستجواب الذي أجراه النائب شيروان الوائلي عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي عن كتلة دولة القانون مع أمين بغداد صابر العيساوي وجملة الأسئلة والمراجعات والبيانات التي أصابت العراقيين بالصدمة والخيبة لحجم الهدر الذي يحصل للمال العراقي في فساد أداري ومالي وأجرائي ليس له مثيلأ في أكثر الدول اشتهارا بالفساد وسلوك العصابات والمافيات السياسية والتجارية بهدف سرقة المال العام بأطار مشاريع وهمية أو هوائية تحت أغطية سياسية وقانونية مزيفة .
أطلت الفاجعة برأسها حين توالت الأرقام عن مئات الملايين من الدولارات تهدر على تجميل شارع المطار ، تجميل وليس تعبيد او بناء ..!فهذا الشارع بني في عهد النظام المقبور وهو افضل من كل الطرق في بغداد ولم يزل ..! او تحلية شارع القناة وهو شارع لايمثل أهمية سياحية ..! في عاصمة تعاني من انهيارات حقيقية في البنى التحتية مثل الماء والمجاري وتعبيد الشوارع ورفع النفايات وانشاء المرافق الحيوية بشروطها الصحية التي يحتاجها المواطن العراقي الذي صار موضع انظار العالم كونه يعيش في أسوء مدينة في العالم حسب تقرير مؤسسة { ميرسو } الدولية ..!؟
في حساب بسيط نكتشف ان ماصرف بهذين المشروعين الثانويين البائسين نحو 300 مليون دولار وبجردة حساب سريعة نقول كان بمستطاع الحكومة ان تشيد نحو ستة آلاف منزل ببناء جيد حسب ماتعلن شركات الاستثمار حاليا ، وتنهي أزمة ستة آلاف عائلة تعاني التشرد والحرمان من السكن ..! اما كان أجدر من بناء {نافورات } في شارع القناة ..؟
في وقت سابق كتبت عن مستوى الاهمال والخراب الذي حل ببغداد وانشغال الامانة بمشاريع ليست ذات مساس بحياة الناس واحتياجاتهم الحياتية والصحية وخرجنا بجولة حرة برفقة الاخ العيساوي وكان يشاهد النفايات والشوارع المتكسرة والمياه الآسنة تغطي بعض الاماكن والاحياء جراء انسداد المجاري ، وكنا وقتها في فصل الصيف ، وقد اوعدنا الامين بتصحيح ذلك ومعاقبة المقصرين ، وها نحن نشاهد بعد سنتين من ذلك التاريخ عن مشاريع لاتغني ولاتسمن وانما هي غطاء لهدر المال العام وتعبير عن عجز حقيقي في خبرة الامانة وكفاءتها في معرفة واقع الحال لمدينة بغداد واحتياجاتها الأساسية .
أشد على يد النائب شيروان الوائلي وشجاعته في اكتشاف واحدة من مستعمرات الفساد الاداري في الدولة العراقية والابتعاد عن المجاملة في الدفاع عن المال العام ولاأخفي سروري بقيام نائب عن مدينة الناصرية في الدفاع عن مدينة بغداد وحقوقها وأهلها وهي سابقة أولى تحدث في عمل المجلس بعد ان صمت نواب بغداد عن أهمال مدينتهم وذهبوا بأتجاه المجاملات والصفقات السياسية والمالية ، وبهذا فأن النائب الوائلي وقبله النائبة حنان الفتلاوي لم يتواريا عن الظهور بموقف حازم في التصدي لكبار المسؤولين واستجوابهم حرصا على المال العام وحقوق الشعب التي تنهب من قبل الحيتان الكبيرة التي تسيطر على السلطة والعقود والمال وهي المسؤولة عن الفساد والخراب الذي حل بالوطن وهدر المليارات من الدولارات دون تحقيق انجازات تليق بصبر وتضحيات المواطن المحروم .
ان مجلس النواب مدعو اليوم أكثر من اي وقت مضى الى التشديد بموضوع الاستجواب وان يقوم على الاخلاص لقضايا الوطن والناس وماوجدناه من فساد في مشاريع الأمانة سنجد نظيرا له في بقية الوزارات والمؤسسات ، وعلى مجلس الوزراء الموقر ان يأخذ العبرة من هذه الاستجوابات التي تضع أمامه حقائق أخرى غير ماتعلنها هذه الوزارات ودوائرها من ادعاءات او مظاهر أعلامية تزوق لهذا او ذاك من المسؤولين وتظهره بمظهر {البطل } و{ المخلص } و {النزيه } فهذا نمط من فساد اعلامي وبعضه مغطى بالمال العام .