ابتداءً لابد من الاعتراف بالصعوبات التي تجابهها الهيئة وموظفيها في ضوء تفشي آفة الفساد في جميع مؤسسات الدولة من اعلاها الى ادناها حتى احتل العراق ومن دون منازع مرتبة الدولة الاولى في الفساد ، ومع ذلك فان هذا لايعفيها من اداء مهامها الخطيرة والجسيمة التي حددتها هي ( اي الكمارك ) بشقين اسمت الاول ستراتيجي واطلقت على الثاني هدف اقتصادي واجتماعي .. وبصراحة لاندري كم حققت الهيئة من اهدافها اذا علمنا ان كثيراً من موظفي الحكومة يحلمون بالعمل فيها لكي يحصلوا باقل من سنة على قصور فارهة وسيارات اخر المواصفات وموارد لاحدود لها يقال دفاتر دولارات اسبوعيا وليس شهريا ؟!!. ما نقوله ليس من باب التجني ولا المبالغة فيكفي ان يلاجظ المرء او ينتبه الى التغيير الكبير والطاريء على المستوى المعيشي لعدد غير قليل من موظفي الهيثة العامة للكمارك .وكلنا يتذكر الشكاوى التي كان يطلقها سواق الشاحنات المحملة بالبضائع عند نقاط السيطرة وانتظارهم ايام طويلة لانجاز معاملاتهم ودفعهم مبالغ كبيرة لتسهيل مرورهم وهو ما جعل رئيس لجنة الدفاع النيابية حاكم الزاملي يزور بعض هذه السيطرات ومن ثم محاولة وضع المعالجات للحد من حالات الفساد التي يعرف الجميع انها تمارس من قبل شخصيات سياسية نافذة وقادة عصابات اتخذوا من الحشد الشعبي ومهمته الشريفة والمقدسة وتضحيات عناصره غطاء لجرائم فسادهم!
في الاونة الاخيرة تم الغاء عمل الكمارك في السيطرات وحصر عملها في اماكن محددة كاجراء وقائي ضد الفساد ، غير ان هذا بحسب رأينا المتواضع لا ولن يحقق شيئا فالموظف هو نفس الموظف وعملية الحد ،ولا اقول انهاء الفساد ، لا تتحقق لمجرد نقلها من السيطرات الى سواها ما يعني اهمية ايجاد الية اخرى تنصف موظف الكمارك وتحصنه وتنصف التاجر وسائق الشاحنة وهما ما زالا يدفعان للسيطرات .. ولانعلم كيف فات من قدم هذا المقترح انهم بهذا لم يتقدموا خطوة بل كل مافعلوه انهم غيروا المكان الذي يمارس فيه الفساد !
لانملك تصور عن الالية التي يمكن لها ان تحد من الفساد وهو قديم لكنه توسع غير ان ما نحن واثقون منه ان ما يحصل يضر الاقتصاد الوطني ويتقاطع مع اهداف الهيئة النبيلة وهو ما يتطلب ليس سن قانون سيبقى حبر على ورق اذا لم تصاحبه اجراءات رادعة من جهة واخرى محفزة ومحصنة للموظف .
وبصراحة فان تنفيذ هدف الهيئة العامة للكمارك الاقتصادي والاجتماعي صعب التحقيق بسبب الفساد كما قلنا والخوف من الميليشيات اولا والتخبط الاقتصادي بل عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة ومحددة للحكومة ثانيا . وعلى سبيل المثال وليس الحصر فان احد الاهداف هو حماية الصناعة الوطنية ووضع تعريفة كمركية مرتفعة على البضائع والسلع المستوردة ولكن هل يمكن تحقيق ذلك في اطار السوق المنفلت وليس المفتوح الذي ادى الى غلق المصانع العراقية ابوابها وتسريح الاف العمال منها .. سوق منفلتة جعلت من منتجات الالبان و( الموطا ) وكل بضاعة صغيرة وكبيرة رديئة الصنع ومن مناشيء مشبوهة تغرق اسواقنا المحلية فاي صناعة وطنية يمكن ان تقاوم هذا المد العارم من الفوضى وعدم التخطيط ؟!
موضوع الكمارك معقد ومتشعب ويحتاج الى اكثر من مقال واختتم ما كتبت بحديث لاحد سواق الشاحنات التقيته في احدى المناسبات الاجتماعية قبل اربعة اشهر تقريبا حيث قال ( اوقفني احد موظفي الكمارك في السيطرة فاخبرته ان البضاعة تعود لحجي … فلم يكترث وقال القانون قانون فاتصلت بالحاج الذي وجهني بالدخول الى مدير النقطة الكمركية الذي تسمر بمكانه واخذ يعتذر حال سماعه باسم الحجي .. ) ولكم ان تعرفوا بعد هذا ما يتطلب عمل الكمارك من جهود .